بن فليس لـ"العربي الجديد": لا حل إلا بانسحاب بوتفليقة

21 مارس 2019
بن فليس: يجب وضع حد لحاشية الرئيس(العربي الجديد)
+ الخط -
مع تسارع التطورات في الجزائر بعدما أسقط الشارع مناورات السلطة مؤكداً رفضه للولاية الخامسة للرئيس عبدالعزيز بوتفليقة ولبقائه في الحكم لأي وقت إضافي، يتحدث رئيس حزب "طلائع الحريات"، رئيس الحكومة الأسبق، علي بن فليس، في مقابلة مع "العربي الجديد"، عن مجمل التطورات، من مناورة المجيء بالأخضر الإبراهيمي، إلى الدعوة لندوة وطنية، وصولاً إلى دور الجيش والمآلات المتوقعة للوضع القائم. إلى نص المقابلة:


ما هو تصورك للخروج من الأزمة في الجزائر اليوم؟
الحل الذي أراه للأزمة الجزائرية بالدرجة الأولى لن يبدأ إلا بعد أن ينسحب الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة من منصب الرئاسة، لأن بقاءه في السلطة لا يسمح بوجود حل. الندوة الوطنية الواردة في رسالة الرئيس، من مهمتها كتابة القوانين والدستور، لكن من هو السيد في الجزائر؟ الشعب قال كلمته بوضوح: لا للعهدة الخامسة ولا لنظام فاسد ولا لوجوه فعلت في الجزائر ما فعلت، وبالتالي الشعب هو الذي يكتب الدستور بممثليه الذين يوكلهم لكتابته، والسيد هو الشعب الجزائري، وأنا ضد الندوة الوطنية المعلنة.

هل وجّه لكم الدبلوماسي الأخضر الإبراهيمي دعوة في سياق مساعي الوساطة، وهو قال إنه ليست لديه أي وظيفة رسمية؟
نحن لم نتلقَ أي دعوة من الإبراهيمي وأنا لم ألتقِ به، وفي الحقيقة لا علاقة لنا بأي مساعٍ تبتعد بنا عن الحل السياسي الحقيقي والجدي للأزمة الراهنة.

حتى بالنسبة لرئيس الحكومة المكلف لم تتلقوا دعوة منه للمشاورات؟

بالنسبة لتشكيل الحكومة، لم نتلقَ استدعاء ولن نقبل أي دعوة منهم، رئيس الحكومة المكلف نور الدين بدوي متسبّب في كوارث ومصائب سياسية وقوانين ظالمة، أولها قانون الانتخابات، وهو مشارك في تزوير الانتخابات (البلدية والنيابية السابقة) وكان مستعداً للقيام بتزوير لصالح العهدة الخامسة. مصيبته الثانية قانون الأحزاب، وهو المتسبّب في التضييق على الأحزاب وفي رفض الاعتراف واعتماد الأحزاب، ولم يكتفِ بذلك، بل حتى الأحزاب المعتمدة والمعترف بها، ضيّق عليها، رافضاً منحها القاعات ومنع التجمّعات والتغطية من الإعلام العمومي. أما القانون الثالث المسؤول عنه، هو قانون الهيئة العليا والمستقلة لمراقبة الانتخابات، فكيف هي عليا ومستقلة بينما لا تتمتع بأي استقلالية؟ في المحصلة نحن ليست لدينا علاقة بالندوة الوطنية، وليست لدينا علاقة بهذه الحكومة التي يرأسها وزير أول، ما فعله بالقوانين هو الإضرار بالشعب.

إذاً ما البديل الذي تطرحونه سواء كقوة سياسية معارضة أو كجزء من كتلة المعارضة السياسية؟
حتى يأتي البديل يجب أن تكون هناك مقدمات وظروف تتهيأ. هناك قوى غير دستورية تستعمل اسم الرئيس، وتستعمل توقيع الرئيس. وحتى تُبعد هذه القوى عن مركز القرار، يجب إنهاء مهام الرئيس والاستقالة من سدة الحكم، وبعدها هذه القوى المسيطرة التي يعرفها الشعب الجزائري، يبعدها عن مراكز القرار. يجب أولاً تخلي الرئيس عن المسؤولية، بسبب المرض، وإذا لم يفعل ذلك لن يكون هناك حل، ومن دون ذلك لن تكون تهدئة، هناك مخارج ولكن أولاً يجب تهدئة الأمور والتي تبدأ بذهاب الرئيس والحكومة والمؤسسات غير الدستورية.


لكن هل هناك اقتراحات وتوافقات بين قوى المعارضة يمكن أن تُطرح؟ حتى الآن كتلة المعارضة لم تقدم بديلها السياسي؟

المعارضة معارضات، أحزاب ونقابات وجمعيات. نحن نحب حرية تحرير الفعل السياسي والمدني، القول إن المعارضة لم تتفاهم أو لم تصل إلى التوافقات السياسية الممكنة طرحٌ غير سليم وكلام غير واقعي، والسلطة تحاول أن تدفع بخطاب يشيطن المعارضة ويجرّمها ويضعها في خانة واحدة مع السلطة نفسها. المعارضة ليست في الحكم ولا تتحمّل مسؤولية إخفاقات السلطة، فهل المعارضة هي التي تطبع النقود بلا مقابل؟ كما أن السلطة تقول إن يداً خارجية هي التي تدفع المعارضة، لكن من يطلب من الخارج التدخّل في الشأن الجزائري، السلطة أم المعارضة؟ إذا كان الشعب ينتقد المعارضة فهذا من حقه، ولكن لا يجب أن نتبنّى خطاب السلطة وشيطنة المعارضة من قِبل السلطة القائمة، التي هي فاسدة وغير ديمقراطية ومغتصبة لإرادة الشعب.

هل تعتبرون زيارات المسؤولين الجزائريين إلى العواصم الغربية تدويلاً للقضية، ومنها مثلاً زيارات نائب رئيس الحكومة رمطان لعمامرة؟
ليست لدي معطيات، أنا رجل دولة ولا أخوض المسائل كما البعض. عندما يتبيّن لي أن هناك شيئاً ما يسيء للجزائر، أقولها جهاراً للشعب الجزائري وأتدخّل، في الوقت الحالي ليست لدي معطيات، لكن ليكن واضحاً أن مسألة التدخّل الأجنبي في الشأن الداخلي للجزائر أمر محسوم بالرفض القاطع والإجماع الوطني على معارضته، لن يسمح أي جزائري، سواء كان حزباً أو مجموعة سياسية أو مواطنين، بأي تدخّل.

كيف ترى موقف الجيش إزاء الأزمة السياسية في البلاد، هل تعتبرون أن الجيش اتخذ الآن موقعه الصحيح؟
أولاً ما هي هوية الجيش؟ هو جيش وطني، وأولاد الشعب هم في الجيش، هم يعيشون مشاكل المواطنين والهموم والصعاب نفسها، وبالتالي لا أتصور أن يكون الجيش في موقف أو موقع يخالف طموحات وإرادة الشعب. الشرطة في مختلف الولايات أعطت أمثلة وصوراً أثلجت صدورنا، والجيش كذلك، وهو جيش وطني وجمهوري وشعبي، ولا ننسى أنه سليل جيش التحرير الوطني، أعطى من صفوفه مليوناً ونصف مليون من الشهداء، ولا أتصور ولا لحظة أن الجيش يستطيع أن يخرج ضد الإرادة الشعبية. وحتى الآن هذا الموقف وهو تحليل موزون ومن قرارات راسخة، وقد سمعنا في التظاهرات في الشارع شعارات "إخوة إخوة الجيش والشعب"، وهذه نعمة كبيرة.

لكن قائد أركان الجيش وصف المتظاهرين في خطاب تمنراست بالمغرر بهم، قبل أن يتراجع عن ذلك، وخطاب كهذا يُحمل على عاتق الجيش؟

أنا لا أحب تشخيص الأشياء، الجيش مكوّن من أبناء الشعب الجزائري ويعيش هموم الشعب ويغار على الجزائر مثلي ومثل كل الجزائريين، ويلبس بذلة رسمية. هل هناك قلق على الحراك؟ الخطر لا يأتي بتاتاً من الشعب، والخطر لا يأتي من المصالح الأمنية ومؤسسة الجيش، ولكن الخطر يأتي من مجموعة من المنتفعين والفاسدين، سيطروا على مركز صنع القرار السياسي، أخذوا مال الدولة والمشاريع الكبيرة الخاصة بالدولة، ويريدون السيطرة على السلطة، ومن هنا جاءت خرافة العهدة الخامسة وتمديد الرابعة. ولهذا يجب وضع حد لقرب هؤلاء من القرار السياسي ومن الرئيس وحاشية الرئيس لمنع الاستيلاء على المال الجزائري. يخطئ من يقول إننا نخاف من الحراك الشعبي، هم أعطوا درساً لفرنسا وللعالم أجمع، فعجلة واحدة لم تُحرق ولم يُكسر زجاج، وهو مثال يحتذى به. الشعب الجزائري هو الذي يقرر، وما زال يقوم بمعجزات أخرى.