لكن رئيسة الحكومة تيريزا ماي، ويونكر أعلنا قبل أيام أنهما يمنحان مزيدًا من الوقت حتى نهاية الأسبوع الحالي للتوصل إلى اتفاق حول القضايا الثلاث ذات الأولوية لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى: ملف ايرلندا، ومصير المواطنين، وفاتورة الطلاق. وعلّقت ماي قائلةً: "لا تزال هناك حاجة إلى مزيد من المفاوضات والمشاورات".
مشاورات
وفي السياق، يقول الخبير في الشؤون الأوروبية، أوليفييه بوسي، لـ"العربي الجديد" إنه "من المؤكد أن رئيسة الوزراء ستعود إلى لندن لبيع مشروع الاتفاق. والحد من ردود الفعل الأولى". مضيفًا "لم يكن من الممكن التوصل إلى اتفاق بسهولة، إذ يجب أن يظهر للرأي العام البريطاني أن المفاوضين البريطانيين حصلوا على اتفاق مهم بقدر كبير من النضال الشاق. فحتى تصريح جان كلود يونكر بأن السيدة ماي ليست مفاوضة سهلة، يبدو كدعاية غير مدفوعة".
وقد كان تسارُعُ وتيرة المفاوضات حول خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي مفاجأة للجميع، بمن فيهم رئيس الوزراء الأيرلندي، ليو فارادكار.
اتفاق في الأفق
وبحسب معلومات حصل عليها التلفزيون الإيرلندي، وتم تأكيدها لاحقاً من قبل فيليب لامبرتس، زعيم مجموعة "الخضر" في البرلمان الأوروبي، في ختام اجتماع لمجموعة العمل الخاصة بـ"بريكست" مع رئيس المفوضية الأوروبية، جان كلود يونكر، والمفاوض الأوروبي، ميشيل بارنييه؛ فقد تم تذليل بعض العقبات دون التوصل إلى اتفاق نهائي حول ملف ايرلندا مع المملكة المتحدة.
وقد شهد ملف ايرلندا تعثراً كبيراً غداة رفضه الثلاثاء، من قبل حلفائها في الحزب الديموقراطي الوحدوي، ما كشف ضعف موقفها فيما تشارف المهلة التي حددها الاتحاد الأوروبي على نهايتها.
وتشير الجملة الحاسمة في الفقرة المعنية في الاتفاق المنتظر، إلى أن حكومة المملكة المتحدة ملتزمة بضمان أن "تظل القواعد المطبقة في ايرلندا الشمالية متماشية" مع تلك الموجودة في الاتحاد الجمركي والسوق الأوروبية الموحدة. وطالبت جمهورية ايرلندا من لندن، في تعهد خطي، بـ"عدم الاختلاف" بعد خروج بريطانيا من الاتحاد بين القواعد التنظيمية لكلا الجانبين لما سيصبح الحدود المستقبلية بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة. وقد تم تعديل هذه الشروط، بناءً على طلب من الحكومة البريطانية، عبر استعمال عبارة "المواءمة"، ما سيتيح مجالًا أكبر للمناورة.
وقال لامبرتس في تصريح للصحافة "لقد قطعنا شوطًا بعيدًا، وما لدينا الآن هي الخطوط العريضة لاتفاق خروج بريطانيا في المستقبل من الاتحاد الأوروبي. وتعتمد النتيجة الآن على الضوء الأخضر النهائي من دبلن ولندن". مضيفًا "في رأيي، الاتفاق في الصيغة الحالية كافٍ في هذه المرحلة. يجب علينا أن نبقي على بعض الغموض البنّاء".
عقبات
وما زال مصير أيرلندا، ولا سيما مسألة عدم إنشاء حدود صارمة بين أيرلندا الشمالية (وهي إقليم تابع للمملكة المتحدة) وجمهورية أيرلندا، العقبة الرئيسية أمام التوصل إلى اتفاق نهائي.
وكما يذكر أوليفييه بوسي "منذ اللحظة التي قررت فيها لندن أن خروجها من الاتحاد الأوروبي يعني الخروج من الاتحاد الجمركي الأوروبي والسوق الأوروبية الموحدة، فإن هذا يعني أن البضائع التي تدخل من أيرلندا الشمالية إلى جمهورية أيرلندا يجب أن تخضع للرسوم الجمركية. كما هو الحال بالنسبة لأي بلد خارج الاتحاد الجمركي. أمر يثير الكثير من المشاكل بخصوص التبادلات الاقتصادية والعلاقات الأخرى بين أيرلندا الشمالية وجمهورية أيرلندا التي تسير وفق اتفاقات السلام (الجمعة العظيمة) الموقعة في عام 1998".
وفي حين لم يعد الملف المالي مهيمنًا بعد أن تم إغلاقه قبل عشرة أيام تقريبًا، إذ ينتظر أن تدفع المملكة المتحدة مبلغاً يتراوح مابين 45 و55 مليار يورو، لا تزال هناك بعض الملفات التي يتعين اتخاذ قرار بشأنها، كحقوق المواطنين مثلًا؛ أي حقوق البريطانيين المقيمين في دول الاتحاد وحقوق الأوروبيين الذين استقروا في بريطانيا.
ووفقًا لمصدر في البرلمان الأوروبي، سيكون هناك اتفاق على جوهر الملف، أي ضمان حقوق المواطنين، بما في ذلك الأطفال الأوروبيين الذين سيولدون في المملكة المتحدة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
ولكن لا يزال الاختلاف يتعلق باختصاص محكمة العدل الأوروبية؛ فبما أن حقوق المواطنين التي يتعين الحفاظ عليها هي الحقوق التي يكفلها التشريع الحالي للاتحاد، فإن الأوروبيين يريدون أن تظل المحكمة الأوروبية السلطة القضائية في حالة التقاضي. وبحسب مصدر البرلمان الأوروبي، فيبدو أن لندن على استعداد لتقديم الضمانات المطلوبة من قبل الأوروبيين.