استهجن عدد من نواب البرلمان المصري القرار المفاجئ للرئيس عبد الفتاح السيسي، بإعفاء المستشار هشام فؤاد جنينة، رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، من منصبه اعتباراً من تاريخ ٢٨ مارس/آذار الجاري، والذي أصدره في وقت متأخر من مساء أمس الإثنين.
وكانت نيابة أمن الدولة العليا، قد قررت منع جنينة من السفر للخارج، بعد التحقيق معه على خلفية البلاغات المقدمة بشأن تصريحاته عن تجاوز تكلفة الفساد في أجهزة الدولة مبلغ 600 مليار جنيه خلال الأعوام الثلاثة الماضية.
وقال عضو تكتل "٢٥ - ٣٠" البرلماني هيثم الحريري، إن القرار الرئاسي الصادر منتصف الليل يطرح عدداً من التساؤلات الهامة حول عزل جنينة، وما إذا كان لانتمائه لعهد الإخوان الذي عين خلاله، كما تدعي الأجهزة المحيطة بالرئيس، أم لكشفه أوجه الفساد الكبير داخل وزارات وهيئات وجهات سيادية.
وأضاف الحريري في تصريح خاص، لـ"العربي الجديد"، أن قرار العزل كان جاهزاً بشكل مسبق، وينتظر الفرصة المناسبة، ولابد من ربطه ببيان الحكومة الباهت أمام النواب، في محاولة لإلهاء المواطنين عن برنامج الدولة الذي غابت عنه الرؤية الواضحة، أو التوقيتات الزمنية المرتبطة بالخطط التي تضمنها.
وتابع الحريري، أن "كل اللوم يقع على أغلبية البرلمان المؤيدة، التي وافقت على تمرير قانون السيسي لعزل رؤساء الهيئات الرقابية، في بداية انعقاد المجلس، يناير/كانون الثاني الماضي، الذي يعد تغولاً على السلطة التشريعية، لكونها شريكاً رئيسياً في تعيين رؤساء الهيئات الرقابية، وبالتالي عزلهم، وسحب لاختصاصات المجلس لصالح السلطة التنفيذية، فضلاً عن تباطؤ رئيس البرلمان عن عمد في تشكيل اللجنة التي وافق عليها النواب مرتين، ورفضوا تأجيلها، للتحقيق في تصريحات جنينة، واللجنة التي شكلها السيسي للرد عليها".
من جانبه، قال النائب المستقل أحمد الطنطاوي، إن "صدور القرار مع نهاية التحقيقات مع جنينة معناه أن الأمور كانت مرتبة، وقرار العزل كان في الدرج، خاصة في ظل تجهيز خليفته المستشار هشام بدوي، لافتا إلى أن القانون الذي وافق عليه النواب في وقت سابق نزع من اختصاصات البرلمان لصالح الرئاسة، الذي فرط فيها طواعية نواب الأغلبية المحسوبون على السلطة الحاكمة".
وأضاف الطنطاوي في تصريح خاص، لـ"العربي الجديد"، أن "البرلمان أخطأ مرّة أخرى، وفرط في حق الشعب الذي انتخبه عندما سمح لرئيس المجلس علي عبد العال، بالتلاعب بقرار الأغلبية، وعطل تشكيل لجنة التحقيق البرلمانية، رغم إصرار النواب غلى تشكيلها وعدم تأجيلها لمرتين في شهري يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط الماضيين".
وأكد أنه، "كان هناك اتجاه عام للإطاحة بجنينة من الدوائر المقربة من السيسي، لعدم رضائهم عن كشفه لأوجه الفساد الضخم من خلال تقرير الجهاز الرقابي الذي كان يترأسه، لافتاً إلى سلب السلطة الحالية لحق البرلمان في المحاسبة السياسية، وهو ما لم يفعله الرئيس المخلوع حسني مبارك".
وقال نائب حزب التجمع، عبد الحميد كمال، إن "تلكؤ رئيس البرلمان في تشكيل اللجنة البرلمانية ليس ببعيد عن قرار فتح التحقيق مع جنينة ثم قرار عزله، فالأمور كانت مرتبة، ولا يستبعد وجود تنسيق بين السلطات الثلاث، الرئاسية، والتشريعية ممثلة في رئيس المجلس، والقضائية ممثلة في فتح التحقيقات المقدمة بشأن البلاغات الكيدية المقدمة للنائب العام بحق الرئيس السابق للجهاز المركزي للمحاسبات".
اقرأ أيضاً: "النواب المصري" يرضخ لتوصيات مجلس الدولة بشأن لائحته