الاتفاقية الأمنية بين بغداد وواشنطن على المحك: تحريض إيراني؟

بغداد

براء الشمري

avata
براء الشمري
01 يناير 2020
55F6FCF7-8298-4419-B97C-8F4953E8C15D
+ الخط -
وضع التوتر الأخير وغير المسبوق بين واشنطن ومليشيات عراقية مرتبطة بإيران، السلطات العراقية في موقف بدت أنها غير قادرة على التعامل معه بشكل صحيح، أو حتى مفهوم لأقرب المقربين من كواليس المنطقة الخضراء ببغداد، بخاصة في الساعات الأربع والعشرين الماضية، التي شهدت الاعتداء على السفارة الأميركية واقتحام حرمها وحرق كرفانات ومقرات الحرس، وغرف الاستعلامات داخلها، فضلا عن تحطيم ممتلكات فيها، بعد اقتحام متظاهرين ومسلحين المنطقة الخضراء بشكل بدا أنه منظم ومتفق عليه مع حكومة رئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي المتهمة بالخضوع لرغبة مليشيات "الحشد الشعبي". 

هذا التوتر تزامن مع إعادة زعماء مليشيات وقوى سياسية مرتبطة بإيران في العراق طرح موضوع الاتفاقية الإطار الاستراتيجي بين العراق والولايات المتحدة، التي وقعت عام 2008، وعلى أساسها تم إنهاء الاحتلال الأميركي للعراق، ووصل في الساعات الأخيرة إلى دعوات إلغاء الاتفاقية من الأساس، وليس إعادة النظر بها.

ووقّع العراق وأميركا، في نوفمبر/ تشرين الثاني 2008، اتفاقية الإطار الاستراتيجي للدفاع المشترك، وتعزيز الأمن والاستقرار في العراق. 

ونصّ القسم الثالث من الاتفاقية على أنها "جاءت لردع جميع التهديدات الموجهة ضد سيادة العراق وأمنه وسلامة أراضيه، من خلال تنمية الترتيبات الدفاعية والأمنية".

كما ألزمت الاتفاقية الطرفين بالتعاون في مجالي الأمن والدفاع، بشكل يحفظ للعراق سيادته على أرضه ومياهه وأجوائه.

وبموجب الاتفاقية أيضا "يواصل الطرفان العمل على تنمية علاقات التعاون الوثيق بينهما فيما يتعلق بالترتيبات الدفاعية والأمنية، من دون الإجحاف بسيادة العراق على أراضيه ومياهه وأجوائه". كما تنص الاتفاقية على أنه "يتم هذا التعاون في مجالي الأمن والدفاع وفقاً للاتفاق بين الولايات المتحدة وجمهورية العراق بشأن انسحاب قوات الولايات المتحدة من العراق وتنظيم أنشطتها خلال وجودها المؤقت فيه".

وتحدد الاتفاقية، بموجب القسم الحادي عشر منها، وتحت عنوان "أحكام ختامية"، آليات تعديل أو إلغاء الاتفاقية، ووفقاً لنصها المنشور على موقع الأمانة العامة لمجلس الوزراء: "تظل هذه الاتفاقية سارية المفعول ما لم يقدم أي من الطرفين إخطاراً خطياً للطرف الآخر بنيته بإنهاء العمل بهذه الاتفاقية، ويسري مفعول الإنهاء بعد عام واحد من تاريخ مثل هذا الإخطار"، كما تشير إلى أنه "يجوز تعديل هذه الاتفاقية بموافقة الطرفين خطياً ووفق الإجراءات الدستورية النافذة في البلدين".

وتتحرك القوات الأميركية، التي يزيد عددها عن خمسة آلاف جندي، غالبيتهم من القوات الخاصة "المارينز"، ضمن هذا الغطاء وغطاء قوات التحالف الدولي، التي ما زالت تنشط في العراق لمحاربة جيوب وبقايا تنظيم "داعش"، وتدريب القوات العراقية.

ويتعرض البرلمان العراقي إلى ضغوط كبيرة من قبل الكتل التابعة للمليشيات من أجل اتخاذ إجراءات تهدف إلى إلغاء الاتفاقية الأمنية، إلا أن آراء البرلمانيين منقسمة بهذا الشأن. 

ولم ينجح مجلس النواب العراقي في عقد جلسة الاثنين الماضي لمناقشة القصف الأميركي لمقرات تابعة للمليشيات العراقية.

عضو بلجنة الأمن والدفاع البرلمانية قال لـ"العربي الجديد" إن "الحديث عن إخراج القوات الأميركية بالقوة أو بقرار منفرد من قبل الجانب العراقي غير صحيح في هذه الظروف، وسيحول العراق إلى دولة عدو بالنسبة للأميركيين على غرار إيران، ويهدد ذلك بعقوبات سياسية واقتصادية لا يتحملها العراق بالمطلق"، معتبرا أن "الدعوات تأتي بتوجيهات إيرانية، وهذا مؤكد"، على حد تعبيره.

وأشار المتحدث ذاته إلى أن "رغبة أغلب النواب تسير باتجاه حل الأمور بعقلانية، ووفقا للسياقات القانونية، بعيدا عن العواطف. ولفت إلى وجود إصرار من قبل نواب بتحالف "الفتح" على ضرورة إصدار قرار قريب بإلغاء الاتفاقية الأمنية أو تعديلها وإخراج القوات الأميركية من العراق.

وقال عضو مجلس النواب سلام الشمري إن عام 2020 سيكون عام التصويت على قرار بإخراج القوات الأميركية، وإلغاء الاتفاقية الأمنية مع واشنطن.

وبحسب أستاذ القانون الدولي في جامعة بغداد علي فاضل، فإن إلغاء الاتفاقية الأمنية بين بغداد وواشنطن لن يكون سهلا، مبينا، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنها وضعت شروطا بعدم التعديل إلا بموافقة الطرفين.

وأضاف: "أما في حال قرر العراق إلغاءها، فإن هذا يعني أنه سيضع نفسه في مواجهة مباشرة مع الأميركيين". وتابع "وسيترتب على ذلك خسارة العراق لجهود التحالف الدولي ضد "داعش" الذي تقوده أميركا"، لافتا إلى "احتمال تعرض سمعة العراق الدولية للخطر في حال ألغى اتفاقية أمنية مع دولة كبرى تحت ضغط المليشيات".

وطالبت مليشيا "كتائب حزب الله" العراقية بإلغاء الاتفاقية الأمنية الموقعة بين العراق وأميركا.

وقال المتحدث باسم المليشيا محمد محيي إن الاتفاقية الأمنية تسمح للأميركيين بالتواجد العسكري، لكنها لا تتيح لهم اتخاذ العراق قاعدة للاعتداء على الآخرين، موضحا، في تصريح لوكالة "تسنيم" الإيرانية، أن "أميركا خرقت هذه الاتفاقية التي يجب أن تلغى". 

ودعا محيي إلى طرد القوات الأميركية، سواء كان بالعمل السياسي أو البرلماني، مشددا على ضرورة العمل من أجل "إرغام الأميركيين على الخروج".

ذات صلة

الصورة
أسلحة للعراق الجيش العراقي خلال مراسم بقاعدة عين الأسد، 29 فبراير 2024 (أحمد الربيعي/فرانس برس)

سياسة

كشفت مصادر عراقية لـ"العربي الجديد"، وجود ضغوط إسرائيلية على دول أوروبية وآسيوية لعرقلة بيع أسلحة للعراق وأنظمةة دفاع جوي.
الصورة

سياسة

أعلنت وزارة الدفاع التركية، ليل أمس الأربعاء، قتل العديد من مسلحي حزب العمال الكردستاني وتدمير 32 موقعاً لهم شمالي العراق.
الصورة
تظاهرة في بغداد ضد العدوان على غزة ولبنان، 11 أكتوبر 2024 (أحمد الربيعي/ فرانس برس)

منوعات

اقتحم المئات من أنصار فصائل عراقية مسلحة مكتب قناة MBC في بغداد، وحطموا محتوياته، احتجاجاً على عرضها تقريراً وصف قيادات المقاومة بـ"الإرهابيين".
الصورة
متظاهرون أمام الفندق يحملون لافتات تقول "فلسطين ليست للبيع" (العربي الجديد)

سياسة

تظاهر ناشطون أمام فندق "هيلتون دبل تري" في مدينة بايكسفيل بولاية ماريلاند الأميركية الذي استضاف مزاداً لبيع مساكن أقيمت على الأراضي الفلسطينية المسروقة