وفي هذا السياق، قال مسؤول سياسي، لـ "العربي الجديد"، إنّ "أغلب الدوائر الحكومية والوزارات معطلة عن الحياة، إذ إنّ أغلب مسؤوليها مرشحون للانتخابات، وقد تركوا الوزارات بيد أشخاص تابعين لهم من أحزابهم لتسيير العمل فيها، فيما تفرغوا هم لمتابعة حملاتهم الدعائية ومؤتمراتهم الترويجية لبرامجهم الانتخابية"، موضحاً أنّ "ذلك الإجراء تسبّب بخلل كبير وتعطيل لعمل الدوائر بشكل واضح جداً، ما انعكس بشكل سلبي على المواطنين".
وأضاف المسؤول أنّ "المشكلة تكمن في تعطيل مصالح المواطنين، الذين يحتاجون إلى تسيير أعمالهم في الدوائر الحكومية، وحتى غير الخدمية منها، فكل منهم له عمله الخاص الذي لا يستطيع تركه ولا حتى تأجيله"، مشيراً إلى أنّ "جميع الوزراء من دون أي استثناء، هم مرشحون ورؤساء كتل وتحالفات انتخابية، فضلاً عن أنّ الوزراء كسبوا موظفين ورؤساء أقسام ومدراء في دوائرهم، وضموهم إلى كتلهم السياسية، وانشغلوا جميعهم بحملاتهم".
من جهتها، قالت النائبة عن تحالف القوى، غادة الشمري، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الانشغال بالحملات الانتخابية من قبل المسؤولين وما تسبّب به من شلل وتلكؤ واضح في عمل الوزارات الخدمية في البلاد، يدخل في إطار الفساد الإداري في الدوائر العراقية، والذي تسبّب بتعطيل مصالح المواطنين بشكل لا يمكن السكوت عليه"، داعيةً إلى "اتخاذ إجراءات لتسيير عمل الوزارات والدوائر، كأن يتخلّى المسؤول المرشح للانتخابات عن منصبه، أو تمنح صلاحياته لمن ينوب عنه مع بداية الحملة الانتخابية، بحيث لا تترك الدوائر والوزارات من دون عمل". وطالبت الشمري الجهات المسؤولة، بـ"متابعة هذا الملف وعدم إهماله، حفاظاً على حقوق المواطنين، ومحاسبة المقصرين في هذا الجانب".
ولا يستطيع المواطنون تأجيل أعمالهم، خصوصاً في الدوائر التي تمسّ حياتهم بشكل مباشر، فتأخير معاملاتهم إلى أن يتم تشكيل حكومة جديدة، سيتسبب بخسارة كبيرة لهم على المستويات كافة.
وفي السياق نفسه، قال المرشح عن تحالف القرار، عبد الله العيثاوي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنّ "العراق اليوم بدا مشلولاً بشكل واضح، فلا أحد يستطيع أن ينجز معاملة في أي دائرة، وذلك كله مسؤولية الحكومة التي يجب أن تأخذ دورها في متابعة هذا الخلل ومحاسبة المقصرين"، مضيفاً أنّ "إهمال متابعة ومحاسبة المسؤولين المهملين في أداء عملهم، يقع على عاتق تلك الجهات، والحكومة اليوم مشاركة بالفساد الإداري، الذي انتشر وشلّ الدوائر حتى قبل أن تبدأ الحملة الدعائية رسمياً". وأشار العيثاوي إلى أنّ "المعاملات تتكدّس في الدوائر بالمئات، ولا أحد يستطيع أن يتخذ قراراً بشأنها، في ظلّ غياب المسؤولين المباشرين عن إنجازها"، مؤكداً أنّ "المواطنين سيمتنعون عن التصويت للمسؤولين الذين أهملوا عملهم، وذلك سينعكس سلباً على حملاتهم الانتخابية".
ويؤكد مراقبون أنّه لا يوجد قانون يحاسب المسؤولين عن هذا الخلل، إذ إنّ الالتزام بالعمل وعدم ترك الوزارات هو التزام أخلاقي فقط، وعلى المسؤولين أن يحافظوا على ذلك. وهو ما أكّده الخبير في شؤون الانتخابات، همام العزاوي، في حديث لـ"العربي الجديد"، قائلاً إنّه "لا يوجد قانون خاص يحاسب المسؤولين عن الخلل والتقصير والانشغال بحملاتهم الانتخابية حتى وإن أثّرت على عمل الدوائر الرسمية"، مبيناً أنّ "إهمال العمل والانشغال بالحملة الانتخابية لا يتم فقط من قبل الوزراء وما دون، بل حتى من قبل رؤساء الجمهورية والوزراء والبرلمان ونوابهم، فكلهم منشغلون بحملاتهم الدعائية ومقصرون بواجباتهم".
وأكد العزاوي أنّ "هذا التقصير لا يمثّل مخالفة قانونية، ولا توجد جهة تستطيع أن تحاسب المقصّر، والالتزام الوحيد بالعمل وتأدية المسؤولية، أصبح اليوم واجباً أخلاقياً ومهنياً فقط، يعبّر عن سلوك المسؤول"، داعياً المسؤولين إلى "تأدية واجباتهم بالعمل، والاهتمام بمصالح المواطنين وعدم إهمالها".