سنة بالضبط متبقية لانتخابات الرئاسة الأميركية. وبعد ثلاثة أشهر، تبدأ انتخابات التصفية الحزبية بين المرشحين الديمقراطيين. عادة، في مثل هذا الوقت، يصبح الاستحقاق الرئاسي محور النشاط السياسي والموضوع الطاغي في واشنطن، وحتى يوم الاقتراع. لكن ليس هذه المرة. محاكمة الرئيس دونالد ترامب الجارية في الكونغرس بقضية أوكرانيا، والتي دخلت قبل أيام مرحلة حساسة حاسمة، تتقدم في الأهمية على الانتخابات، أقلّه لحين انتهائها بعد شهرين أو ثلاثة. وحتى ذلك الموعد، يستحضر كل فريق أوراقه وأسلحته الفعالة لكسب الجولة في الكونغرس، والتي صارت انتخابات 2020 مرهونة إلى حدّ بعيد بنتائجها.
لغاية اللحظة، ما زالت القضية في الميزان، مع أن تزايد منسوب القلق لدى البيت الأبيض لا يُخفى. انعكس ذلك في تغريدات الرئيس الـ75، خلال عطلة نهاية الأسبوع.
الفريق "الديمقراطي" يتقدم بإجراءات "العزل" في مجلس النواب، بخطى يوحي بأنها واثقة، لكنها لا تخلو من المجازفة. يزعم أنه صار بحوزته ما يكفي من المستمسكات التي توفرت عن طريق الوثائق والشهود الرسميين الذين أعطوا إفادات سرية خلال الأسابيع الأخيرة، ضد الرئيس. ويراهن أكثر على جلسات الاستجواب العلنية التي تزمع لجنة الاستخبارات البدء في عقدها حوالي منتصف الجاري، مع شهود ومسؤولين سابقين كبار. ويأمل على أساسها "الديمقراطي" حَبك قضية متماسكة، يسهل تسويقها في صفوف الرأي العام، بما يؤدي إلى انقلاب هذا الأخير ضد الرئيس، واستطراداً انقلاب جمهوريين في مجلس الشيوخ عليه، كما حصل مع الرئيس ريتشارد نيكسون. لكنها مراهنة قد تكون مخيبة، وربما مكلفة إذا فشلت المحاكمة في تأليب الرأي العام بالدرجة المطلوبة، حتى ولو ليس بالعدد اللازم (20) لعزله. وهذا احتمال غير مستبعد حتى الآن.
اقــرأ أيضاً
ففي استطلاع صدر الإثنين، ما زال الرئيس متقدماً، ولو بنسبة ضئيلة، في 6 ولايات هامة كانت وراء فوزه في 2016. وحده المرشح الديمقراطي جو بايدن يتفوق عليه فيها، ما عدا واحدة، لكن بفارق نقطة أو اثنتين. مزاحمة حادة تدلّ على مدى زئبقية الوضع الانتخابي في الوقت الراهن. وفي هذا السياق يُذكر أنّ بايدن لا يزال يحتلّ المرتبة الأولى بين منافسيه الديمقراطيين، حسب آخر استطلاع لـ"واشنطن بوست" – "أي بي سي نيوز"، وآخر أجرته شبكة "فوكس نيوز"، كلاهما يكشف تقدمه على صاحبَي المرتبتين الثانية السناتور إليزابيت وارن، والثالثة السناتور بيرني ساندرز، بـ8 و10 نقاط تباعاً. وهذا ما يفسّر تخوف البيت الأبيض المبكر من فوز المرشح بايدن بالترشيح، ما حمله على طرق باب أوكرانيا، في مطلع الصيف الماضي، لمقايضة الإفراج عن مساعدة عسكرية أميركية لها، مقابل إعادة فتح التحقيق في أوضاع شركة أوكرانية كان ابن بايدن عضواً في مجلس إدارتها، لنسج فضيحة ضدّ الابن، قد تطاول الأب بالمعيّة وبما يطيح إمكانيته للتغلب على ترامب في معركة الرئاسة.
لكنّ انكشاف المحاولة حرّك الكونغرس لاستبيان ما إذا كانت في الأمر مخالفة للدستور، من خلال سوء استخدام السلطة الذي يتمثل هنا بالاستعانة بالخارج لتحقيق مصلحة سياسية داخلية. تهمة إذا أثبتتها الإجراءات الجارية في مجلس النواب، فقد يصبح من الصعب على الجمهوريين الاستمرار بالوقوف صفاً واحداً وراء الرئيس لحمايته من العزل.
الخصم "الديمقراطي" للرئيس يتصرّف على أساس أنه مسلّح بوقائع وأدلة دامغة، وبحيثيات قانونية متماسكة، على قاعدة أنّ الاتصال بطرف خارجي لإجراء مقايضة معه متعلقة بشأن أميركي داخلي، هو أمر مخالف للدستور. فريق البيت الأبيض يعمل لتفشيل تسويق هذا الطرح من باب أن المقايضة ليست جريمة، خاصة وأنها لم تكتمل، وأنّ تهمة الحزب الديمقراطي ليست غير توسّع في تفسير النص الدستوري الذي ترك للكونغرس تحديد "الجريمة أو المخالفة الكبيرة" التي تبرر العزل. معظم خبراء ومرجعيات الدستور مع تجريم مثل هذا الاتصال، لكن الحيثية القانونية هنا لا تكفي لوحدها، فالكونغرس على الرغم من أنّه يلعب دور المحكمة في هذه الحالة، لكنه يصوّت على أساس سياسي بإخراج قانوني، وتصويته يعكس وجهة رياح الشارع في عام انتخابي. ومن هنا، أهمية فترة الشهرين المقبلين التي قد تتبلور خلالها هذه الوجهة في ضوء المحاكمة وجلساتها العلنية، كما في ضوء تواتر الكشف عن الخفايا والمخالفات المحرجة المؤذية للرئيس، والتي قد يتبين المزيد منها في كتاب مقرّر صدوره بعد أسبوعين، من تأليف "أحد كبار المسؤولين" الذي لم يذكر اسمه، والذي سبق وعمل مع الرئيس ترامب.
الفريق "الديمقراطي" يتقدم بإجراءات "العزل" في مجلس النواب، بخطى يوحي بأنها واثقة، لكنها لا تخلو من المجازفة. يزعم أنه صار بحوزته ما يكفي من المستمسكات التي توفرت عن طريق الوثائق والشهود الرسميين الذين أعطوا إفادات سرية خلال الأسابيع الأخيرة، ضد الرئيس. ويراهن أكثر على جلسات الاستجواب العلنية التي تزمع لجنة الاستخبارات البدء في عقدها حوالي منتصف الجاري، مع شهود ومسؤولين سابقين كبار. ويأمل على أساسها "الديمقراطي" حَبك قضية متماسكة، يسهل تسويقها في صفوف الرأي العام، بما يؤدي إلى انقلاب هذا الأخير ضد الرئيس، واستطراداً انقلاب جمهوريين في مجلس الشيوخ عليه، كما حصل مع الرئيس ريتشارد نيكسون. لكنها مراهنة قد تكون مخيبة، وربما مكلفة إذا فشلت المحاكمة في تأليب الرأي العام بالدرجة المطلوبة، حتى ولو ليس بالعدد اللازم (20) لعزله. وهذا احتمال غير مستبعد حتى الآن.
ففي استطلاع صدر الإثنين، ما زال الرئيس متقدماً، ولو بنسبة ضئيلة، في 6 ولايات هامة كانت وراء فوزه في 2016. وحده المرشح الديمقراطي جو بايدن يتفوق عليه فيها، ما عدا واحدة، لكن بفارق نقطة أو اثنتين. مزاحمة حادة تدلّ على مدى زئبقية الوضع الانتخابي في الوقت الراهن. وفي هذا السياق يُذكر أنّ بايدن لا يزال يحتلّ المرتبة الأولى بين منافسيه الديمقراطيين، حسب آخر استطلاع لـ"واشنطن بوست" – "أي بي سي نيوز"، وآخر أجرته شبكة "فوكس نيوز"، كلاهما يكشف تقدمه على صاحبَي المرتبتين الثانية السناتور إليزابيت وارن، والثالثة السناتور بيرني ساندرز، بـ8 و10 نقاط تباعاً. وهذا ما يفسّر تخوف البيت الأبيض المبكر من فوز المرشح بايدن بالترشيح، ما حمله على طرق باب أوكرانيا، في مطلع الصيف الماضي، لمقايضة الإفراج عن مساعدة عسكرية أميركية لها، مقابل إعادة فتح التحقيق في أوضاع شركة أوكرانية كان ابن بايدن عضواً في مجلس إدارتها، لنسج فضيحة ضدّ الابن، قد تطاول الأب بالمعيّة وبما يطيح إمكانيته للتغلب على ترامب في معركة الرئاسة.
لكنّ انكشاف المحاولة حرّك الكونغرس لاستبيان ما إذا كانت في الأمر مخالفة للدستور، من خلال سوء استخدام السلطة الذي يتمثل هنا بالاستعانة بالخارج لتحقيق مصلحة سياسية داخلية. تهمة إذا أثبتتها الإجراءات الجارية في مجلس النواب، فقد يصبح من الصعب على الجمهوريين الاستمرار بالوقوف صفاً واحداً وراء الرئيس لحمايته من العزل.
الخصم "الديمقراطي" للرئيس يتصرّف على أساس أنه مسلّح بوقائع وأدلة دامغة، وبحيثيات قانونية متماسكة، على قاعدة أنّ الاتصال بطرف خارجي لإجراء مقايضة معه متعلقة بشأن أميركي داخلي، هو أمر مخالف للدستور. فريق البيت الأبيض يعمل لتفشيل تسويق هذا الطرح من باب أن المقايضة ليست جريمة، خاصة وأنها لم تكتمل، وأنّ تهمة الحزب الديمقراطي ليست غير توسّع في تفسير النص الدستوري الذي ترك للكونغرس تحديد "الجريمة أو المخالفة الكبيرة" التي تبرر العزل. معظم خبراء ومرجعيات الدستور مع تجريم مثل هذا الاتصال، لكن الحيثية القانونية هنا لا تكفي لوحدها، فالكونغرس على الرغم من أنّه يلعب دور المحكمة في هذه الحالة، لكنه يصوّت على أساس سياسي بإخراج قانوني، وتصويته يعكس وجهة رياح الشارع في عام انتخابي. ومن هنا، أهمية فترة الشهرين المقبلين التي قد تتبلور خلالها هذه الوجهة في ضوء المحاكمة وجلساتها العلنية، كما في ضوء تواتر الكشف عن الخفايا والمخالفات المحرجة المؤذية للرئيس، والتي قد يتبين المزيد منها في كتاب مقرّر صدوره بعد أسبوعين، من تأليف "أحد كبار المسؤولين" الذي لم يذكر اسمه، والذي سبق وعمل مع الرئيس ترامب.