ليست حادثة استهداف منزل ومقتل من فيه واصابة آخرين بمنطقة الفرناج، وسط العاصمة طرابلس، ليل أمس الإثنين، أولى الانتهاكات التي يقترفها اللواء المتقاعد خليفة حفتر وقواته، توازيها تنديدات واستنكارات واسعة محلياً ودولياً، من دون أن تُحال إلى المحاكم أو تُفتح بشأنها تحقيقات.
وتسبّب استهداف طيران حفتر لمنزل أحد المواطنين بمنطقة الفرناج في مقتل ثلاثة أطفال من عائلة واحدة، وإصابة ثمانية آخرين، بحسب بيان وزارة الصحة التابعة لحكومة الوفاق منتصف ليل أمس الاثنين. وأكد الطبيب بقسم الإسعاف بمستشفى طرابلس الطبي، فوزي مروان، لـ"العربي الجديد" أن "غالبية الحالات المصابة لا تزال تتلقى العلاج حتى ساعات هذا الصباح"، مشيراً إلى أن حالة الأم التي قُتلت بناتها الثلاث "لا تزال سيئة".
وبعد سلسلة من البيانات الداخلية لإدانة الحادثة، بدأت ببيان للمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق دان خلاله الحادثة، وحمّل البعثة الأممية في ليبيا المسؤولية الكاملة إزاء حماية المدنيين وفقاً لقرارات مجلس الأمن الدولي، مطالباً في الوقت نفسه المنظمات الحقوقية والإنسانية بتوثيق هذه الجرائم التي تنتهك القانون الإنساني، وصفت وزارة الداخلية بالحكومة الحادثة بـ"الجريمة"، مؤكدة أنها "تندرج ضمن أفعال قوات حفتر الإرهابية وتُعدّ ضمن جرائم حرب، وانتهاكاً للقوانين والمواثيق والأعراف الدولية، أمام مرأى بعثة الأمم المتحدة".
بدورها، أعلنت وزارة العدل في الحكومة أن فريقها بدأ في رصد وتوثيق الجريمة وإضافتها إلى "سجل جرائم حفتر"، مؤكدة أنها "لن تتوانى عن تقديم الجناة لمحكمة العدل الدولية".
اقــرأ أيضاً
وطالبت وزارة الخارجية بدورها "مجلس الأمن باتخاذ قرار رادع لحفتر"، إذ أكد وزير الخارجية، محمد سيالة، في رسالة وجهها إلى مجلس الأمن ونشرت على موقع الوزارة ليل أمس الاثنين، "أن أي يوم يمرّ من دون اتخاذ المجلس قراراً حازماً لردع المعتدي ولجمه، سيؤدي إلى عواقب لا تحمد عقباها وكوارث إنسانية تطاول المنطقة كلها".
أمّا البعثة الأممية، فأكدت في بيان أنّ تقاريرها تفيد بأن الطائرة التي قصفت بين المدنيين بحي الفرناج "تابعة لحفتر"، وهدّدت بالقول: "لن نقف مكتوفي الأيدي ونتفرج على جرائم الحرب".
لكن تلك البيانات لا تتجاوز حدّ الإدانة والاستنكار، من دون أن تتحول إلى اتخاذ إجراءات عملية. ويعزو عبد الباسط بومهارة، الخبير القانوني الليبي، الأمر إلى "ضعف أداء حكومة الوفاق"، مشيراً إلى أن وزارة العدل تتحدث، منذ إبريل/نيسان الماضي، عن تقديم الأدلة لمحكمة الجنايات، ولكن لم يحدث شيء.
ويرى بومهارة في حديثه لــ"العربي الجديد"، أن "المواقف من مثل هذه الجرائم لن يتخذها المجتمع المدني، ما لم تكن هناك أهداف أخرى من ورائها، كما حدث في قرار 1970 ضد القذافي الذي كانت دول عدة تعتزم إزالته عن سدة الحكم، فبادرت إلى إصدار قرار حماية المدنيين، لكن في مثل هذه الحالة من الانقسام السياسي والاستقطاب الحاد في ليبيا، يتوجب على حكومة الوفاق التحرك"، على حدّ قوله.
ويضيف الخبير القانوني: "حتى الآن وُثّقت أكثر من 20 جريمة بحق المدنيين، وهي ثابتة بأنها جرائم حرب ولكن لم نسمع صوتاً لمحكمة الجنايات، والسبب أن الحكومة لم تتقدم بشيء، ولذلك، من غير المعقول أن ننتظر (المبعوث الأممي الخاص إلى ليبيا غسان) سلامة وبعثته للتحدث والحكومة في صمت"، مشيراً إلى أنّ اتهام الحكومة للمجتمع الدولي بـ"الصمت أمر ينطبق عليها في الحقيقة، لا المجتمع الدولي".
اقــرأ أيضاً
لكنّ المحلل السياسي الليبي، سعيد الجواشي، يرى من جانبه أن تقديم حفتر للمحاكمة الدولية قرار يملكه حلفاؤه، وسيدخل قفص المحاكمة إذا لم يحقق لهم أهدافهم وتخلوا عنه، مؤكداً أنهم من يقدمون له الحماية في كل مكان.
وأشار الجواشي في حديثه إلى "العربي الجديد"، إلى أن "جريمة الفرناج ليست الأولى، فالتقارير الدولية، بما فيها تقارير الأمم المتحدة، متأكدة من اقترافه جرائم حرب في بنغازي ودرنة والجنوب، ومنذ وقت قريب جداً قُتل أكثر من 42 مدنياً في مرزق في قصف جوي، ولم يُسمّ اسمه حتى، فالأمر متعلق بأجندات دول تدعمه في ليبيا"، لافتاً إلى أن محكمة الجنايات طلبت منه أن يحقق في جرائم إعدامات من دون محاكمة في بنغازي، على الرغم من أنها تعرف أنه يقود جيشاً غير شرعي، فمن أين له أن يتقيد بالمحاكمة ليعدم على أساسها؟
وأكد الجواشي أن "موقف المجتمع الدولي من حفتر ليس مراوغة بل حقيقة تقف وراءها أهداف سياسية ومصالح، ولن يتم الحديث عن هذه الجرائم إلا إذا عجز عن تحقيق تلك المصالح"، لافتاً إلى أن سجل المحاكم الدولية والأمم المتحدة حافل بأمثلة تشابه وضع حفتر في ليبيا، متسائلاً: "ألم يطلب السراج مباشرة من محكمة الجنايات إرسال فريق للتحقيق؟ ثم أين وصلت القضية التي رُفعت في أميركا والتي تطالب بالتحقيق مع حفتر كونه يحمل الجنسية الأميركية"؟
ويُقرّ الجواشي بقصور حكومة الوفاق من جانبها، قائلاً: "من جانب يثبت قادة قواتها أن الطائرة التي قصفت الفرناج طائرة إماراتية، ومن جانب آخر لا تزال الحكومة تغض الطرف عن الإمارات التي لم تخفِ وجودها في صفوف حفتر"، معتبراً أن "أولى المواقف في طريق الضغط على الموقف الدولي من حفتر اتخاذ الحكومة مواقف علنية وصريحة من داعمي حفتر الذين يقدمون له الحماية، ويقنعون العواصم الكبرى بإمكانية أن يحقق لهم مصالحهم".
وبعد سلسلة من البيانات الداخلية لإدانة الحادثة، بدأت ببيان للمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق دان خلاله الحادثة، وحمّل البعثة الأممية في ليبيا المسؤولية الكاملة إزاء حماية المدنيين وفقاً لقرارات مجلس الأمن الدولي، مطالباً في الوقت نفسه المنظمات الحقوقية والإنسانية بتوثيق هذه الجرائم التي تنتهك القانون الإنساني، وصفت وزارة الداخلية بالحكومة الحادثة بـ"الجريمة"، مؤكدة أنها "تندرج ضمن أفعال قوات حفتر الإرهابية وتُعدّ ضمن جرائم حرب، وانتهاكاً للقوانين والمواثيق والأعراف الدولية، أمام مرأى بعثة الأمم المتحدة".
بدورها، أعلنت وزارة العدل في الحكومة أن فريقها بدأ في رصد وتوثيق الجريمة وإضافتها إلى "سجل جرائم حفتر"، مؤكدة أنها "لن تتوانى عن تقديم الجناة لمحكمة العدل الدولية".
وطالبت وزارة الخارجية بدورها "مجلس الأمن باتخاذ قرار رادع لحفتر"، إذ أكد وزير الخارجية، محمد سيالة، في رسالة وجهها إلى مجلس الأمن ونشرت على موقع الوزارة ليل أمس الاثنين، "أن أي يوم يمرّ من دون اتخاذ المجلس قراراً حازماً لردع المعتدي ولجمه، سيؤدي إلى عواقب لا تحمد عقباها وكوارث إنسانية تطاول المنطقة كلها".
أمّا البعثة الأممية، فأكدت في بيان أنّ تقاريرها تفيد بأن الطائرة التي قصفت بين المدنيين بحي الفرناج "تابعة لحفتر"، وهدّدت بالقول: "لن نقف مكتوفي الأيدي ونتفرج على جرائم الحرب".
Twitter Post
|
لكن تلك البيانات لا تتجاوز حدّ الإدانة والاستنكار، من دون أن تتحول إلى اتخاذ إجراءات عملية. ويعزو عبد الباسط بومهارة، الخبير القانوني الليبي، الأمر إلى "ضعف أداء حكومة الوفاق"، مشيراً إلى أن وزارة العدل تتحدث، منذ إبريل/نيسان الماضي، عن تقديم الأدلة لمحكمة الجنايات، ولكن لم يحدث شيء.
ويرى بومهارة في حديثه لــ"العربي الجديد"، أن "المواقف من مثل هذه الجرائم لن يتخذها المجتمع المدني، ما لم تكن هناك أهداف أخرى من ورائها، كما حدث في قرار 1970 ضد القذافي الذي كانت دول عدة تعتزم إزالته عن سدة الحكم، فبادرت إلى إصدار قرار حماية المدنيين، لكن في مثل هذه الحالة من الانقسام السياسي والاستقطاب الحاد في ليبيا، يتوجب على حكومة الوفاق التحرك"، على حدّ قوله.
ويضيف الخبير القانوني: "حتى الآن وُثّقت أكثر من 20 جريمة بحق المدنيين، وهي ثابتة بأنها جرائم حرب ولكن لم نسمع صوتاً لمحكمة الجنايات، والسبب أن الحكومة لم تتقدم بشيء، ولذلك، من غير المعقول أن ننتظر (المبعوث الأممي الخاص إلى ليبيا غسان) سلامة وبعثته للتحدث والحكومة في صمت"، مشيراً إلى أنّ اتهام الحكومة للمجتمع الدولي بـ"الصمت أمر ينطبق عليها في الحقيقة، لا المجتمع الدولي".
لكنّ المحلل السياسي الليبي، سعيد الجواشي، يرى من جانبه أن تقديم حفتر للمحاكمة الدولية قرار يملكه حلفاؤه، وسيدخل قفص المحاكمة إذا لم يحقق لهم أهدافهم وتخلوا عنه، مؤكداً أنهم من يقدمون له الحماية في كل مكان.
وأشار الجواشي في حديثه إلى "العربي الجديد"، إلى أن "جريمة الفرناج ليست الأولى، فالتقارير الدولية، بما فيها تقارير الأمم المتحدة، متأكدة من اقترافه جرائم حرب في بنغازي ودرنة والجنوب، ومنذ وقت قريب جداً قُتل أكثر من 42 مدنياً في مرزق في قصف جوي، ولم يُسمّ اسمه حتى، فالأمر متعلق بأجندات دول تدعمه في ليبيا"، لافتاً إلى أن محكمة الجنايات طلبت منه أن يحقق في جرائم إعدامات من دون محاكمة في بنغازي، على الرغم من أنها تعرف أنه يقود جيشاً غير شرعي، فمن أين له أن يتقيد بالمحاكمة ليعدم على أساسها؟
وأكد الجواشي أن "موقف المجتمع الدولي من حفتر ليس مراوغة بل حقيقة تقف وراءها أهداف سياسية ومصالح، ولن يتم الحديث عن هذه الجرائم إلا إذا عجز عن تحقيق تلك المصالح"، لافتاً إلى أن سجل المحاكم الدولية والأمم المتحدة حافل بأمثلة تشابه وضع حفتر في ليبيا، متسائلاً: "ألم يطلب السراج مباشرة من محكمة الجنايات إرسال فريق للتحقيق؟ ثم أين وصلت القضية التي رُفعت في أميركا والتي تطالب بالتحقيق مع حفتر كونه يحمل الجنسية الأميركية"؟
ويُقرّ الجواشي بقصور حكومة الوفاق من جانبها، قائلاً: "من جانب يثبت قادة قواتها أن الطائرة التي قصفت الفرناج طائرة إماراتية، ومن جانب آخر لا تزال الحكومة تغض الطرف عن الإمارات التي لم تخفِ وجودها في صفوف حفتر"، معتبراً أن "أولى المواقف في طريق الضغط على الموقف الدولي من حفتر اتخاذ الحكومة مواقف علنية وصريحة من داعمي حفتر الذين يقدمون له الحماية، ويقنعون العواصم الكبرى بإمكانية أن يحقق لهم مصالحهم".