أظهر تحقيق جديد لمنظمة "غلوبال ويتنس" أن أقارب وشركاء لرئيس النظام السوري، بشار الأسد، يخفون ملايين الدولارات في عقارات بموسكو، مشيرا إلى أنه جرى تهريب تلك الأموال من داخل سورية إلى روسيا، وربما إلى جهات أخرى.
وأوضح التحقيق أن عدة أفراد من عائلة مخلوف، التي كانت تعدُّ من قبْل أغنى عائلة في سورية، ولا تفوقها في السطوة أو النفوذ إلا عائلة الأسد، اشتروا ما لا تقل قيمته عن 40 مليون دولار أميركي من العقارات في ناطحتي سحاب موسكو في الحي المالي بالمدينة.
وأشار تحقيق المنظمة إلى أنه قبل بدء الثورة السورية، كانت التقديرات تشير إلى أن العائلة، التي تضم أقرب أولاد خال الأسد ومستشاريه، تتحكَّم في 60 بالمئة من الاقتصاد السوري، مضيفا أن جميع أفراد عائلة مخلوف تقريبًا معاقبون من قبل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، لمساعدتهم على تمويل نظام الأسد، أو لارتكابهم انتهاكات لحقوق الإنسان.
وعن ذلك، قالت منسقة الحملات بالمنظمة، إيزوبل كوشيف: "دور آل مخلوف المحوري في نظام الأسد جعلهم متواطئين في عدد من أسوأ الأعمال الوحشية في القرن الحادي والعشرين. سواء أجاء تمويل عقاراتهم في موسكو من ثروة آل مخلوف الخاصة أم من أموال يخفونها لحساب النظام، فالشكوك قائمة حول أن تلك الأموال مرتبطة بانتهاكات فادحة لحقوق الإنسان وبالفساد في سورية".
التحقيق أكد أن عقارات عائلة مخلوف في موسكو، التي جرى شراؤها بين 2013 و2019، تتكوَّن في الغالب من مساحات مكتبيَّة واقعة في الحي التجاري الراقي بموسكو، موضحاً أن أدلة تشير إلى أن بعض القروض التي تم الحصول عليها بضمان بعض العقارات يبدو مهيكلًا لحجب صلة عائلة مخلوف بالأموال الجاري تحريكها بين سورية وموسكو، وهو ما يفتح احتماليَّة أن الأموال، التي جعلها آل مخلوف تبدو كأن لا علاقة لها بهم، قابلة للنقل من روسيا إلى نطاق سلطات قانونية أخرى كالاتحاد الأوروبي، حيث يُعاقب بعض أفراد العائلة.
وفي تعليقها على الدعم الذي توفره موسكو للنظام السوري، قالت كوشيف: "شراء هذه العقارات تذكِر بالدور الثاني الأكثر سرية الذي لعبته روسيا في دعم نظام الأسد. ثمة بنوك روسية دعمت عائلة الأسد خلال الحرب في سورية، ويُظهر تحقيقنا أن موسكو ما زالت ملاذًا آمنًا لأموال النظام السوري، ويُحتمل أن تكون بوابة إلى النظام الاقتصادي العالمي".
كما أوضح التحقيق أن بنك Sberbank الأكبر في روسيا، مارس أعمالًا مع واحدة على الأقل من شركات عائلة مخلوف الروسية التي اشترت بعض العقارات في موسكو. وشدد التحقيق على أن هذا البنك المملوك للدولة لديه حضور دولي، وعشرات العلاقات البنكية المتبادلة، وحسابات مقاصَّة باليورو والدولار الأميركي، محذراً من أن أعماله مع الشركات المرتبطة بعائلة مخلوف تمثِّل مخاطر التزام جسيمة على البنوك الأخرى المتعاملة معه.
وفي التفاصيل، أشارت "غلوبال ويتنس" إلى أن زعيم عائلة مخلوف هو محمد مخلوف، خال بشار الأسد الذي كان معروفًا على نطاق واسع بالعمل كمصرفي لعائلة الأسد، موضحة أن من بين أولاده الخمسة، رامي وحافظ وكندة والتوأمان إياد وإيهاب، اشترى أربعة مساحات مكتبيَّة في ناطحات سحاب موسكو، فيما اشترت زوجته وأخت زوجته عقارات في المبنى نفسه.
Twitter Post
|
وشدد تحقيق المنظمة على أن الإخوة مخلوف الأربعة مرتبطون إما بتمويل النظام السوري وإما بانتهاكاته السافرة ضد الشعب السوري، مستحضرا تقارير سابقة أشارت إلى أن حافظ مخلوف، الذي اشترى أكبر عدد من العقارات في موسكو من بين أفراد العائلة جميعًا، كان عضوًا أساسيًّا في دائرة بشار الأسد الداخلية، وأحد العقول المدبِّرة الرئيسية للإجراءات القمعية الحكومية ضد المتظاهرين المنادين بالديمقراطية في 2011.
ودعت "غلوبال ويتنس" جميع المؤسسات المالية إلى أن تتخذ الإجراءات اللازمة لمنع الأموال الملوثة كأموال عائلة مخلوف من دخول النظام الاقتصادي الدولي. وأدرج الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة محمد مخلوف على قائمة العقوبات، بسبب دوره في دعم قوات النظام وبعض مشروعات الإعمار، التي ربطت الدول الغربية المساهمة فيها بالحل السياسي.
وعمل محمد مخلوف كموظف حكومي سابق في مؤسسة التبغ والمصرف العقاري الحكومي، وعائلته تتكون من زوجته غادة مهنا وابنته كندة، وأبنائه رامي، مستشار وزارة الصناعة الذي أصبح أغنى رجل أعمال في سورية، وضابط الأمن حافظ، والنقيب في الجيش إياد، إضافة الى إيهاب، الضابط في جيش النظام.
وبدأت العقوبات تطاول عائلة مخلوف منذ عام 2008، حينما استهدفت وزارة الخزانة الأميركية رامي بالعقوبات ضد شركاته، واعتبر القرار أنّ مخلوف "من بين المستفيدين من الفساد الذي يحدث في سورية، وأن نفوذه واتصالاته مع النظام السوري وقربه منه قد كانت سبباً في احتكار بعض السلع الربحية" وأنّه: "تلاعب بالنظام القضائي السوري، واستخدم مسؤولي الاستخبارات السورية لترهيب منافسيه في الأعمال".
ومع اندلاع الثورة السورية، خضعت عائلة مخلوف، للعقوبات، بسبب تورطها المباشر في تمويل النظام وعملية قمع الاحتجاجات بحسب ما استند إليه الاتحاد الأوروبي والعقوبات الأميركية.