لأول مرة في تاريخ المغرب، يخاطب ملك البلاد شعبه من الخارج، إذ يلقي العاهل المغربي، محمد السادس، خطاب الذكرى الواحدة والأربعين لتنظيم "المسيرة الخضراء" عام 1975 من العاصمة السنغالية داكار، التي يزورها، اليوم الأحد، في سابقة من نوعها، فسّرها مراقبون برغبة المملكة القوية في الانضمام إلى منظمة الاتحاد الأفريقي.
ويأتي خطاب الملك الذي يوجهه إلى الشعب المغربي في سياق زياراته التي يقوم بها للشرق الأفريقي، إذ زار كيغالي الرواندية، ودار السلام التنزانية، كما حل بالغابون في زيارة خاصة، ثم السنغال.
وجرت العادة أن يلقي الملك خطاب ذكرى المسيرة الخضراء (ضم خلالها المغرب الصحراء بعد انسحاب الاحتلال الإسباني عام 1975)، داخل البلاد، ويقدم فيه آخر تطورات ملف الصحراء، والسياسة الرسمية للمملكة في مقاربة الملف.
وقال بيان صادر عن وزارة القصور الملكية والتشريفات والأوسمة ، الجمعة، إن "الملك محمد السادس، سيجري خلال الزيارة محادثات رسمية مع الرئيس السنغالي ماكي صال، إلى جانب توقيع اتفاقيات ثنائية عدة، في مختلف المجالات"، لم يحددها.
في هذا السياق، توضح مصادر مطلعة أن العاهل المغربي سيعقد "قمة أفريقية" مصغرة على هامش انعقاد مؤتمر المناخ بمدينة مراكش، وذلك يوم 16 نوفمبر/تشرين الثاني الحالي، تحضرها كل من تنزانيا، وإثيوبيا، والسنغال، ومالي، ورواندا، والغابون، وغينيا بيساو، والتشاد، وبلدان أفريقية أخرى.
ويأمل المغرب في أن يكسب معركة العودة إلى منظمة الاتحاد الأفريقي، التي انسحب منها عام 1984، وتحديداً من خلال ما يسمى "الدبلوماسية الملكية"، التي يقودها الملك في العديد من البلدان الأفريقية. وترتكزعلى الجانب الاقتصادي من خلال إبرام كثير من الاتفاقيات في مجالات الفلاحة والصيد والبناء والاتصالات والمالية والأوقاف والبنوك.
ويرى مراقبون أن المغرب يعمل على القطع مع سياسة الكرسي الفارغ في المحافل الأفريقية، خصوصاً منظمة الاتحاد الأفريقي، ومزاحمة جبهة "البوليساريو"، التي تعد عضواً في المنظمة ذاتها، وكسب رهان ثقة الأفارقة، من خلال تقديم النموذج المغربي التنموي، وعقد اتفاقات شراكات ثنائية بين المملكة وهذه البلدان.
وفي ما يخص توقيت عودة المغرب إلى البيت الأفريقي، يعتبر أستاذ العلاقات السياسية بجامعة الرباط، عبدالرحيم منار اسليمي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن العودة "قرار استراتيجي مغربي مدروس بشكل جيد، بالنظر إلى قدرة الدبلوماسية المغربية على تشخيص الحالة التي وصل إليها الاتحاد في السنوات الأخيرة"، نتيجة ما سماها "أخطاء الجزائر وجنوب أفريقيا داخل هياكل تنظيمات الاتحاد الأفريقي".
ويضيف اسليمي أن "توقيت العودة مرتبط بطلب الأفارقة على النموذج التنموي المغربي، الذي طوّره في أفريقيا عن طريق علاقات ثنائية في غرب القارة، مع دول مثل ساحل العاج والغابون والسينغال"، مشيراً إلى أن "الأفارقة انتبهوا إلى الدعم الذي قدمه المغرب لدول غرب القارة، الشيء الذي جعل الطلب على النموذج يأتي من وسط وشرق أفريقيا".
ويرى أن قبول الاتحاد الأفريقي بعودة المغرب يعود إلى "الإرهاق الذي خلقته جنوب أفريقيا والجزائر لدول الاتحاد، بدفعها إلى مواجهات ومناورات مفتوحة ضد سيادة بعض الدول"، لافتاً إلى أن "الأفارقة باتوا يدركون أن المغرب له نموذج يقدّمه لخدمة أفريقيا، وأن الاتحاد يجب أن تتغير أهدافه".