وشمل اللقاء كلا من ناتالي لوازو، عن حزب "الجمهورية إلى الأمام"، وجوردان بارديلا عن "التجمع الوطني" وفرانسوا كزافيي بيلامي عن حزب "الجمهوريين" ومانون أوبري عن "فرنسا غير الخاضعة" ويانيك جادو عن الإيكولوجيين، ورافائيل غلوكسمان عن "الحزب الاشتراكي- ساحة عامة"، ونيكولا دوبون إنيان عن "انهضي فرنسا" وبونوا هامون عن "أجيال"، وإيان بروسا، عن الحزب الشيوعي، جان كريستوف لاغارد عن "اتحاد الديمقراطيين المستقلين"، وفرانسوا أسيلينو عن حزب "الاتحاد الشعبي الجمهوري"، وفلوريان فيليبو عن حزب "الوطنيين"، فيما تغيّب جان لاسال، عن حزب "لنقاوم"، وناتالي أرتو عن "كفاح عمالي".
وكم كان مثيرا أن يتحول النقاش، أحيانا، إلى مجابهة بين قوائم، لا يفرق بينها الشيء الكثير، كما هو الحال، مثلا بين قائمة "الحزب الاشتراكي-ساحة عامة" وقائمة الإيكولوجيين وقائمة "أجيال"، وإلى حد ما قائمة "فرنسا غير الخاضعة"، أو ما بين "التجمع الوطني" و"الجمهوريين" و"انهضي فرنسا" و"الوطنيين".
وهذا التقارب بين البرامج تسبب في بعض التوترات، بما معناه أن بعض القوائم تستنسخ برامج قوائم أخرى، أو تقترب منها بشكل مريب.
وكانت الحصيلة أن البرنامج امتد من التاسعة مساء يوم الخميس، إلى ما بعد الثانية عشرة ليلا، وتحدث فيها كل متدخل 12 دقيقة.
وقد أعاد المتدخلون المواقف المعروفة عنهم؛ فأكد ممثل الحزب الاشتراكي-ساحة عامة وممثل الإيكولوجيين وممثل حزب الديمقراطيين المستقلين، وممثل "أجيال"، وممثلة "الجمهورية إلى الأمام"، وإلى حد ما ممثل "الجمهوريين"، تعلقهم بالاتحاد الأوروبي، باعتباره ضمانة الاستقلالية بوجه القوى العالمية الأخرى، خاصة الصين وروسيا والولايات المتحدة، لكن مع تفعيله، أكثر، بحيث يستجيب لتطلعات الشعوب الأوروبية. في حين أن "التجمع الوطني"، غيّر رأيه من معارضة الاتحاد الأوروبي والخروج منه إلى موقف البقاء وتغييره إلى "اتحاد أمم"، مستفيدا من وصول القوميين إلى إيطاليا.
أما حزب "فرنسا غير الخاضعة"، فطالب بتغيير المعاهدات الأوروبية، وبإعادة السيادة إلى الشعب الفرنسي. وهو موقف يقترب منه حزب "انهضي فرنسا"، وإلى حد ما الحزب الشيوعي، الذي أكد أنه عارض كل المعاهدات الأوروبية. في حين أن ممثلَي "الوطنيين" و"الاتحاد الشعبي الجمهوري"، يطالبان، صراحة، بمغادرة الاتحاد الأوروبي.
وفي ما يخص قضية شينغن والهجرة، فقد أعاد ممثلو الأحزاب مواقفهم المعروفة. فبينما دافع مختلف ممثلي اليسار عن شينغن، مطالبين بتعزيزه، وبالتعامل الإنساني مع المهاجرين، أعاد ممثلو أحزاب اليمين واليمين المتطرف التذكير بعدم قدرة فرنسا على استقبالهم، متهمين الاتحاد الأوروبي بفرض شروطه على دول الاتحاد، ومطالبين بإعادة الحدود. وتميزت لوازو، رئيسة قائمة "الجمهورية إلى الأمام" بتأكيد ضرورة تعزيز الحدود الخارجية للاتحاد، ومحاربة مهربي البشر، وتوقيع اتفاقات مع دول كتركيا تضمن عدم تدفق مهاجرين إلى دول الاتحاد.
وكانت أوبري، ممثلة "فرنسا غير الخاضعة" قاسية حين اتهمت حكومة الرئيس إيمانويل ماكرون بإقرار قانون "اللجوء والهجرة"، باعتباره أسوأ قانون في هذا المجال.
اللوبيات في سهام النقد
وفي ما يخص موضوع اللوبيات، عبّر مختلف المتدخلين عن انتقادهم لها، وطالبوا بالشفافية، ومحاربة الفساد. واعتبر بروسا، ممثل الحزب الشيوعي، أن أوروبا الحالية بعيدة عن الشعب وقريبة من أصحاب المال، وانتقد حصول زعيم المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر على مرتب 32 ألف يورو شهريا. وطالب غلوكسمان، ممثل الاشتراكيين وساحة عامة، بإرساء سلطة الشفافية. فيما رأت لوازو، أن اللوبيات موجودة في كل مكان. واعتبر يانيك جادو، أن الإيكولوجيين قاموا بمبادرات عديدة من أجل مجابهة اللوبيات، من أجل "أوروبا المواطنين" في مواجهة "أوروبا المتعددة الجنسيات".
ورأى فيليبو عن "الوطنيين"، أن لا ديمقراطية حين تتدخل أوروبا في شؤون الدول. ورأى أن خروج فرنسا من الاتحاد سيعيد الديمقراطية. وبالنسبة إلى أوبري، لا وجود لأي ديمقراطية في المفوضية الأوروبية. واعتبر لاغارد، ممثل حزب الديمقراطيين المستقلين أنه يجب أن يكون البرلمان الأوروبي هو من ينتخب المسؤولين الأوروبيين وليس رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأوروبي.
والطريف أن كل المتدخلين رفضوا قبول صربيا في الاتحاد الأوروبي سنة 2015، عدا لاغارد وغلوكسمان، مع امتناع أسيلينو. وعن سؤال تحول الفيتو الفرنسي إلى فيتو أوروبي، رفض الجميع الفكرة، عدا بونوا هامون، لكن شرطَ أن يتم ذلك في غضون 20 سنة مقبلة. وعارض ممثل "التجمع الوطني" فكرة جيش أوروبي، بالقول: "لا ليونكر، رئيسا للجيش الأوروبي".
وعن مساهمات فرنسا المالية، وهي أكثر مما تتلقاه، رأى ممثل "الوطنيين" أنها فضيحة ويجب استردادها، في حين أن ممثل "التجمع الوطني" رأى أن المتقاعدين والفلاحين يستحقونها أكثر من البولونيين وغيرهم. وهو نفس موقف ممثل "انهضي فرنسا"، ورأت أوبري، أنه يجب اتخاذها وسيلة ضغط لفرض سياسات لصالح فرنسا، وهو موقف "الجمهوريين"، وإلى حدّ ما "الجمهورية إلى الأمام"، التي قالت إنه يجب أن نكون حازمين في صرف هذه الأموال. ورأى أسيلينو أنها فضيحة، فـ"أوروبا تسرق ثلث أموالنا".
والطريف أن الجميع كان متفقا على موضوع الإيكولوجيا، وهو ما استغله يانيك جادو، ليذكّر بأن حركته كانت سباقة إلى ما أصبح الجميع يعتبرونه ضرورةً مستعجلة، أي الانتقال الإيكولوجي.
مراجعة في الاقتصاد الأوروبي
وفي ما يخص الاقتصاد الأوروبي، طالبت لوازو، ممثلي "الجمهورية إلى الأمام" بمراجعة قواعد التنافس لمواجهة الصين وغيرها، وبخلق "تحالفات أوروبية صوب البطاريات"، بدل استيرادها من الصين وكوريا، وبخلق "تحالفات بخصوص الذكاء الاصطناعي". ممثل "التجمع الوطني" انتقد منافسة العمال الأوروبيين للعمال الفرنسيين. أما ممثل "الوطنيين"، فأعاد التشديد على أن "ما جنيناه من أوروبا هو الفقر والتقشف". وطالب ممثل الشيوعيين بفرض حمائية. ورأى أن أوروبا الليبرالية تتعارض مع أوروبا الاجتماعية.
أما لاغارد، فأكد ضرورة إرساء استراتيجية صناعية مشتركة، وألا "نترك المجال للصين". ورأى أسيلينو أنه "منذ 40 سنة ونحن نقول للفرنسيين إننا سنغير أوروبا. ولكن ليس الأمر ممكنا، لأن الإجماع مستحيل". وانتقد بونوا هامون عزم الحكومة على التخلص من 120 ألف وظيفة عمومية، إضافة إلى خصخصة المطارات في وقت تقوم الصين بشراء مطارات فرنسية وأوروبية.
وحول سؤال التزام كل المتدخلين بالبقاء في البرلمان الأوروبي طيلة الولاية البرلمانية الأوروبية، وافق الجميع باستثناء أسيلينو، الذي عبّر عن رغبته في الترشح لرئاسيات 2022.
وفي الختام، حاول المتدخلون التميّز بموقف يجعلهم أجدر من الآخرين بالحصول على أصوات الفرنسيين، فرأى يانيك جادو أن أوروبا "يجب أن تصبح أوروبا السعادة، أوروبا حامية واجتماعية ونسوانية".
أما لاغارد، فرأى أن فرنسا "لن تكون قوية إلا بأوروبا قوية، والحل ليس في التخلي عن أوروبا بل في إحداث تحول فيها".
وطالب فلوريان فيليبو، ممثل "الوطنيين"، الفرنسيين بالتصويت، وأكد أن الاتحاد الأوروبي "لن يتغير. وإذاً، إما أن نخضع له أو نغادره".
وأما رئيس "انهضي فرنسا"، فطالب بتغيير الاتحاد الأوروبي، بأوروبا أمم حرة متعاونة، حول مشاريع. وتأسف غلوكسمان، رئيس قائمة "الحزب الاشتراكي-ساحة عامة"، لأن اليسار متشظٍّ، ورأى أن اللحظة بالغة الخطورة.
وشدد بونوا هامون على أهمية الانتقال الإيكولوجي الذي يتجاوز كل شيء، ورأى أن اليسار هو الحركة. وعادت لوازو إلى الإيكولوجيا والاقتصاد، وطالبت بأوروبا توحد بين القضيتين، ورأت الأمر ممكنا.
أما ممثلة "فرنسا غير الخاضعة"، فاعتبرت أن التصويت يجب أن يكون، أولا، لمحاسبة ماكرون، ثم إرسال ممثلين مكافحين إلى البرلمان الأوروبي، ثم بناء بديل مع حلفاء أوروبيين. ورأى ممثل "الجمهوريين" أن "لا أمل إلا في محاولة تغيير الاتحاد الأوروبي"، بعد أن "أصابتنا بخيبات، وساهمت في هشاشتنا". في حين أن ممثل "التجمع الوطني"، لم ير سوى حلَّين اثنين، إما البقاء مع نفس الذين يتقاسمون منذ سنين، وإما اختيار صوت الشعوب، كما فعل الإيطاليون والنمساويون.
وكرر أسيلينو رائد "الفريكسيت" دعوته للخروج من الاتحاد الأوروبي، بالقول: "لا يجب أن نخشى من الخروج".
وكان بروسا، ممثل الحزب الشيوعي، آخر متدخل، فاعتبر أن حزبَه هو الحزب اليساري الوحيد الذي رفض كل المعاهدات الأوروبية، إضافة إلى أن قائمتنا هي الوحيدة التي تضم 50 في المائة من العمّال.