على الرغم من أن وسائل الإعلام الإسرائيلية قد دأبت، في العامين الماضيين، وبشكل لافت، على الإشارة إلى مركبات التحالف غير المعلن من الأردن، والمتمثل في اتساع مجالات الشراكة الاستراتيجية وعمق التعاون الأمني وتعاظم نطاق تبادل المعلومات الاستخبارية مع الأجهزة الأمنية في المملكة، إلا أن هناك ما يدل على أن التحولات التي شهدتها أخيراً كل من سورية والعراق قد عززت هذا الاتجاه في العلاقات بين الجانبين.
في هذا السياق، لفت معلقون عسكريون واستخباريون في تل أبيب، الأنظار إلى أن أهم تحوّل حفّز تكثيف التعاون الأمني وتبادل المعلومات الاستخبارية وعزز التنسيق بين الجانبين، هي الإنجازات التي حققتها الميلشيات التي تخضع لهيمنة إيران في كل من العراق وسورية. وحسب هؤلاء المعلقين، فإن الأردن وإسرائيل يبديان حساسية شديدة من إمكانية أن تسمح التحولات الميدانية على صعيد الصراع المتواصل في العراق وسورية إلى سيطرة مطلقة للقوى الخاضعة لإيران على الحدود السورية العراقية. وتخشى تل أبيب أن تُفضي سيطرة إيران على الحدود العراقية السورية إلى تمكينها من إرسال السلاح والعتاد لحزب الله في لبنان، عبر البر، بشكل يقلص من قدرة إسرائيل على جمع معلومات استخبارية عنه وإحباطه.
وفي تقرير نشرته الصحيفة، يوم الأربعاء، نوّه هارئيل إلى أن "تكثيف إسرائيل التعاون الاستخباري مع الأردن، ينبع أيضاً من حرص تل أبيب على ضمان استقرار نظام الحكم الحالي في عمان، والخوف من أن يتأثر بعمليات يمكن أن تنفذها جماعات متطرفة، مثل تنظيم داعش".
وأشار إلى أن "هذه المخاوف دفعت تل أبيب إلى منح الأردن مساعدات استخبارية وأمنية، كي يواجه التهديد المزدوج الذي يمثله اقتراب إيران من الحدود وأنشطة داعش". وحسب هارئيل، فقد "شملت المساعدات الإسرائيلية تقديم صور جوية لما يجري على طول الحدود العراقية السورية الأردنية، لتمكين الأردن من الاستعداد للدفاع عن نفسه، إلى جانب تزويده بمروحيات لم يعد الجيش الإسرائيلي يستخدمها". وأعاد هارئيل إلى الأذهان حقيقة أن "رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي، غادي أيزنكوت، عبّر أخيراً عن قلقه الشديد على مستقبل نظام الحكم في عمان بعد اطلاعه على تقديرات قدمتها له سفيرة إسرائيل في عمان، عينات شلاين، إذ شدّد أيزنكوت على ضرورة أن تحرص إسرائيل على إسناد نظام الحكم الأردني".
من ناحيته، نقل معلق الشؤون الاستخبارية في صحيفة "معاريف"، يوسي ميلمان، عن محافل أمنية في تل أبيب، قولها إن "إسرائيل تخشى أن تتحسن قدرة إيران على نقل السلاح لحزب الله، بعد السيطرة على الحدود العراقية السورية".
وفي تحليل نشرته الصحيفة، يوم الثلاثاء الماضي، نوّه ميلمان إلى أن "توثيق زيارة الجنرال قاسم سليماني، قائد فيلق القدس، التابع للحرس الثوري، إلى قاعدة التنف، التابعة لنظام الأسد، والقريبة من الحدود الأردنية العراقية، يعزز هذه المخاوف".
وحسب ميلمان، فإن "تمركز القوات الشيعية على مثلث الحدود العراقية الأردنية السورية قد يشجع سليماني على نشر قواته بالقرب من مثلث الحدود الأردنية السورية الفلسطينية. وهذا سيستدعي رداً قوياً من إسرائيل، كما هدد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو". ورأى أنه "لو كثّف الإيرانيون تواجدهم العسكري في سورية، من دون الاقتراب من هضبة الجولان، فإن هذا التطور سيرغم إسرائيل على دفع ثمن اقتصادي هائل من خلال زيادة النفقات الأمنية، على اعتبار أن هذا السيناريو ينذر بإحياء الجبهة الشرقية، مع العلم أن هذه الجبهة ماتت بعد إسقاط نظام صدام حسين واندلاع الحرب الأهلية في سورية".
وأوضح أن "الأردن ساعد في تسليح مليشيات درزية في جنوب سورية، بناء على طلب حكومة بنيامين نتنياهو التي استجابت لضغوط قادة الطائفة الدرزية في إسرائيل، الذين طالبوا تل أبيب بتحركات لعدم تعرّض الدروز هناك لاعتداءات، لاسيما عندما كانت قوى المعارضة السورية تحقق إنجازات في مواجهة نظام الأسد".
وأشار ميلمان إلى أن "جهاز الموساد يحتفظ بعلاقات عمل قوية مع الاستخبارات الأردنية"، مشيراً إلى أن "ممثلاً للموساد يعمل في السفارة الإسرائيلية في عمان، في حين أن الاستخبارات الأردنية تحتفظ بممثل لها في السفارة الأردنية في تل أبيب". وأعاد ميلمان إلى الأذهان حقيقة أن مسؤولين إسرائيليين قد كشفوا أن ملك الأردن السابق حسين ونجله الملك عبد الله قد التقيا مرات كثيرة برؤساء الموساد المتعاقبين.