وشملت قرارات قمة بروكسل إقامة مراكز استقبال في أوروبا لتوزيع المهاجرين الذين يستوفون شروط التقدم باللجوء إلى دول أوروبية أخرى متطوعة، وإقامة مراكز إيواء في عدد من الدول الأفريقية لترحيل اللاجئين وتعزيز قوة "فرونتكس" المخولة بحماية الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي.
ويبدي أعضاء الحزب البافاري الحليف لحزب ميركل والمناهض لسياسة اللجوء التي تتبعها، الكثير من التحفظ حول الردود الموضوعية للقرارات التي أنتجتها القمة، وليس معروفا ما إذا كان اتفاق بروكسل كافيا لردع الحزب البافاري عن التهديد برفض اللاجئين، ولمنح المستشارة قدرة على تجنب انهيار الاتحاد المسيحي ومعه الائتلاف الحاكم.
وجاءت التعليقات الأولية لتبقي الترقب سيد الموقف، عما سيصدر عن اجتماع مسؤولي حزبي زيهوفر وميركل لتقييم النتائج، خاصة وأن الأجواء تشير إلى أن الحلول جاءت معقدة، والأمر يتطلب بضع ساعات حتى تتبنى قيادة الاجتماعي موقفا تعبر فيه عن الحلول التي تم الاتفاق عليها أوروبيا وفق ما عبر عدد من مسؤولي الاجتماعي المسيحي، وما إذا كان وزير الداخلية زيهوفر سيمضي في الأول من يوليو في تدبيره الذي يقضي بمنع اللاجئين الذين تم تسجيلهم في بلدان أوروبية أخرى من دخول الأراضي الألمانية، وهو القرار الذي تعارضه فيه المستشارة.
موافقة مبدئية على اتفاق الهجرة
لكن عدد من مسؤولي الحزب البافاري أبدوا موقفا مبدئيا من مقررات بروكسل اتسم بقليل من الإيجابية، بينهم النائبة أندريا ليندهولز، والتي قالت للقناة الأولى في التلفزيون الألماني إنه "بقدر ما تكون قرارات الاتحاد الأوروبي من أجل منع الهجرة الثانوية، أي بين دول الاتحاد، مقبولة وفعالة يمكن تخفيض التدابير الأحادية على المستوى الوطني". فيما قال رئيس كتلة الاجتماعي في البرلمان ألكسندر دوبراندت في برلين، "تأكدت من أن اتخاذ إجراءات وطنية لتجنب الهجرة داخل دول الاتحاد تضمنتها مقررات القمة في بروكسل، وعلى الدول الأعضاء التعاون والعمل على الإجراءات القانونية والإدارية للحد من حركات الهجرة هذه".
ويبدو واضحا أن المستشارة عادت متسلحة بالاتفاقات الثنائية مع كل من اليونان وإسبانيا لسحب اللاجئين المسجلين لديهم، على أن يتم التباحث في التفاصيل خلال الأسابيع الأربعة المقبلة. مع العلم أن الكثير من النقاط المرتبطة باتفاق بروكسل ما زالت غير واضحة، وهو ما أشار له رئيس المجلس الأوروبي، دونالد توسك، عندما حذر من التوقعات المبالغ فيها من نتائج القمة لأن طرق التنفيذ ستكون صعبة، رغم الجهود التي بذلتها ميركل خلال اليومين الماضيين في بروكسل لتوحيد الموقف مع الشركاء الأوروبيين حول التعامل مع قضية الهجرة، وأظهرت للآخرين أن الاتحاد الأوروبي وفي الأوقات الحرجة قادر على التصرف، ومن أن شيئا ما في أوروبا بدأ يتحرك في الاتجاه الصحيح.
وهو ما أشاد به أيضا نائب المستشارة ووزير المالية الاشتراكي، أولاف شولز، الذي كتب على "تويتر": "ما حصل خطوة كبير إلى الأمام ونجاح كبير لنا جميعا نحو سياسة أفضل للهجرة".
ويمكن القول إن "موقف الحزب الاجتماعي المسيحي لا يزال غير واضح، وما إذا كان الخلاف حول رفض اللاجئين سيتم حله بين حليفي الاتحاد المسيحي، في وقت تعتبر أوساط المسيحي الديمقراطي الذي تتزعمه ميركل، بأن الكرة أصبحت الآن في ملعب الاجتماعي والضغط انقلب على الوزير زيهوفر".
وفي حديث لمجموعة شمال ألمانيا الإعلامية، قال رئيس وزراء ولاية شليسفيغ هولشتاين المنتمي للمسيحي الديمقراطي، إن "القمة حققت الاختراق الذي كنا نأمله، وليس هنالك من سبب رئيسي بعد لنتجادل فيما بيننا حول الموضوع"، بدوره قال الخبير في حزب ميركل، أرمين شوستر، إن "نتائج القمة أعطت المستشارة ووزير داخليتها فرصة لحلول توافقية وطنية وهناك الآن إشارات إيجابية واضحة".
انتقادات لقمة بروكسل
أما الانتقادات لمقررات قمة بروكسل حول ملف الهجرة فجاءت عبر منظمة "برو آزول" الألمانية المدافعة عن حقوق اللاجئين، إذ وصفت ما حصل في بروكسل بـ"ذروة الوحشية"، وقال رئيس المنظمة غونتر بوركهاردت إن "تعذيب الناس واضطهادهم في أوروبا أمر غير إنساني، الهروب ليس جريمة"، وأضاف في حديث إعلامي أن "رؤوساء الدول والحكومات يفتقدون إلى أي تعاطف مع المضطهدين داخل وخارج حدود الاتحاد الأوروبي، هناك الآن مخيمات لليأس".
أما منظمة "أطباء بلا حدود" فأشارت في بيان إلى أنه بات يتعين على دول الاتحاد الأوروبي أن تصل إلى رشدها وتتحمل مسؤوليتها في إنقاذ الأرواح، بعد أن أدت سياسات الاتحاد إلى طلب الأشخاص الحماية في مراكز الاحتجاز، وإلى المزيد من الوفيات في البحر المتوسط، أما حزب اليسار فاعتبر أن المقررات جاءت كتفليسة لحقوق الإنسان، ليضيف أن "ازدواجية معايير أنجيلا ميركل وقادة الاتحاد الأوروبي هي حقا عار".