تتكشف يوماً بعد يوم الخبايا وراء اعتداء مانشستر، إذ تبيّن أنّ المشتبه به بتنفيذ الاعتداء سلمان عبيدي، استخدم قروضاً طلابية يقدّمها دافعو الضرائب، لتمويل اعتدائه، بينما تواصل الشرطة التحقيقات، وسط مخاوف من تمكّن عناصر من الشبكة التي ساعدته، من الهرب إلى مدن صغيرة في بريطانيا.
وقالت صحيفة "ذا تيليغراف" البريطانية، اليوم السبت، إنّ الشرطة تعتقد أنّ عبيدي، تلقّى آلافاً من الجنيهات الإسترلينية، من برنامج تمويل للطلاب مدعوم من الدولة، خلال الفترة التي سبقت الاعتداء، حتى عندما كان يتلقّى تدريباً في الخارج على صنع القنابل.
واستهدف تفجير انتحاري، الاثنين الماضي، مدخل صالة "أرينا مانشستر"، أسفر عن مقتل 22 شخصاً وإصابة 59 آخرين، وتبنّاه تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش). وتمّ الكشف عن هوية منفّذ الهجوم الذي استهدف حفلاً للمغنية أريانا غراندي، ويدعى سلمان عبيدي، وهو بريطاني من أصل ليبي يبلغ من العمر 22 عاماً.
وتحقّق الشرطة البريطانية، حالياً، في الحسابات المالية لعبيدي، بما فيها تمكّنه من الدفع لرحلات متكررة إلى ليبيا، حيث يعتقد أنّه تلقّى تدريبات من إحدى التنظيمات، على كيفية صنع القنابل.
وكشفت الصحيفة، أنّ الشرطة البريطانية، داهمت صالوناً لحلاقة الشعر في مانشستر، مفترضة أنّ عبيدي حصل منه على بيروكسيد الهيدروجين، وهي مادة كيميائية تستخدم في تصفيف الشعر، ويمكن استخدامها أيضاً في صنع قنابل.
وبحسب الصحيفة، فإنّ حسابات عبيدي المالية، تشكّل "مادة رئيسية"، في تحقيق الشرطة البريطانية، وسط تزايد المخاوف من إمكانية تلاعب "الجهاديين"، بنظام القروض الاجتماعية والطلابية في بريطانيا، لتأمين التمويل لاعتداءاتهم.
وفي هذا السياق، تكشف "ذا تلغراف"، أنّ عبيدي تلقّى 7000 جنيه إسترليني، من شركة قروض طلابية يقدّمها دافعو الضرائب، بعد أن بدأ دراسة إدارة الأعمال في جامعة سالفورد، في أكتوبر/ تشرين الأول 2015.
ويُعتقد، بحسب الصحيفة، أنّ عبيدي حصل على 7000 جنيه إسترليني أخرى، خلال العام الدراسي سنة 2016، على الرغم من أنّه بحلول هذا الموعد، كان قد أوقف دراسة التخصص.
ورفضت جامعة سالفورد، الإفصاح عمّا إذا كانت قد أبلغت شركة القروض الطلابية، بضرورة وقف تقديم القروض إلى عبيدي.
وعلى خطٍ موازٍ، رفضت إدارة العمل والمعاشات التقاعدية، بدورها الإفضاح عمّا إذا تلقّى عبيدي أية فوائد، بما في ذلك إعانة لتأمين السكن ودعم الدخل، بقيمة تصل إلى 250 جنيه إسترليني في الأسبوع، خلال عامي 2015 و2016، مشيرة فقط إلى أنّه لم يحصل على فوائد خلال الأسابيع التي سبقت الاعتداء.
وعبيدي (22 عاماً) لم يكن صاحب عمل، وفقاً لجيرانه وأصدقائه، لكنّه تمكّن من السفر بانتظام بين المملكة المتحدة وليبيا. كما كان لديه، بحسب الصحيفة، ما يكفي من الأموال لشراء مواد من أجل تصنيع قنبلة متطورة، أثناء سكنه بمنزل مستأجر، في جنوب مانشستر.
وفي هذا السياق، تكشف "ذا تلغراف"، أنّ عبيدي، وقبل ستة أسابيع على اعتداء مانشتسر، استأجر شقة ثانية ضمن مجموعة من الشقق في منطقة بلاكلي على بعد ثمانية أميال من منزله، ودفع 700 جنيه إسترليني نقداً.
كما كان لدى عبيدي، بحسب الصحيفة، ما يكفي من الأموال لاستئجار شقة ثالثة في وسط مانشستر، والتي انطلق منها حاملاً حقيبة على الظهر، تحتوي على القنبلة التي استخدمها لتنفيذ الاعتداء.
وقبيل ثلاثة أيام على الاعتداء، سحب عبيدي مبلغاً قدره 250 جنيه إسترليني نقداً، وحوّل 2500 جنيه إسترليني إلى شقيقه الأصغر في ليبيا هاشم، والمتهم بالمعرفة عن الهجوم مسبقاً.
وقال متحدّث باسم شركة القروض الطلابية، بحسب الصحيفة، إنّه "لن يكون من المناسب لشركة القروض الطلابية الاستجابة للطلبات الإعلامية، من أجل الحصول على معلومات قد تكون ذات صلة بالتحقيقات الجارية للشرطة".
وردّاً على سؤال، حول ما إذا كانت جامعة سالفورد، قد أبلغت شركة القروض الطلابية عن انسحاب عبيدي من الدراسة فيها، قال متحدّث باسم الجامعة، إنّه "لا يمكننا التعليق".
واعترفت الحكومة البريطانية، في وقت سابق، بأنّه ليس لديها أي فكرة عن عدد "الإرهابيين" الذين يمكن أن يستغلّوا فوائد دافعي الضرائب وقروض الطلاب، لتمويل أنشطتهم.
وقال البروفسور أنطوني غليس، مدير مركز الدراسات الأمنية والاستخبارات بجامعة باكنغهام، للصحيفة، إنّ "النظام البريطاني يتيح الأموال الجاهزة للطلاب الجهاديين دون التحقّق منها. هناك حاجة إلى إجراء تحقيق في هذا الأمر".
هروب أعضاء الشبكة؟
وفي إطار التحقيقات حول الشبكة التي ساعدت عبيدي على تنفيذ الاعتداء، نقلت صحيفة "ذي إندبندنت"، اليوم السبت، عن مصادر أمنية، أنّ أعضاء من الشبكة، هربوا إلى أماكن أخرى فى بريطانيا، وسط مخاوف من إمكانية حصولهم على مواد لصنع القنابل.
وأشارت المصادر، إلى أنّ مدناً صغيرة، قد لا تتواجد فيها أعاداد كبيرة للشرطة المسلحة، هي أمكان محتملة لتواجدهم فيها.
وحاولت الشرطة وأجهزة الأمن، بقدر كبير من النجاح، الكشف عن الخلية التي ساعدت عبيدي على تنفيذ اعتداء مانشستر.
وخلال الساعات الأولى من صباح اليوم السبت، اعتقل ضباط الشرطة، رجلين آخرين تتراوح أعمارهم بين 20 و22 عاماً، في منطقة تشيتهام هيل في مانشستر، وقاموا بتفجير مواد بإحكام خلال سلسلة مداهمات.
ويوجد حالياً 11 شخصاً مشتبهاً فيهم رهن الاعتقال، مع امتلاك المحققين لأدلة، بما في ذلك مكونات الأجهزة المتفجرة.
ولفتت "ذي إندبندنت"، إلى أنّ المخاوف من أنّ عددًا قليلاً من شركاء عبيدي، تمكنّوا من الفرار، وقد يحاولون الضرب في جزء آخر من بريطانيا، تكمن وراء نشر القوات في جميع أنحاء البلاد.
وكانت الصحيفة ذاتها قد كشفت، قبل يومين، أنّ كمية من مواد صنع القنابل، بما في ذلك المتفجرات، كانت معروفة بحوزة عبيدي وأعضاء الخلية، مفقودة، ولم تجدها الشرطة كاملة، على الرغم من عمليات البحث المكثفة.
من جهة ثانية، قالت "ذي إندبندنت"، إنّ إحدى المداهمات التي نفذّتها الشرطة، اليوم السبت، استهدفت صالوناً لحلاقة الشعر في منطقة موس بمانشستر، والذي يعتقد أنّه مملوك من قبل أحد أقرباء عبيدي ويدعى عبد الله فورجاني، (38 عاماً) كان استأجر شقة لعبيدي في منطقة بلاكلي.
وغادر عبيدي الشقة، في مارس/ آذار الماضي للسفر إلى ليبيا. والده رمضان عبيدي المعروف أيضاً باسم أبو إسماعيل عبيدي، عضو سابق في جماعة إسلامية ليبية، حظرتها الأمم المتحدة بسبب صلاتها بتنظيم "القاعدة" بعد أحداث 11 سبتمبر/ أيلول في نيويورك.
وقد اعتقلت قوات تابعة لحكومة "الوفاق الوطني" الليبية، المدعومة من الأمم المتحدة، في طرابلس رمضان عيبدي وابنه هاشم (20 عاماً)، فيما أُلقي القبض على ابن آخر إسماعيل (24 عاماً)، وهو ما زال رهن الاعتقال في إنكلترا.