لا يبدو أن ملف اتفاقية الغاز الأردنية مع الاحتلال الإسرائيلي سينتهي في وقت قريب، مع تصاعد الحراك ضد هذه الاتفاقية القائمة على استيراد الغاز من إسرائيل بقيمة 10 مليارات دولار. وفي خطوة تصعيدية جديدة، ستقوم "الحملة الوطنيّة الأردنية لإسقاط اتفاقيّة الغاز مع الكيان الصهيوني" (غاز العدو احتلال)، وجميع مكوّناتها من أحزاب سياسيّة، ونقابات وحراكات شعبيّة، اليوم الأحد، بتسجيل إنذارات عدليّة، في عدة محاكم محلية، موجّهة لرئيس الوزراء عمر الرزاز، ومجلس وزرائه، بصفتهم الوظيفيّة، من خلال وكيل إدارة قضايا الدولة، بسبب عدم إلغاء الحكومة الاتفاقية حتى الآن.
وكشف النائب عن كتلة "الإصلاح" (الحركة الإسلامية) في البرلمان الأردني ونقيب المحامين السابق صالح العرموطي، في وقت سابق، أن اتفاقية الغاز الموقّعة مع الاحتلال الإسرائيلي تحتوي على بنود يمكن للأردن الاعتماد عليها في إلغاء الاتفاقية من دون دفع الشرط الجزائي بقيمة 1.5 مليار دولار، مضيفاً أن "الحكومة أعطت معلومات غير صحيحة ومضللة حول الاتفاقية". وتتعلّق هذه الإنذارات باستمرار الحكومة بتنفيذ اتفاقيّة الغاز مع إسرائيل والأعمال الإنشائيّة واستملاكات الأراضي المتعلّقة بها، وعدم إعلان إلغائها، من دون أيّ اعتبار لمصالح الأردن الاستراتيجيّة والاقتصاديّة والسياسيّة والأخلاقيّة، ومن دون أي اعتبار للمواطنين الذين ستُسحب أموال هذه الصفقة، البالغة 10 مليارات دولار، من أموالهم، ليُدعم بها الاحتلال، بدلاً من أن تُستثمر لتعزيز الاقتصاد الوطني. ويستند الإنذار العدلي إلى دفوع تفصيلية قانونيّة ودستوريّة، تُثبت انعدام قانونيّة ودستوريّة هذه الاتفاقيّة، "خصوصاً في ظلّ عبثيّتها اقتصادياً، وكارثيّتها أمنياً، ومخالفتها للدستور الأردني، في ظلّ الرفض الشامل لها شعبياً، ورفض مجلس النواب الأردني لها بإجماع أعضائه".
وقال منسق الحملة الوطنية لإسقاط اتفاقية الغاز هشام البستاني، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن المانع الوحيد من الانفكاك من اتفاقية الغاز الموقّعة مع دولة الاحتلال غياب الإرادة السياسية، فيما تسمح بنود الاتفاقية بإلغائها. وعن أهمية توقيت هذا التحرك، لفت البستاني إلى أنه يأتي بعد فترة وجيزة من الكشف عن فحوى وتفاصيل الاتفاقية كاملة، معتبراً أن كل الذرائع الحكومية لعدم إلغاء الاتفاقية عبارة عن معلومات مضللة تم بثّها خلال الفترة الماضية، وأصبحت مفضوحة، على الرغم من أن الحكومة تطالب ليل نهار المواطنين بتصحيح معلوماتهم، وعدم نشر الشائعات، ليتضح أن الحكومة أكبر مضلل وناشر للشائعات والمعلومات غير الدقيقة، وفق قوله. وأضاف أن هذا التوقيت يرتبط أيضاً بقرب وصول الغاز المسروق إلى الأردن مع بداية العام المقبل، موضحاً أنه إذا لم توقف هذه الصفقة خلال الفترة القريبة المقبلة، فالكارثة ستحل على الجميع خلال الأشهر المقبلة، وهذه المحاولات لإلغاء الاتفاقية تصب في صالح الأردن واقتصاده، وفي صالح القضية الفلسطينية.
وقال منسق الحملة الوطنية إن خطاب أصحاب القرار في الأردن مزدوج، ففي الوقت الذي يتم الإعلان فيه عن مواجهة أطماع الاحتلال في فلسطين والحفاظ على المصالح الاستراتيجية الأردنية، يتم في التوقيت نفسه التوقيع على اتفاقية تساهم بدعم دولة الاحتلال بـ10 مليارات دولار من أموال دافعي الضرائب الأردنيين، كما أن الاتفاقية تساهم في تسليم دولة الاحتلال سلاحاً استراتيجياً مهماً، وهو الطاقة، كأداة تسمح له بابتزاز الأردن في المستقبل، بحسب قوله. واعتبر البستاني أن الحكومة يجب أن تُحاكم بسبب خطابها التضليلي، وتوقيع اتفاقية الغاز التي تعتبر جريمة بحق الوطن ومصالحه الاستراتيجية، مشيراً إلى أن صاحب القرار اليوم أمام فرصة تاريخية للانفكاك من الاتفاقية في ظل الاهتمام المحدود من الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالمنطقة، فيما رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو لا يلقي بالاً كبيراً للعلاقات مع الأردن.
من جهته، قال مقرر لجنة الطاقة في مجلس النواب الأردني النائب موسى هنطش، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن 130 نائباً أردنياً قاموا برفض اتفاقية الغاز الموقّعة مع العدو الإسرائيلي، ودور الحكومات التي تحترم نفسها ودستور بلادها الإعلان عن رفض اتفاقية الغاز مع العدو الإسرائيلي. وأضاف أن الحكومة الأردنية تتحمّل مسؤولية التوقيع على الاتفاقية، والأصل أن يحاسب كل من ساهم بتوقيع الاتفاقية، معتبراً أن "الأخطر في الموضوع أيضاً أننا لا نعلم حتى الآن من هم الأردنيون المساهمون في الشركة الوسيطة". وتساءل هنطش "كيف نحمّل وطناً مبلغ 10 مليارات دولار، في اتفاقية غاز لم يُستخرج بعد، من بلد عدو، ونحن لدينا في الأصل فائض طاقة، خصوصاً بعد اكتشاف الغاز في حقول أردنية في منطقة الريشة، وتدفق الغاز المصري إلى البلاد؟". وأشار إلى أن حكومة هاني الملقي خالفت الدستور بتوقيعها الاتفاقية من دون عرضها على مجلس الأمة وحصولها على موافقة عليها، مضيفاً أن المجلس ناقش الاتفاقية ورفضها جملة وتفصيلاً، وهو ما أعلنه رئيس المجلس عاطف الطراونة في جلسة 26 مارس/ آذار الماضي.
ولفت مقرر لجنة الطاقة إلى أنه عندما التقت كتلة "الإصلاح" النيابية العاهل الأردني عبد الله الثاني، في منتصف إبريل/ نيسان الماضي، قام بطرح القضية، ووعد الملك بإعادة بحث الاتفاقية، موضحاً أن كفيل شركة الكهرباء في هذه الاتفاقية الموقّعة هي الحكومة، وكفيل الحكومة الأردنية هي الولايات المتحدة الأميركية، مشيراً إلى أن "هذا يسيء للأردن، ونحن أمام استعمار مبطن". وأكد هنطش أن "مجلس النواب دستورياً هو صاحب الحق في تحديد توجّهات الحكومة في إطار دوره التشريعي والرقابي، وفي حال عدم امتثال الحكومة لقرارات المجلس وتوجهاته، يستطيع المجلس حجب الثقة عن الحكومة". وكان مجلس النواب الأردني قد رفض خلال جلسة، في نهاية مارس/ آذار الماضي، بشكل كامل، اتفاقية استيراد الغاز من إسرائيل البالغة قيمتها 10 مليارات دولار أميركي، لتوريد 1.6 تريليون قدم مكعب طوال 15 سنة، عبر أنابيب من حقل "لفيتان" في البحر الأبيض المتوسط إلى شمال المملكة مع بداية عام 2020.