ووفقاً للمصادر ذاتها، فإن العبادي لا يزال يفاوض الكتل السنية والكردستانية بهدف الوصول إلى اتفاق مرضٍ قبل توجهه إلى خيمة زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر المعتصم داخل المنطقة الخضراء، تزامناً مع اعتصام الآلاف من مناصريه عند مداخل المنطقة الخضراء. وعلى الرغم من استباق الصدر مساعي العبادي لإعلان حكومته الجديدة، صباح غد الخميس، بإعلان كتلته أنّها ستقاطع الحكومة الجديدة ولن تشارك فيها، باعتبار أنّ "الإصلاح غير حقيقي". وقال رئيس كتلة الصدر البرلمانية، ضياء الأسدي، في مؤتمر صحافي عقده ببغداد، أمس، إن التغييرات لا تزال على أساس طائفي ومحاصصة حزبية ولا يرتجى منها إصلاح البلاد.
هذا الارتباك يلخّصه القيادي في التحالف الكردستاني حمة أمين، قائلاً لـ"العربي الجديد"، إن "الصراع داخل التحالف الوطني بين حزب الدعوة والصدريين، ويريد العبادي إرضاء الصدر على حساب استحقاقات الكتل الأخرى". ويضيف أن "الإصلاح المنشود لا يمكن أن يأتي من المتهمين أصلاً بالفساد"، في إشارة إلى حزب الدعوة، على حدّ تعبيره.
في غضون ذلك، دفعت خشية الحكومة العراقية من ردّة فعل أنصار التيار الصدري، في حال تأخر رئيسها حيدر العبادي عن تقديم كابينته الوزارية خلال المهلة المحدّدة، غداً الخميس، إلى اتخاذ إجراءات احترازيّة لتأمين السجون والوزارات الحساسة خشية من اقتحامها من قبل الصدريين. ويقول ضابط في قيادة العمليات المشتركة لـ"العربي الجديد"، إنّ "رئيس الحكومة عقد اجتماعاً طارئاً مع قادة العمليات وحثّهم على وضع خطة عاجلة لحماية السجون والوزارات الحساسة في بغداد"، مبيناً أنّه "تم الاتفاق على سحب تعزيزات عسكرية من محافظة الأنبار، ونشرها في الدوائر المحدّدة".
اقرأ أيضاً: التيار الصدري ينشئ "خيمة التفاوض" مع الحكومة العراقية
ويضيف الضابط ذاته أنّه "تم تجهيز نحو 800 عنصر للانتشار في محيط سجن العدالة (الشعبة الخامسة سابقاً)، وسجن التاجي، ووزارتَي المالية والنفط"، موضحاً أنّ "تلك القوات ستقيم نقاط حراسة مكثّفة في محيط تلك الدوائر لمواجهة أيّ خطر قد يحدث. كما يتم حالياً العمل على وضع حواجز إسمنتية في محيط تلك الدوائر وفقاً للخطة"، بحسب الضابط.
من جهته، يرى الخبير الأمني حسام عبود أنّ "الحكومة خائفة من مهاجمة أتباع الصدر للوزارات والسجون في حال لم يتمكّن العبادي من إكمال تشكيلته الوزارية بعد انتهاء مهلة الخميس". ويقول عبود لـ"العربي الجديد"، إنّ "أتباع التيار الصدري لديهم قوة لا يستهان بها في بغداد، وهم ناقمون على الحكومة، خصوصاً أنّ عدداً كبيراً من قادتهم داخل السجون، ولم يُفرج عنهم، ولم يُقرّ قانون العفو العام حتى اليوم". ويشير إلى أنّ "أيّ إخفاق من قبل العبادي بتشكيل الحكومة قد يدفع أنصار التيار إلى مهاجمة السجون لإطلاق سراح سجنائهم". ويؤكد الخبير الأمني أنّ "الإجراء مهم للغاية وهو خطوة احترازية لمواجهة أي طارئ قد يقدم عليه أتباع التيار، خصوصا أنّهم عبارة عن مليشيات غير منضبطة، وتسعى للحصول على الأموال"، على حد تعبيره. ودعا عبود الحكومة إلى "اتخاذ الإجراءات ذاتها في محيط المصارف والدوائر الأخرى المهمة في البلاد".
من جانبها، أصدرت وزارة الداخلية العراقية، أمس الثلاثاء، بياناً دعت فيه عناصرها من ضباط ومنتسبين إلى الالتزام بقوانين الوزارة الداخلية، ولوّحت بعقوبات شديدة تصل إلى حدّ الإعدام للمتمردين أثناء الاضطرابات، وإعلان حالة الطوارئ. ودعت وزارة الداخلية العراقية، في بيان لها، "جميع العناصر الأمنية إلى توخي الحيطة والحذر، والاعتماد على الهمّة العالية أثناء الواجب، والتصدي بكل قوة وحزم للجماعات التي تحاول زعزعة الأمن والاستقرار"، ملوّحة بعقوبات صارمة للمخالفين.
وأضاف البيان أنّ "قانون العقوبات العراقي يعاقب بالإعدام كل من ترك أو سلّم للغير، أو أية جهة معادية، مركز شرطة، أو بث روح التمرد والعصيان بين منتسبي القوات الأمنية، خلال الاضطرابات، وإعلان حالة الطوارئ"، محذرة الضباط والمنتسبين في أجهزة وزارة الداخلية من "الانتماء إلى حزب سياسي، أو الاشتراك في تظاهرة سياسية، أو إلقاء خطاب سياسي". وجاء هذا البيان، بعد ساعات على تدوال أنباء محليّة، ومواقع التواصل
الاجتماعي، صوراً لضابط عراقي برتبة لواء، وضباط آخرين في وزارة الداخلية، وهم يقبّلون زعيم التيار الصدري في خيمة اعتصامه التي نصبها داخل المنطقة الخضراء.
اقرأ أيضاً بغداد: انتشار أمني ومخاوف من اندلاع معارك داخلية