قال مسؤولون محليون وأحزاب سياسية عراقية، اليوم الإثنين، إن قوات الأمن الكردية أقدمت مساء أمس على طرد آلاف المواطنين من منازلهم بالقوة في بلدة تقع على بعد 70 كيلومتراً جنوبي كركوك وتقطنها غالبية عربية وتركمانية وأقلية كردية. واتهم هؤلاء محافظ كركوك الذي ينتمي للاتحاد الوطني بزعامة جلال الطالباني المقرب من إيران بالبدء بعمليات تغيير ديمغرافي في المحافظة.
وأعلن "تحالف القوى العراقية"، الذي يضم أبرز الكتل السياسية السنية في البرلمان العراقي في بيان له أن "الإجراء الذي قامت به السلطات الأمنية تجاه أهالي بلدة قرة تبه لا يفسر سوى أنه الدفع باتجاه التغيير الديمغرافي وإحداث الفوضى لتنفيذ مصالح فئوية وحزبية".
وتساءل التحالف في بيانه، "أين منهج العراق الواحد الذي يسعى الجميع من أجله إذا كان البعض لا يزال يفكر بتحقيق السيطرة والتمدد على حساب الغير"، مبينا أن "أهالي قرة تبه يسكنون في هذه المنطقة منذ عقود طويلة ولم تكن هذه المنطقة يوما عامل تفرقة أو نزاع".
وطالب "السلطات الأمنية في كركوك بإعادة النظر بهذا الإجراء الجائر الذي اتخذ من قبل البعض قبل فوات الأوان".
وأقدمت الحكومة المحلية في محافظة كركوك، التي يترأسها نجم الدين كريم القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني، والذي يتزعمه الرئيس العراقي السابق جلال الطالباني، سابقاً على محاولة طرد النازحين العرب من المخيمات التي يقطنون فيها في أطراف مدينة كركوك، لولا تدخل بعض الجهات السياسية والعشائرية الذين تمكنوا من إيقاف قرار الإبعاد القسري للنازحين وتأجيله.
من جانبه، قال أحد وجهاء المنطقة ويدعى فارس الكاطون، إن غالبية سكان قرة تبه من العرب الذين وجدوا فيها منذ عشرات السنين، مشيرا خلال حديثه لـ"العربي الجديد" إلى أن المضايقات من قبل السلطات الكردية وصلت إلى حد عدم إصدار بطاقات الهوية العراقية للعرب.
وأضاف أن "السلطات والقوات الكردية في قرة تبه تتعامل معنا وكأننا عراقيون من الدرجة الثانية، وتحرمنا من أبسط حقوقنا، وتطالبنا علناً بالمغادرة"، مطالبا رئيس الوزراء حيدر العبادي، وممثلي كركوك في البرلمان بالإسراع لوضع حد لمعاناتهم.
على صعيد متصل، كشف رئيس "منظمة إخاء" العراقية محمود كركوكلي لـ"العربي الجديد" عن أن أهالي بلدة قرة تبه، البالغ عددهم 21 ألف مواطن، فوجئوا بدخول قوة كبيرة من قوات الأمن الكردية "الأسايش" التابعة لمحافظة كركوك يرافقهم مسؤولون محليون إلى بلدتهم أول أمس السبت، ومطالبتهم العوائل التي تقطن البلدة الخروج منها أو التعرض للاعتقال والإبعاد بالقوة. وأكد أن "القوات الكردية منعتهم حتى من أخذ أمتعتهم معهم وتلفظت بعبارات عنصرية اتجاه العرب".
وشهدت بلدة قرة تبه اضطرابات أمنية وسياسية عدة كونها تدخل ضمن المناطق المتنازع عليها بين حكومة إقليم كردستان والحكومة العراقية المركزية. كما شهدت المنطقة سيطرة مليشيات "الحشد الشعبي" عليها عقب انسحاب عناصر تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) من القرية، ثم أعقبها سيطرة قوات البشمركة الكردية بعد اشتباكات مسلحة انتهت بطرد المليشيات وسيطرة القوات الكردية على المنطقة بالكامل.