دي ميستورا يضرب بيد النظام: ولادة عسيرة لجنيف 4

جنيف
5698EA23-7F4D-47FA-B256-09D7BCA82E5A
ناصر السهلي
صحافي فلسطيني، مراسل موقع وصحيفة "العربي الجديد" في أوروبا.
جنيف

باسم دباغ

avata
باسم دباغ
23 فبراير 2017
25DC5C41-64CE-49D0-9178-02547973A984
+ الخط -

بدا واضحاً منذ صباح يوم الخميس، أنّ كلمة السرّ بالنسبة للمبعوث الأممي إلى سورية، ستيفان دي ميستورا، لتنظيم مؤتمر جنيف 4 للحوار السوري ــ السوري، هي إضعاف المعارضة السورية وموقفها بقدر الإمكان، على قاعدة "فرِّق تسد"، من خلال إصراره على تقسيم المعارضة إلى ثلاثة وفود: وفد الهيئة العليا للتفاوض المؤلف من 21 عضواً، ووفد منصة القاهرة (عضوان على طاولة منفردة) ووفد منصة موسكو (عضوان على طاولة منفردة أيضاً)، وذلك في افتتاح مؤتمر جنيف مساء الخميس، إلى جانب طاولة لوفد النظام، وأخرى لممثلي دول مجموعة الاتصال حول سورية. شرط أبلغه دي ميستورا لكل من رئيس الوفد المعارض نصر الحريري ورئيس بعثة وفد الهيئة العليا للتفاوض يحيى قضماني اللذين اجتمع بهما ظهر الخميس في مقر الأمم المتحدة في جنيف.

كلام لم يفهم وفد قوى الثورة والمعارضة منه إلا رغبة من الوسيط الدولي بضرب شرعية الهيئة العليا للتفاوض من خلال تجزئة المعارضة، ومساواة وفدها الشامل بمنصتين (القاهرة وموسكو) سبق أن وافقت الهيئة على ضمهما إلى الوفد المفاوض. وبذلك يكون دي ميستورا قد انقلب على تعهداته السابقة لناحية أن تكون جميع المنصات ممثلة في وفد المعارضة الذي ألفته الهيئة العليا للتفاوض صاحبة الحق في تسمية المفاوضين والاستشاريين بحسب اعترافات سابقة لدي ميستورا وفريق عمله. سلوك دي ميستورا ظهر شبيهاً بالكامل بما انتهجه في جنيف 3 (إبريل/نيسان 2016) عندما لعب على ورقة دعوة ممثلين عن أشخاص يسمون أنفسهم معارضين لكسر الصفة التمثيلية للمعارضة، تارة باسم استشاريين وتارة أخرى بصفة مدعوين خاصين من حصة المبعوث الدولي، وهو ما أدى في النهاية إلى انتهاء اجتماعات جنيف في حينها من دون تحقيق أي تقدم، لا بل خرج منها النظام منتصراً عملياً.

وكان لافتاً جداً، طيلة اليوم الطويل، أكان في مقر الأمم المتحدة، أو في مقر إقامة المعارضة في فندق "كراون بلازا"، الغياب الكامل لكل الدول التي كانت تسمى "صديقة" للمعارضة السورية، إذ تفرّد دي ميستورا بقراراته في نواحٍ تعتبرها المعارضة خطاً أحمر، تحديداً لجهة تجزئة المعارضة ومساواة أطراف قريبة من النظام السوري ومن القيادة الروسية مع وفد يدرك دي ميستورا ومن خلفه أنها تمثل السواد الأعظم من الفصائل المعارضة. 


وكان معبراً جداً، دخول الوفد المعارض إلى قاعة الافتتاح، بزيّ عسكري ارتداه المفاوضون والمستشارون العسكريون الممثِّلون للفصائل العسكرية، في رسالة ضمنية مفادها أن المفاوضات السياسية مكملة للقتال على الجبهات. ورفضت الهيئة العليا للمفاوضات إضافة أي منصة أخرى إلى صفوف المعارضة باعتبارها هي المسؤولة عن تشكيل الوفد المفاوض، وأعلنت عن ضم ممثلين عن جميع المنصات خلال تشكيل الوفد المفاوض الذي نصبت نصر الحريري رئيساً له. غير أن دي ميستورا بدا أنه تمكن، من خلال شرطه، أن يربك المعارضة بشكل كبير، لتنتقل المشكلة من دي ميستورا والنظام إلى داخل الوفد المعارض نفسه، الذي خاطب دي ميستورا برسالة مكتوبة اشترط فيها ضمّ الأعضاء الأربعة أو الستة (من وفدي موسكو والقاهرة) إلى وفد الهيئة العليا للتفاوض، تحت طائلة الانسحاب من الافتتاح وتالياً من المؤتمر.



ثم طرأت مشكلة أخرى أمام وفد الهيئة العليا للتفاوض، حتى قبل وصول رد دي ميستورا على شرطهم، إذ سرعان ما برز اختلاف في وجهات نظر بين أعضاء وفد الهيئة العليا للتفاوض نفسه، حول تسمية الوفد في حال وافق دي ميستورا على شرطهم بين من اعتبر أنه يجدر تسمية الوفد "وفد قوى الثورة والمعارضة" من جهة، ومن فضل الإبقاء على "وفد الهيئة العليا للمفاوضات" على اعتبار أن التسمية الأولى تضرب مشروعية وحصرية الهيئة العليا في الحق بتمثيل قوى المعارضة السورية، السياسية منها والعسكرية.

وطالت المفاوضات الداخلية في فندق كراون بلازا (مقر إقامة وفد المعارضة) لتشمل سفراء دول مجموعة الاتصال الخاصة بسورية الذين حصروا لقاءهم من دون مشاركة أي شخص سوري، أكان من المعارضة أو من النظام. ثم سربت مصادر الوفد السوري المعارض خبر تلقيهم رسالة من دي ميستورا، لم يكشفوا عن فحواها، وهو ما نتج عنه على الفور توجه الوفد المفاوض والاستشاري من الفندق إلى حافلة كانت تنتظرهم قبالة مقر إقامتهم، ونقلتهم بالفعل إلى مقر الأمم المتحدة، حيث الافتتاح المؤجل ثلاث ساعات للمحادثات. وتسرب عن رسالة دي ميستورا أن الجلسة الافتتاحية وشكل توزيع الوفود داخل قاعتها "لن يكون له أي أثر على سير المحادثات والمفاوضات وكامل فعاليات المؤتمر، بل هو مجرد إجراء تنظيمي احتفالي لبدء أعمال المؤتمر" بحسب معلومات وصلت إلى "العربي الجديد".

وعلى باب الحافلة، أعلن المتحدث الإعلامي باسم الائتلاف السوري، أحمد رمضان، أن وفد المعارضة لن يشارك في أي مؤتمر بصفة "وفد رئيسي" وآخر "استثنائي" مثلما حاول دي ميستورا الترويج لتبرير دعوة منصتي القاهرة وموسكو بصفتهما وفدين مستقلين عن وفد الهيئة العليا للتفاوض.

وقال رمضان لـ"العربي الجديد": ليس هناك إلا وفد واحد للمعارضة، اسمه وفد قوى الثورة والمعارضة، وفيه مكان لجميع ممثلي أطياف المعارضة. وختم بأنه في حال تم التعاطي مع أكثر من وفد، فسينسحب ممثلو "وفد قوى الثورة والمعارضة". في هذا الوقت، كان وفد النظام شديد الارتياح، وهو ما عبر عنه نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، بعد اجتماع رئيس وفد نظامه بشار الجعفري مع دي ميستورا، قائلا إن "وفد النظام ذهب إلى جنيف لمناقشة تسوية سياسية وليس تغيير القيادة"، معتبراً أن هذا "حلم لن يتحقق". وقال المقداد "نحن لا نتحدث عن انتقال سياسي، ما يعني بالنسبة لهم أن تذهب القيادة كلها ويأخذون هم البلاد. نحن لن نذهب إلى جنيف لإعطائهم هذا. هذا لن يحصل أبداً، نحن ذاهبون إلى جنيف لنجد تسوية سياسية وليس لتغيير الحكومة".

وقال أحد ممثلي ما يسمى منصة القاهرة، جمال سليمان، من جنيف، لـ"العربي الجديد"، إن توقيت انطلاق المباحثات يحدده دي ميستورا "ونسعى لتوحيد رؤى المعارضة لحل سياسي". وأوضح العضو الآخر من منصة القاهرة، فراس الخالدي، أن "هناك اختلافاً بين وفد الهيئة العليا للتفاوض من جهة ووفد منصة القاهرة من جهة ثانية"، مشدداً على الحاجة للتنسيق بينهما. وكان لافتاً اجتماع دي ميستورا مع وفد نسائي سوري يمثل عدداً من أمهات معتقلين سوريين لدى سجون النظام، قائلاً، بعد الاجتماع بهنّ، إنه سيشدد على أولوية قضية المعتقلين في سجون النظام السوري.

ذات صلة

الصورة
من مجلس العزاء بالشهيد يحيى السنوار في إدلب (العربي الجديد)

سياسة

أقيم في بلدة أطمة بريف إدلب الشمالي وفي مدينة إدلب، شمال غربي سورية، مجلسا عزاء لرئيس حركة حماس يحيى السنوار الذي استشهد الأربعاء الماضي.
الصورة
غارات روسية على ريف إدلب شمال غرب سورية (منصة إكس)

سياسة

 قُتل مدني وأصيب 8 آخرون مساء اليوم الثلاثاء جراء قصف مدفعي من مناطق سيطرة قوات النظام السوري استهدف مدينة الأتارب الواقعة تحت سيطرة فصائل المعارضة
الصورة
قبور الموتى للبيع في سورية / 6 فبراير 2024 (Getty)

اقتصاد

تزداد أعباء معيشة السوريين بواقع ارتفاع الأسعار الذي زاد عن 30% خلال الشهر الأخير، حتى أن بعض السوريين لجأوا لبيع قبور ذويهم المتوارثة ليدفنوا فيها.
الصورة
قوات روسية في درعا البلد، 2021 (سام حريري/فرانس برس)

سياسة

لا حلّ للأزمة السورية بعد تسع سنوات من عمر التدخل الروسي في سورية الذي بدأ في 2015، وقد تكون نقطة الضعف الأكبر لموسكو في هذا البلد.