ألقى العاهل المغربي الملك محمد السادس، الثلاثاء الماضي، كرة "الحوار المباشر لحل الخلافات الثنائية" في مرمى الجارة الشرقية للمملكة، في انتظار موقف رسمي من الجزائر حيال الأمر، فيما رحب كثيرون بالمبادرة، وتحفظ آخرون بشأن توقيتها.
وفي مربع الدول التي ترتبط، بشكل أو بآخر، بملف نزاع الصحراء، وأساساً موريتانيا والجزائر، لم يصدر بعد عن الحكومة الجزائرية موقف رسمي في الموضوع، باستثناء ما رشح من تصريحات مسؤولين سابقين منشورة في الصحافة المحلية، ذهب أكثرها إلى التحفظ على توقيت وسياق دعوة العاهل المغربي.
وفي السياق، صرح سفير الجزائر السابق في مدريد ووزير الاتصال السابق، عبد العزيز رحابي، بأن مبادرة المغرب إلى الدعوة لآلية للحوار المباشر مع بلاده لإذابة الخلافات إنما هي "خطوة تستهدف تحييد الجزائر عن مفاوضات جنيف حول ملف الصحراء".
واعتبرت منابر جزائرية، استناداً إلى ما وصفتها مصادر مطلعة، أن الدعوة التي وجهها محمد السادس للجزائر "مناورة جديدة يريد من خلالها المغرب شيطنة الجزائر، وإقحامها في ملف الصحراء".
ووفق المنابر ذاتها، فإن خطاب الملك يأتي في أسابيع قبل بداية المحادثات بين المغرب وجبهة البوليساريو الانفصالية، المزمع انعقادها في العاصمة السويسرية جنيف بداية شهر ديسمبر/ كانون الأول المقبل، وبذلك "يسعى بكل الطرق إلى إقحام الجزائر في ملف الصحراء، فيما تعتبر الجزائر ملف الصحراء قضية مدرجة في الأمم المتحدة، وأنها ليست طرفاً فيها".
وذكرت المصادر عينها أنه خلال سنة 2012، استضافت الجزائر وزير الخارجية المغربي حينها سعد الدين العثماني، الذي جاء برسالة تحمل خطاب ملك المغرب من أجل تقوية العلاقات الثنائية، الأمر الذي وافقت عليه الجزائر شرط "وقف الحملات الإعلامية على الجزائر، ووقف تدفق المخدرات من الحدود المغربية، وتسوية كل الملفات العالقة".
أما موريتانيا، فقد رحبت رسمياً بدعوة العاهل المغربي إلى "فتح حوار جاد وصريح مع الجزائر"، إذ أكد وزير الثقافة الناطق الرسمي باسم الحكومة، سيدي محمد ولد محمد، أن "نواكشوط ترحب بأي دعوة في هذا الصدد، وتتمنى أن تنال حظها"، وأن موريتانيا "تشجع وتتمنى التوفيق لأي مبادرة من شأنها أن تضمن استقرار المنطقة وأمنها وحسن الجوار".
وبمجرد أن رحبت موريتانيا بدعوة العاهل المغربي، انطلقت الأذرع الإعلامية لجبهة البوليساريو المطالبة بانفصال الصحراء عن سيادة المملكة لانتقاد الموقف الموريتاني، على اعتبار أنه "يناقض سياسة نواكشوط بشأن الحياد في نزاع الصحراء".
وعلى صعيد ذي صلة، توالت ردود الفعل المرحبة والمثمنة لدعوة العاهل المغربي، كان أبرزها مواقف كل من فرنسا التي وصفت الخطوة المغربية بـ"الجريئة والشجاعة"، وأيضاً مواقف بلدان أوروبية أخرى، فضلاً عن دولة قطر والكويت والإمارات، ودول عربية أخرى.