بدا أمس الجمعة كأن الحملة العسكرية التركية في عفرين بدأت بالفعل وإن بمراحلها الأولى، عبر تكثيف القصف لمناطق معينة في عفرين، بوتيرة مرتفعة منذ ليل الخميس-الجمعة، مع بدء انسحاب قوات الشرطة العسكرية الروسية من عفرين ومحيطها، وهو ما اعتبره وزير الدفاع التركي نور الدين كانيكلي بمثابة "بداية الهجوم على أرض الواقع"، فيما قامت "وحدات حماية الشعب" الكردية بإجلاء المدنيين من البلدات القريبة من الشريط الحدودي مع تركيا، وفق قناة "الجزيرة".
انطلاق حرب عفرين من شأنه أن يُدخل معطيات جديدة على الحرب السورية، بحسب ما ستؤول إليه الخطوة التركية، ورد الفعل الأميركي من جهة، والإيراني-السوري النظامي من جهة ثانية، بعدما ظهر كأن الانسحاب الروسي من عفرين ربما يكون إفساحاً للمجال أمام الأتراك للاشتباك مع الأميركيين بالواسطة عبر الأكراد، وهو ما يخدم على الأرجح الموقف الروسي الساعي إلى مواجهة واشنطن في كل منطقة نفوذ ممكنة. وحتى لو بدت الحرب امتداداً لحملة "درع الفرات" التركية التي أحكمت فيها تركيا سيطرتها على جانب من الحدود السورية "ونظفته" من تنظيم "داعش"، إلا أن هذه المرحلة ستكون أكثر حساسية بكثير من مرحلتي الباب وجرابلس، ذلك أن المرحلة الماضية من "درع الفرات" كانت تحظى بدعم أميركي-غربي شامل، على عكس الحال اليوم.
وطاول القصف حتى ظهر أمس الجمعة 10 مواقع لـ"وحدات الحماية" الكردية داخل مدينة عفرين. والانسحاب الروسي هو ما يمكن اعتباره إيذاناً ببدء الحملة التركية التي تتوعد أنقرة بأن تكون برية وألا تقتصر على القصف عن بُعد، وذلك بعد جولة طويلة من المفاوضات التركية الروسية ودبلوماسية العلاقات العامة التي أجرتها تركيا في الشهر الماضي لإنجاز ترتيبات تتيح العمل العسكري الكبير، بما يحول دون حصول أي اشتباك لا مع الروس الموجودين عسكرياً في عفرين، ولا مع الأميركيين، الذين يُعتبرون العراب السياسي والعسكري للمقاتلين الأكراد المطلوب منهم تشكيل قوة عسكرية حدودية من ثلاثين ألف عنصر مدعومة أميركياً لقطع الطريق أمام المدّ الإيراني من العراق خصوصاً.
وقبل ما يبدو أنه بدء العملية العسكرية الشاملة، كانت المفاوضات مستمرة بين أنقرة وموسكو حول العملية العسكرية، التي يصر الأتراك على شنّها ضد مقاتلي حزب "الاتحاد الديمقراطي" (الجناح السوري للعمال الكردستاني) في عفرين، وذلك على وقع التأزم الكبير في العلاقات التركية الأميركية، بسبب إصرار واشنطن على استمرار دعمها لـ"الاتحاد الديمقراطي"، بينما يطالب الأتراك بسحب الأسلحة الثقيلة من الأخير.
وعلى وقع تسارع المفاوضات السياسية، حول المنطقة التي تُعتبر نقطة يتقاطع فيها النفوذ الروسي والأميركي، وبعد الزيارة التي قام بها رئيس الأركان التركي، الجنرال خلوصي أكار، ورئيس الاستخبارات التركية، حاقان فيدان، إلى موسكو، تستمر المشاورات بين الطرفين، وسط تردد روسي واضح بدعم العملية التركية في عفرين.
وعلمت "العربي الجديد" من مصدر تركي مطلع، أن الاتراك تقدّموا بعرض إلى موسكو بضم منطقة عفرين إلى مناطق سيطرة عملية "درع الفرات"، إلا أن ذلك قوبل برفض روسي قاطع. ووفق المصدر، بعد الرفض الروسي، "تم تقديم عرض آخر، بالسيطرة على المدينة مقابل التوافق بين أنقرة وموسكو على طريقة إدارتها، وتكفّل الحكومة التركية بنسبة كبيرة من إعادة الإعمار على طريقة مناطق درع الفرات، وإنجاح مؤتمر سوتشي بالضغط على المعارضة السورية للحضور، بينما أصر الروس على تسليم المدينة بعد السيطرة عليها للنظام السوري وعدم بقاء أي قوات للمعارضة فيها وكذلك السماح للنظام بالمزيد من التقدّم في محافظة إدلب، إلا أن أنقرة لم توافق على تسليم المدينة للنظام ورفضت تقدّم النظام في إدلب لما قد يجلبه ذلك من موجة كبيرة من اللاجئين للحدود التركية، فيما استمرت المفاوضات أمس".
اقــرأ أيضاً
في غضون ذلك، أكد وزير الدفاع التركي، نور الدين كانيكلي، خلال مقابلة تلفزيونية أمس، "أننا نعمل على إنضاج كل الشروط اللازمة لتخفيض خسائرنا المحتملة، وسنطبق حساسيتنا هذه بكل مرحلة من العملية، فمستوى التهديدات ضد تركيا يرتفع كل يوم"، مضيفاً: "هذه العملية (في عفرين) ستتم، وكذلك مكافحتنا للإرهاب، كما أكد الرئيس، ولكن زمنها يتعلق بظروف العملية، وهي جزء من التخطيط لتحقيق العملية الأنجح، لذلك يتم تجهيز الظروف اللازمة لذلك، وستتم إزالة الخطر الإرهابي من شمال سورية، ولا يوجد حل آخر لذلك"، في إشارة إلى المناطق التي تسيطر عليها مليشيات "الاتحاد الديمقراطي" في شمال سورية بدعم من واشنطن.
وتابع كانيكلي: "نعلم أن روسيا تدعم النظام بشكل كبير، نعلم أن إمكانيات النظام لتحقيق ما يتحدث عنه (التهديد باستهداف القوات التركية) محدودة، لا يجب النظر إلى هذه الحملة وفق ما يعتقد النظام (نظام الأسد) فحسب، وهذه الأمور يتم الحديث عنها على طاولة مكافحة الإرهاب"، في إشارة إلى تصريحات نائب وزير خارجية النظام السوري، فيصل المقداد، يوم الخميس الماضي، والتي أكد خلالها معارضة النظام لأي عملية عسكرية تركية في عفرين، مشدداً على ان قوات النظام ستقوم بإسقاط أي طائرة تركية تخترق المجال الجوي السوري.
أما عن التوقعات التركية للعملية، فقال المصدر التركي لـ"العربي الجديد"، إنه "من المتوقع أن تستمر العملية بحد أقصى خمسة إلى ستة أشهر، ومن المنتظر أن تقوم المليشيات بالانسحاب السريع في المرحلة الأولى، نحو المدن، حيث حضّرت لمرحلة طويلة من حرب المدن، كما كان الحال في المدن والبلدات في جنوب شرق تركيا، ولكن الأمر الآن مختلف، فقد اكتسب الجيش التركي خبرة كبيرة في حرب المدن بعد العمليات في مدن وبلدات جنوب شرق تركيا ضد العمال الكردستاني، وبعد العمليات ضد داعش في عملية درع الفرات، كما تم رفع مستوى تدريب عناصر الجيش السوري الحر، وتطوير سلاح الجو بشكل كبير وخصوصاً الطائرات بلا طيار"، مضيفاً: "المفاوضات مستمرة، وستتضح الأمور ربما خلال الساعات أو الأيام المقبلة".
ويبدو أن الروس أيضاً، مستمرون في حساب الربح والخسارة، مستغلين الأزمة التركية الروسية، وبينما يجرون مفاوضاتهم مع الأميركيين حول عدد من الملفات، يحاولون الحصول على أكبر قدر من المكاسب من تركيا. وأشار المصدر إلى أن "القنوات الدبلوماسية لم تنقطع مع واشنطن، وتستمر الضغوط التركية على الإدارة الأميركية لسحب السلاح الثقيل من مليشيات الاتحاد الديمقراطي".
من جهته، أشار الصحافي التركي عبد القادر سيلفي، المعروف بقربه من دوائر صنع القرار في أنقرة، يوم أمس، إلى أن أنقرة لوّحت لأول مرة خلال كل الأزمة مع واشنطن، في المحادثات التي عقدت في الولايات المتحدة، إلى إمكانية اتخاذ الإدارة التركية قراراً بإغلاق قاعدتي إنجرليك وكورجيك في وجه القوات الأميركية، الأمر الذي قامت به تركيا في السبعينات بعد أن قامت الولايات المتحدة بحظر توريد السلاح، إثر التدخل التركي في قبرص.
يأتي هذا، بينما تستمر الحشود العسكرية التركية وتلك التابعة لقوات المعارضة السورية على الجبهات مع منطقة عفرين، وكذلك يستمر القصف التركي العنيف على مواقع مليشيات "الاتحاد الديمقراطي"، في الوقت الذي لم يتوقف فيه الإعلام التركي عن دق طبول الحرب. واستمرت الصحف التركية بالحديث عن بعض مراحل العملية، إذ أشارت صحيفة "حرييت" التركية واسعة الانتشار، إلى أن لواءين من القوات الخاصة التركية العالية التدريب سيشاركان في العملية، التي سيقودها، قائد الجيش التركي الثاني، الجنرال اسماعيل ميتين تِمِل، والذي يقوم بالإشراف على كافة تفاصيل العملية، بما في ذلك نقاط المراقبة التي نشرها الجيش التركي جنوب منطقة عفرين.
في السياق، أفادت وكالة "الأناضول" التركية أمس بأن القوات المسلحة التركية، بدأت تشغيل المرحلة الأولى من نظام "قايى" للأمن الحدودي المزود بأجهزة استشعار إلكترونية متطورة، على الحدود بين ولاية هطاي التركية، ومدينة عفرين. وأشارت إلى أن المرحلة الأولى من النظام، ستقام على طول 40 كيلومتراً من الحدود بين هطاي وعفرين، وتم بالفعل الانتهاء من 20 كيلومتراً منها، فيما يُخطط لأن يغطي النظام كامل الحدود.
اقــرأ أيضاً
انطلاق حرب عفرين من شأنه أن يُدخل معطيات جديدة على الحرب السورية، بحسب ما ستؤول إليه الخطوة التركية، ورد الفعل الأميركي من جهة، والإيراني-السوري النظامي من جهة ثانية، بعدما ظهر كأن الانسحاب الروسي من عفرين ربما يكون إفساحاً للمجال أمام الأتراك للاشتباك مع الأميركيين بالواسطة عبر الأكراد، وهو ما يخدم على الأرجح الموقف الروسي الساعي إلى مواجهة واشنطن في كل منطقة نفوذ ممكنة. وحتى لو بدت الحرب امتداداً لحملة "درع الفرات" التركية التي أحكمت فيها تركيا سيطرتها على جانب من الحدود السورية "ونظفته" من تنظيم "داعش"، إلا أن هذه المرحلة ستكون أكثر حساسية بكثير من مرحلتي الباب وجرابلس، ذلك أن المرحلة الماضية من "درع الفرات" كانت تحظى بدعم أميركي-غربي شامل، على عكس الحال اليوم.
وقبل ما يبدو أنه بدء العملية العسكرية الشاملة، كانت المفاوضات مستمرة بين أنقرة وموسكو حول العملية العسكرية، التي يصر الأتراك على شنّها ضد مقاتلي حزب "الاتحاد الديمقراطي" (الجناح السوري للعمال الكردستاني) في عفرين، وذلك على وقع التأزم الكبير في العلاقات التركية الأميركية، بسبب إصرار واشنطن على استمرار دعمها لـ"الاتحاد الديمقراطي"، بينما يطالب الأتراك بسحب الأسلحة الثقيلة من الأخير.
وعلى وقع تسارع المفاوضات السياسية، حول المنطقة التي تُعتبر نقطة يتقاطع فيها النفوذ الروسي والأميركي، وبعد الزيارة التي قام بها رئيس الأركان التركي، الجنرال خلوصي أكار، ورئيس الاستخبارات التركية، حاقان فيدان، إلى موسكو، تستمر المشاورات بين الطرفين، وسط تردد روسي واضح بدعم العملية التركية في عفرين.
وعلمت "العربي الجديد" من مصدر تركي مطلع، أن الاتراك تقدّموا بعرض إلى موسكو بضم منطقة عفرين إلى مناطق سيطرة عملية "درع الفرات"، إلا أن ذلك قوبل برفض روسي قاطع. ووفق المصدر، بعد الرفض الروسي، "تم تقديم عرض آخر، بالسيطرة على المدينة مقابل التوافق بين أنقرة وموسكو على طريقة إدارتها، وتكفّل الحكومة التركية بنسبة كبيرة من إعادة الإعمار على طريقة مناطق درع الفرات، وإنجاح مؤتمر سوتشي بالضغط على المعارضة السورية للحضور، بينما أصر الروس على تسليم المدينة بعد السيطرة عليها للنظام السوري وعدم بقاء أي قوات للمعارضة فيها وكذلك السماح للنظام بالمزيد من التقدّم في محافظة إدلب، إلا أن أنقرة لم توافق على تسليم المدينة للنظام ورفضت تقدّم النظام في إدلب لما قد يجلبه ذلك من موجة كبيرة من اللاجئين للحدود التركية، فيما استمرت المفاوضات أمس".
في غضون ذلك، أكد وزير الدفاع التركي، نور الدين كانيكلي، خلال مقابلة تلفزيونية أمس، "أننا نعمل على إنضاج كل الشروط اللازمة لتخفيض خسائرنا المحتملة، وسنطبق حساسيتنا هذه بكل مرحلة من العملية، فمستوى التهديدات ضد تركيا يرتفع كل يوم"، مضيفاً: "هذه العملية (في عفرين) ستتم، وكذلك مكافحتنا للإرهاب، كما أكد الرئيس، ولكن زمنها يتعلق بظروف العملية، وهي جزء من التخطيط لتحقيق العملية الأنجح، لذلك يتم تجهيز الظروف اللازمة لذلك، وستتم إزالة الخطر الإرهابي من شمال سورية، ولا يوجد حل آخر لذلك"، في إشارة إلى المناطق التي تسيطر عليها مليشيات "الاتحاد الديمقراطي" في شمال سورية بدعم من واشنطن.
وتابع كانيكلي: "نعلم أن روسيا تدعم النظام بشكل كبير، نعلم أن إمكانيات النظام لتحقيق ما يتحدث عنه (التهديد باستهداف القوات التركية) محدودة، لا يجب النظر إلى هذه الحملة وفق ما يعتقد النظام (نظام الأسد) فحسب، وهذه الأمور يتم الحديث عنها على طاولة مكافحة الإرهاب"، في إشارة إلى تصريحات نائب وزير خارجية النظام السوري، فيصل المقداد، يوم الخميس الماضي، والتي أكد خلالها معارضة النظام لأي عملية عسكرية تركية في عفرين، مشدداً على ان قوات النظام ستقوم بإسقاط أي طائرة تركية تخترق المجال الجوي السوري.
أما عن التوقعات التركية للعملية، فقال المصدر التركي لـ"العربي الجديد"، إنه "من المتوقع أن تستمر العملية بحد أقصى خمسة إلى ستة أشهر، ومن المنتظر أن تقوم المليشيات بالانسحاب السريع في المرحلة الأولى، نحو المدن، حيث حضّرت لمرحلة طويلة من حرب المدن، كما كان الحال في المدن والبلدات في جنوب شرق تركيا، ولكن الأمر الآن مختلف، فقد اكتسب الجيش التركي خبرة كبيرة في حرب المدن بعد العمليات في مدن وبلدات جنوب شرق تركيا ضد العمال الكردستاني، وبعد العمليات ضد داعش في عملية درع الفرات، كما تم رفع مستوى تدريب عناصر الجيش السوري الحر، وتطوير سلاح الجو بشكل كبير وخصوصاً الطائرات بلا طيار"، مضيفاً: "المفاوضات مستمرة، وستتضح الأمور ربما خلال الساعات أو الأيام المقبلة".
ويبدو أن الروس أيضاً، مستمرون في حساب الربح والخسارة، مستغلين الأزمة التركية الروسية، وبينما يجرون مفاوضاتهم مع الأميركيين حول عدد من الملفات، يحاولون الحصول على أكبر قدر من المكاسب من تركيا. وأشار المصدر إلى أن "القنوات الدبلوماسية لم تنقطع مع واشنطن، وتستمر الضغوط التركية على الإدارة الأميركية لسحب السلاح الثقيل من مليشيات الاتحاد الديمقراطي".
من جهته، أشار الصحافي التركي عبد القادر سيلفي، المعروف بقربه من دوائر صنع القرار في أنقرة، يوم أمس، إلى أن أنقرة لوّحت لأول مرة خلال كل الأزمة مع واشنطن، في المحادثات التي عقدت في الولايات المتحدة، إلى إمكانية اتخاذ الإدارة التركية قراراً بإغلاق قاعدتي إنجرليك وكورجيك في وجه القوات الأميركية، الأمر الذي قامت به تركيا في السبعينات بعد أن قامت الولايات المتحدة بحظر توريد السلاح، إثر التدخل التركي في قبرص.
في السياق، أفادت وكالة "الأناضول" التركية أمس بأن القوات المسلحة التركية، بدأت تشغيل المرحلة الأولى من نظام "قايى" للأمن الحدودي المزود بأجهزة استشعار إلكترونية متطورة، على الحدود بين ولاية هطاي التركية، ومدينة عفرين. وأشارت إلى أن المرحلة الأولى من النظام، ستقام على طول 40 كيلومتراً من الحدود بين هطاي وعفرين، وتم بالفعل الانتهاء من 20 كيلومتراً منها، فيما يُخطط لأن يغطي النظام كامل الحدود.