السويد: وزير مسلم يستقيل بعد انتقادات لموقفه من إسرائيل

18 ابريل 2016
انتقاد إسرائيل يتسبب في استقالة وزير مسلم بالسويد (الأناضول)
+ الخط -
أجبر وزير الإسكان السويدي، محمد قبلان، على الاستقالة، بعد أن أثار الكشف عن تصريحات سابقة  في 2009 حول الممارسات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين، ضجة كبيرة. وقارن قبلان في تصريحاته، بين ممارسات دولة الاحتلال الإسرائيلي بممارسات النازية بحق اليهود في ثلاثينات القرن الماضي.

وأعلن رئيس الوزراء، ستيفان لوفين، في مؤتمر صحفي ظهر اليوم، عن استلامه استقالة الوزير قبلان، وقبوله بها.

وينتمي قبلان إلى حزب "البيئة الخضر"، وقد أثارت قضية تصريحاته عاصفة من الانتقادات الإعلامية والسياسية، حين استغل بعض أعضاء التحالف الحاكم ما سموه "تفوهات معادية للسامية" وعلاقات "مشبوهة مع جماعات تركية يمينية متطرفة".

ووفقا لما قاله رئيس الوزراء السويدي، فإن الوزير قبلان "قيّم بنفسه عدم إمكانية قيامه بواجباته كوزير. لقد أخذت علما بأن الوزير هو رجل يؤمن بالقيم الديمقراطية. وعلى الوزير أن يمثل السويد بدون أن يثير شكوكا حول ذلك".

وقال الوزير المستقيل إنه لا يتفق مع "الضجة الكبيرة التي افتعلت بسبب صيامي في رمضان السابق، وإفطاري مع أحد ممثلي الجالية التركية، الذي يقال إنه من جماعة اليمين المتطرف التركية. هذا الربط بين ذلك وما قلته عن مقارنتي لأفعال إسرائيل بالنازية ووظيفتي كوزير مرفوضة".


وردّد قبلان رفضه "لكل أنواع التطرف" في مؤتمر صحفي، حيث قال: "أرفض كل أشكال التطرف. الإيديولوجية الخضراء هي من أجل السلام، والتعددية والتضامن العالمي. تلك هي قيمي. ودعوني أوضح بأن المعلومات التي سيقت بحقي ليست مثبتة، وما جرى أراه خطأ. أعرف من أكون، ولهذا السبب أستقيل. لكنني مصمّم على استمرار نشاطي، وخصوصاً مع شعوري بدعم حزبي لي".

وباستقالة قبلان تخف حالة الضغط السياسي الذي وضع فيها يسار الوسط منذ الكشف عن تلك المواقف، والتي استغلها اليمين المتشدد بشكل كبير. 

ومنذ الجمعة، كانت الأطراف تتوقع بأن تمر الزوبعة باعتذار قبلان، لكن يبدو أن الضغوط الكبيرة أدت في النهاية إلى قرار الاستقالة "بالإكراه". ولم يكن من الممكن تجنب انتقادات شخصيات بارزة في "الحزب الاجتماعي الديمقراطي"، الذي يقود الحكومة، وخصوصا مونا ساهلين، وزيرة الخارجية السابقة، والحالية مارغوت فالستروم، وغيرهما من الشخصيات التي نددت بشدة بتصريحات كابلان عن إسرائيل ومقارنة أفعالها بالنازية.

وحتى لا يظهر الأمر وكأنه إقالة، أكد رئيس الوزراء أن "كل ما جرى (من استقالة) هو بمبادرة من الوزير قبلان، وقد جرى حوار حول ذلك في نهاية الأسبوع". لكن مراقبين ومحللين سويديين يرون أنه "لم يكن أمام الرجلين من خيارات أخرى أمام الضغوط الكبيرة التي مورست عليه إعلاميا وسياسيا، علما أن الحكومة بحاجة إلى حالة الانسجام والهدوء في ظل مشاكل جمة تواجهها"، وخصوصا أزمة السكن والبطالة وأزمة اللاجئين في البلاد.

ويبدو أن لوفين كان يحتاج، مع ائتلافه الحكومي، لاستعادة الثقة، مع تقدم اليمين المتشدد في استطلاعات الرأي واستغلاله لكل هفوة يقدم عليها يسار الوسط. وكان بالفعل هذا اليمين يخطط لطرح حجب الثقة عن الحكومة لو استبقت الوزير محمد قبلان في منصبه.

ولن تكون الاستقالة نهاية متاعب قبلان، فبعض دوائر اليمين واللوبيات الإسرائيلية تخطط لفتح "ملف دعم الوزير للإرهاب"، وذلك وفقا لما تناقلته وسائل الإعلام المحلية. وبهذه الطريقة يأمل هؤلاء إنهاء حياته السياسية وإمكانية الاستمرار في حزبه.

يذكر أن سبب هذه الزوبعة السياسية ما قاله الوزير في 2009، حين كان ضيفا على ندوة حول الإسلاموفوبيا، بثتها قناة تلفزيونية صومالية، Somaliland Star TV، حيث انتقد ممارسات إسرائيل بعد عدوان على غزة بقوله: "أجد نفسي مضطراً لإجراء مقارنة تاريخية. الإسلاموفوبيا ليست جديدة. لقد واجه اليهود هذه الظاهرة. في ثلاثينات القرن الماضي، وفي الفترة النازية، جرت ملاحقة البشر المختلفين عن الألمان، وكانوا دائما تحت ضغط شرح أسباب أن حياتهم مختلفة كأقليات. اليوم إسرائيل تعامل الفلسطينيين بالطريقة ذاتها التي عومل بها اليهود في الثلاثينات".

وبالرغم من أن الوزير أرسل رسالة، عبر البريد الإلكتروني، للصحف يؤكد فيها أنه يتأسف لطريقة عرض وفهم البعض لتصريحه، "فأنا لم أقلل من شأن الهولوكوست، ولا أردت أن ينشأ نزاع من وراء ذلك، معاداة السامية أراها خطرة على المجتمع"، فإن كل محاولاته لم تنفع، بحيث استنفرت اللوبيات، ووصل الأمر إلى حد اتهام السفير الإسرائيلي، إسحاق باخمان، عبر رسالة إلى صحيفة "Expressen"، لقبلان بمعاداة السامية، مطالباً بـ"تدخل الحكومة السويدية"، ومشدداً على أنه "لا يمكن مقارنة جرائم الإبادة بحق الدفاع عن النفس"، حسب زعمه.

ولم تتوقف سهام الانتقادات والاتهامات بـ"معاداة السامية" في حدود التناول الصحافي والسفير الإسرائيلي، بل توسعت لتشمل نقداً حاداً من رئيس الوزراء، ستيفان لوفين، ووزراء من يسار الوسط، وأعضاء برلمان من اليمين واليمين المتطرف.

ومن منتقدي كلام قبلان السياسي يوناثان ليمان، الذي صرح بأن كلام الوزير السويدي "لا يجوز، ولا يمكن مقارنة ألمانيا النازية بإسرائيل باستخدام شعارات معاداة السامية".

وزيرة الخارجية السابقة، مونا ساهلين، التي انتقدت ممارسات الاحتلال في أكثر من مناسبة، وترأس اليوم تنسيق اللجنة الوطنية لمكافحة التشدد، رفضت، بدورها، تلك المقارنة، وانتقدت بشكل لاذع الوزير، معتبرة أن تلك التصريحات "تؤجج التطرف"، وذكرت أنّ ما أتى على لسان قبلان "شيء فظيع".

من ناحيتها، لم تتأخر وزيرة الخارجية، مارغوت فالستروم، في توجيه النقد لزميلها، رغم أنها تعرضت، في أكثر من مناسبة، لانتقادات من قبل اللوبيات المؤيدة لدولة الاحتلال، بسبب تصريحاتها المنتقدة لها، والتي تربط بين ما تسميه "الإرهاب والاحتلال"، إلا أنها قالت، للإذاعة السويدية: "أعتقد بأنه شيء فظيع هذا التصريح الذي أرفضه وأندد به". وحين سئلت عن رأيها بما يجب فعله، قالت: "ذلك عائد لرئيس الوزراء ليقرر".

وزيرة البيئة والمناخ، أوسا رومسون، غردت خارج السرب، حين دافعت عن الوزير قبلان في المسألة المتعلقة بعلاقته مع أعضاء منظمات تركية بالقول: "هو لا علاقة له بما يسمى الذئاب الرمادية"، في رد على انتقادات قبوله العشاء مع أعضاء تلك الجمعية التركية التي توصف باليمين المتطرف في السويد. 

وزير العدل مورغان يوهانسون طالب قبلان، من جهته، بأن يندد بتلك التنظيمات، "فالذئاب الرمادية تنظيم مرفوض. ويجب أن يكون هناك حزم أكبر لناحية من يلتقي الوزير".