لليوم الخامس على التوالي تواصل مليشيات "الحشد الشعبي" إرسال مجموعات من عناصرها إلى سورية للقتال إلى جانب نظام بشار الأسد، وسط معلومات تؤكد أن ذلك جاء بناء على أوامر إيرانية لمليشيات "الحشد" بإرسال قوات لتعزيز جبهة حلب وريف دمشق، بعد الانتهاء من معركة الفلوجة مطلع الشهر الجاري وانسحاب أغلب الفصائل منها وتسليم المهمة للقوات النظامية العراقية.
وبحسب مصادر رفيعة في بغداد، فقد غادر المئات من أفراد المليشيات ومن فصائل مختلفة العراق، اعتباراً من مساء الجمعة الماضي، عبر مطاري بغداد والنجف، متوجهين إلى سورية على متن طائرات تابعة للخطوط الجوية العراقية ونظيرتها السورية وشركة طيران إيرانية خاصة، في ظل تنافس بين فصائل المليشيات المختلفة على إرسال أكبر عدد من مقاتليها لإرضاء إيران، والتي أوعزت بذلك على ما يبدو.
وتكثر التكهنات حول سبب إرسال هذه التعزيزات. وتبقى دوافع وأهداف هذه الخطوة غير واضحة حتى الآن. وترجح المصادر أن السبب يتمثل بارتفاع عدد القتلى الإيرانيين في سورية أخيراً، ومحاولة طهران الاعتماد على المليشيات العراقية الموالية لها. ولا تستبعد المصادر أيضاً وجود خطة تقضي بشن قوات النظام السوري هجوماً ضد بلدات تسيطر عليها فصائل المعارضة السورية، مما استدعى الاستعانة بمزيد من عناصر مليشيات "الحشد الشعبي" العراقية.
وتابع في حديثه لـ"العربي الجديد" أن "نقلهم يتم عبر مطار بغداد والنجف ومن غير المعروف عددهم، لكنهم حتى الآن أكثر من 2000 مقاتل، وجميعهم وصلوا إلى سورية وآخر رحلة كانت في العاشرة من صباح (أمس) الثلاثاء"، نافياً ما تتناقله أوساط الشارع العراقي، بجنوب ووسط البلاد، من أن أفراد المليشيات أخذوا معهم أسلحتهم التي قاتلوا بها في العراق إلى سورية، إذ أكد المصدر نفسه أنهم "ذهبوا بدون سلاح ونزلوا في مطاري دمشق وطرطوس ومن هناك لن يقيموا بفنادق" بل سيتم نقلهم إلى جبهات القتال، بحسب تأكيده.
في سياق متصل، قال القيادي في مليشيات "الخراساني"، والتي تحظى بدعم وتمويل مباشر من إيران، أبو مؤمل البهادلي، إن "الساحة العراقية والسورية واحدة وأين ما استدعت الحاجة للقتال سنقاتل". وأضاف البهادلي في حديث خص به "العربي الجديد" من بغداد، أن "الموضوع لا يرتبط بشيء معين، ومقاتلونا منذ سنوات في سورية، وعندما نحتاج أحداً من حزب الله اللبناني يأتي إلينا للعراق بكل تأكيد كما حصل في تكريت والفلوجة وجرف الصخر". وتابع "يحاول البعض أن يضع تفسيرات عدة لمغادرة المئات إلى سورية في هذا الوقت، لكن نؤكد أن لا شيء معين سيحدث، مجرد عمليات إسناد وتعزيز للحكومة هناك"، على حد زعمه.
وفي إطار ردود الفعل العراقية على هذه التطورات، علّق عضو التيار الصدري، محمد الدراجي، بالقول "بالنسبة للتيار الصدري لم يرسل أحداً إلى هناك، بلادنا أوجب علينا من غيرها، وما يحتاجه المنزل يحرم على الجامع كما هو المثل العراقي المعروف"، مضيفاً أن "الطلب إيراني وليس كما يحاول البعض أنه لمساندة بشار أو بطلب من الأشقاء السوريين كما يحلو لهم في كل هبة تجنيد"، على حد تعبيره.
وفي اعتراض شديد اللجهة، وصف القيادي بجبهة الحراك الشعبي العراقي انتقال المئات من مليشيات "الحشد" إلى سورية بالقول "هم باتوا مجرد أدوات تتنقل بين البلدين وفقاً لرغبة إيران وما يجري بعلم الأميركيين الذين باتوا بوضع المتفرج لا أكثر على ما تصنعه الأذرع الإيرانية في البلدين تحت ذريعة الحرب على الإرهاب".