ونشأت مقارنات "جماهيرية" للمؤتمرات واللقاءات الحزبية بين كل من العثماني وبنكيران في سياق تسجيل محللين ومراقبين لتدني عدد الحضور من أنصار حزب "العدالة والتنمية" في المؤتمرات الجهوية الأخيرة برئاسة العثماني، مقارنة بمواعيد حزبية كان يقودها بنكيران في عدد من مناطق البلاد.
وتحول الحضور الجماهيري في مؤتمرات العدالة والتنمية في المغرب إلى نوع من الرهان السياسي على عدم فقدانه لإشعاعه الشعبي الذي مكنه من تصدر الانتخابات التشريعية في 2011 و2016 وترأس الحكومة لفترتين متتاليتين رغم المتغيرات السياسية الكثيرة التي اخترقت تجربة الحزب على رأس الحكومة، وأهمها قرار إعفاء الملك لبنكيران وتعيين العثماني بدلا عنه لقيادة دفة الحكومة.
وفي المؤتمر الجهوي الثالث لشبيبة العدالة والتنمية بجهة طنجة تطوان الحسيمة، المنعقد يوم أمس، تم تسجيل حضور قليل أمام العثماني، حيث ظلت نصف مقاعد القاعة فارغة، وقبل ذلك كان لافتاً ضعف تواجد الجمهور في جلسة المؤتمر الجهوي بمنطقة الدشيرة الذي ترأسه العثماني أمام حضور لم يتجاوز 300 شخص، فيما سبق لبنكيران أن ترأس مهرجانا خطابيا في المنطقة نفسها حضره أكثر من 20 ألف شخص.
وفي الوقت الذي اعتبر البعض أن تراجع عدد الحضور في المؤتمرات الحزبية في عهد العثماني دليل على تراجع شعبيته عند المغاربة، أكد مقرب من زعيم العدالة والتنمية في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن مقياس الكم يعد مؤشرا خاطئا لمعرفة مدى تجذر الحزب في جهات المملكة.
وأفاد المصدر المقرب من الأمين العام للحزب القائد للحكومة بأن الأمر يتعلق بنوعية اللقاءات الحزبية، فمؤتمر جهوي تختلف طبيعته عن عقد مهرجان خطابي يتعلق بالحملة الانتخابية، مبرزا أن الآلاف كانوا يحضرون للمهرجانات الانتخابية التي كان يعقدها العثماني في دائرته الانتخابية بمدينة المحمدية.
وسبق للعثماني أن رد على الملاحظات بشأن ظاهرة "الكراسي الفارغة" في مؤتمرات جهوية ترأسها، بوصف هذه التعليقات بأنها مجرد إشاعات يتم الترويج لها، من أجل "التشويش على عمل الحكومة التي يقودها حزب العدالة والتنمية"، مؤكدا أن "الشعب أصدق أنباء من الصحف".
ويعلق الأستاذ بجامعة مراكش الدكتور محمد نشطاوي على هذا الموضوع، بالقول في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إن جماهيرية وشعبية بنكيران والعثماني تختلفان بقدر اختلاف شخصيتهما وقدرة كل منهما على الاستقطاب والتفاعل مع الجمهور.
وتابع نشطاوي شارحا "شخصية بنكيران قوية ومرحة وتحسن الدعابة السياسية، وتستثمر لذلك لغة يفهمها الجميع بإيحاءات من كل حدب وصوب، باعتبار أنه شخص علمه الشارع والحياة أكثر مما علمته المدارس والجامعة"، مردفا أن بنكيران شخصية هجومية لا تكل من إرسال ضربات للخصوم بكل الطرق، وهو شيء محبب للجمهور الذي يرى في "الأحزاب الإدارية" ضيفا ثقيلا على السياسة لا بد من النيل منها.
واسترسل المحلل بأن "العثماني بحكم دراسته وعمله، يبدو مسالما وجديا أكثر من اللازم ولا يحسن اللغة التي يفهمها الشارع، لذلك يردد غالبا لغة خشبية تحاول الوصول إلى قصدها دون مواربة، وهو ما لا يحبذه الجمهور الذي يضم شريحة كبيرة لا تتقن لغة السياسة إلا إذا كانت مشمولة بمسحة هزل ورسالات مبطنة".