انتهى اجتماع المجلس المركزي الفلسطيني من دون مفاجآت تُذكر على صعيد القرارات، التي جاء جزء كبير منها مبهماً وغامضاً وبلا آليات عمل واضحة، لا سيما أن بعضها، مثل وقف التنسيق الأمني، تم تجديد المطالبة به للمرة الثانية، لتكون هذه القرارات مع وقف التنفيذ. الغالبية الفتحاوية في المجلس حسمت التصويت لصالح الصيغة النهائية للقرارات، في حين امتنعت قوى اليسار، وهي "الجبهة الشعبية" و"الجبهة الديمقراطية" و"فدا" و"المبادرة الوطنية" عن التصويت، بينما صوّت ضد القرارات اثنان فقط، هما النائب الثاني لرئيس المجلس التشريعي حسن خريشة، وعضو اللجنة التنفيذية لحركة "فتح" عباس زكي. وجاء الامتناع عن التصويت أو التصويت بـ"لا" بسبب الخلافات الحادة حول قضايا ملحّة، رَجَحت كفتها في نهاية الأمر لصالح "فتح" وتحديداً التيار الرسمي في الحركة.
الامتناع عن التصويت، وفق الأمينة العام لحزب "فدا" زهيرة كمال، جاء لأن بعض القضايا التي طرحتها الحركة لم ترد في التقرير النهائي أو وردت بشكل مبهم. وقالت كمال لـ"العربي الجديد": "طرحنا مع بقية الفصائل التي امتنعت عن التصويت سحب الاعتراف بإسرائيل حتى تعترف بدولة فلسطين، على قاعدة أن اتفاق أوسلو قام على قاعدة الاعتراف المتبادل، كما أن المرحلة الانتقالية انتهت، وبالتالي يجب تجسيد دولة فلسطين على الأرض والانتهاء من كل تبعات الاتفاق سواء التنسيق الأمني أو الاتفاق الاقتصادي، وهذا لم يتم أيضاً". وأضافت: "كما طرحنا وقف العلاقات مع الدول التي اعترفت بالقدس عاصمة لإسرائيل والتي أعلنت عن نقل سفارتها للقدس، والحديث هنا عن الولايات المتحدة وغواتيمالا وتوغو، إضافة إلى سحب الممثلية الفلسطينية في واشنطن لأننا تحت الابتزاز الدائم بإغلاقها، والإحالة الفورية للمحكمة الجنائية في الملفات التي تم إعدادها لأننا نسمع تصريحات الإحالة بشكل دائم ولا تُنفذ، وأخيراً اقترحنا قراراً يتعلق بالتحقيق مع البطريرك ثيوفيلوس وسحب الاعتراف الفلسطيني به كبطريرك للكنيسة الأرثوذكسية في الأراضي الفلسطينية".
ورأت كمال أن "بعض القرارات إيجابية، ولكن ينقصها الوضوح"، معتبرة أن الخلل يكمن في كيفية التمثيل سواء في المجلس الوطني أو المركزي، لأن الغالبية العظمى هي من حركة "فتح"، وحتى المستقلين الموجودين شاركوا من خلال "فتح". وأضافت: "يجب أن تحصل انتخابات جديدة على قاعدة أن البرلمان هو المجلس الوطني الفلسطيني وأن الحكومة هي اللجنة التنفيذية"، متابعة: "أعرف من خلال تعليقات الشارع الفلسطيني أنه لا يصدق أن هذه القرارات ستنفذ، والحل يكون فقط بتغيير موازين القوى السياسية القائمة حالياً عبر حضور أكبر للشباب والمرأة".
ومن القرارات التي أثارت نقاشاً حاداً خلال الاجتماع، كان تكليف اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية بتعليق الاعتراف بإسرائيل إلى حين اعترافها بدولة فلسطين على حدود عام 1967 وإلغاء قرار ضم القدس الشرقية ووقف الاستيطان. وفي هذا السياق، أوضح نائب الأمين العام لـ"الجبهة الديمقراطية" قيس عبد الكريم، في حديث لـ"العربي الجديد"، "أننا امتنعنا عن التصويت بسبب صيغة النقطة الخاصة بالاعتراف بإسرائيل، وكنا نقترح صيغة تقول إن المجلس المركزي يقرر سحب مصادقته على رسائل الاعتراف المتبادلة بين منظمة التحرير وإسرائيل في التاسع من سبتمبر/ أيلول 1993 ويكلف اللجنة التنفيذية بتعليق الاعتراف لحين اعتراف إسرائيل بدولة فلسطين، وتم شطب الفقرة الأولى بالتصويت، وبقي النص الثاني، وهو احتمالي مبهم وليس ملزماً".
وما يجعل المشهد السياسي الفلسطيني أكثر قتامة هو تأكيد أعضاء المجلس المركزي أنفسهم أن القرارات التي اتخذت لن تُنفذ بسبب التفرد بالقرار من قبل الرئيس الفلسطيني محمود عباس. وعن هذا الأمر، قال حسن خريشة لـ"العربي الجديد": "لا أعتقد أن هذه القرارات سوف تنفذ، بسبب الفردية المطلقة في السلطة من قبل الرئيس عباس"، معتبراً أن "السقف السياسي بصورة عامة لا يوازي الحدث الذي حصل، وهذا لا يقنع العالم الذي نطالبه بسحب الاعتراف بإسرائيل ووقف علاقته بها، بل والأسوأ أنه يُظهر عدم جدية لدى الفلسطينيين".
ووفق خريشة، فإن "النقاش الصريح والساخن في جلسة المركزي عكس مدى قتامة المشهد، إذ أكد أعضاء باللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير أن الرئيس لا يستشيرهم وهم غير قادرين على التغيير في ظل تفرد أبو مازن وتهميشه للجنة التنفيذية". وأضاف: "تم الحديث بصراحة أيضاً حول الوضع العربي وكيف أن اعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمة لإسرائيل كان يتطلب شرطين: موافقة سعودية وصمتاً مصرياً، وهذا ما حصل فعلاً، لذلك العرب شركاء بالقرار الأميركي".
اقــرأ أيضاً
وأكد أكثر من عضو في اللجنة المركزية أن عباس لم يحضر مداخلات الفصائل ونقاشهم في اليوم الثاني، واقتصر حضوره على إلقاء خطابه الطويل في اليوم الأول. وقال أحد الأعضاء مشترطاً عدم ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد": "هذا هو الحال دائماً، نسمع الرئيس وهو لا يريد إلا أن يسمع نفسه فقط".
وحسب قوانين المجلس الوطني، فإن اللجنة التنفيذية التي يترأسها عباس هي المسؤولة عن متابعة وتنفيذ قرارات المجلس المركزي. يذكر أن عدد الحاضرين في المجلس المركزي بلغ 87 عضواً من أصل 111، والباقي إما أسرى في سجون الاحتلال، أو مُنعوا من الحضور من غزة أو الخارج. فيما حضر نحو 60 عضواً مراقباً.
ولعل قرار المجلس المتعلق بالكنيسة الأرثوذكسية عكس الموقف الرسمي الفلسطيني فقط، وجاء مخالفاً للفصائل الفلسطينية وأيضاً للشارع، إذ جاء في القرار الذي حمل رقم 16 "إدانة عمليات تسريب ممتلكات الطائفة الأرثوذكسية للمؤسسات والشركات الإسرائيلية ويدعو إلى محاسبة المسؤولين عن ذلك، ويدعم نضال أبناء الشعب الفلسطيني من الطائفة الأرثوذكسية من أجل المحافظة على حقوقهم ودورهم في إدارة شؤون الكنيسة الأرثوذكسية، والحفاظ على ممتلكاتها". وفيما رأى المصوتون على القرار أنه قرار جريء لأنها المرة الأولى التي يقوم فيها المجلس المركزي بإصدار قرار حول البطريرك ثيوفيلوس، إلا أن الفصائل التي امتنعت عن التصويت تؤكد أن "القرار حول البطريرك غير واضح، وتهربٌ من القضية الأساسية ورفضٌ لسحب اعتراف السلطة الفلسطينية به كبطريرك غير مرحب به، لذلك جاء القرار رخواً يتماشى مع السياسة الرسمية الفلسطينية".
غير بعيد عن هذه القرارات، جاء قرار وقف التنسيق الأمني، الذي كان المجلس نفسه قد قرره في ربيع 2015 ولم تقم السلطة بتنفيذه إلا في صيف 2017 ولمدة شهرين فقط كنوع من الضغط على الاحتلال خلال هبة القدس، حسب ما أكد عضو في اللجنة التنفيذية لـ"العربي الجديد".
أما قرار المجلس المركزي بـ"التأكيد على حق شعبنا في ممارسة كافة أشكال النضال ضد الاحتلال وفقاً لأحكام القانون الدولي، والاستمرار في تفعيل المقاومة الشعبية السلمية ودعمها وتعزيز قدراتها"، فكان النقاش الحاد فيه حول إصرار "فتح" على مصطلح "سلمية". وعلّق منسق تجمّع "شباب ضد الاستيطان" في مدينة الخليل، عيسى عمرو، لـ"العربي الجديد"، على ذلك بالقول إن "أجهزة أمن السلطة تقوم بمضايقة نشطاء المقاومة الشعبية، ومنهم مجموعة شباب ضد الاستيطان التي تعرضت للكثير من المضايقات، ولا سيما من قبل جهاز المخابرات، وهناك محاولات دائمة لعزل النشطاء عن محيطهم حتى لا يكونوا مؤثرين في مجتمعهم". وأعرب عن أسفه لوجود "تيار انهزامي في السلطة يسمع للإدارة المدنية ويحاول تطبيق سياستها على الأرض". وكانت "العربي الجديد" قد ذكرت أن الناشط الشبابي قتيبة عازم، من محافظة نابلس، اعتُقل لمدة عشرة أيام في سجون السلطة، وتعرض للتعذيب بتهمة المقاومة الشعبية وحشد المسيرات نصرة للقدس قبل أيام.
ومن أبرز القرارات التي تبنّاها المجلس هو "تبنّي حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها، ودعوة دول العالم إلى فرض العقوبات على إسرائيل، لردع انتهاكاتها الصارخة للقانون الدولي، ولجم عدوانها المتواصل على الشعب الفلسطيني ونظام الأبرتهايد الذي تفرضه عليه"، لكن الواقع يقول إن السلطة لم تدعم يوماً هذه الحركة بل على العكس قامت باعتقال ثلاثة من ناشطيها بسبب قيامهم بمنع عرض لفرقة هندية مطبّعة بشكل سلمي في رام الله، وتم اعتقالهم وتوجيه تهمة "التسول" لهم قبل نحو ثلاثة أعوام وخضعوا لمحاكمات مطولة.
الامتناع عن التصويت، وفق الأمينة العام لحزب "فدا" زهيرة كمال، جاء لأن بعض القضايا التي طرحتها الحركة لم ترد في التقرير النهائي أو وردت بشكل مبهم. وقالت كمال لـ"العربي الجديد": "طرحنا مع بقية الفصائل التي امتنعت عن التصويت سحب الاعتراف بإسرائيل حتى تعترف بدولة فلسطين، على قاعدة أن اتفاق أوسلو قام على قاعدة الاعتراف المتبادل، كما أن المرحلة الانتقالية انتهت، وبالتالي يجب تجسيد دولة فلسطين على الأرض والانتهاء من كل تبعات الاتفاق سواء التنسيق الأمني أو الاتفاق الاقتصادي، وهذا لم يتم أيضاً". وأضافت: "كما طرحنا وقف العلاقات مع الدول التي اعترفت بالقدس عاصمة لإسرائيل والتي أعلنت عن نقل سفارتها للقدس، والحديث هنا عن الولايات المتحدة وغواتيمالا وتوغو، إضافة إلى سحب الممثلية الفلسطينية في واشنطن لأننا تحت الابتزاز الدائم بإغلاقها، والإحالة الفورية للمحكمة الجنائية في الملفات التي تم إعدادها لأننا نسمع تصريحات الإحالة بشكل دائم ولا تُنفذ، وأخيراً اقترحنا قراراً يتعلق بالتحقيق مع البطريرك ثيوفيلوس وسحب الاعتراف الفلسطيني به كبطريرك للكنيسة الأرثوذكسية في الأراضي الفلسطينية".
ومن القرارات التي أثارت نقاشاً حاداً خلال الاجتماع، كان تكليف اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية بتعليق الاعتراف بإسرائيل إلى حين اعترافها بدولة فلسطين على حدود عام 1967 وإلغاء قرار ضم القدس الشرقية ووقف الاستيطان. وفي هذا السياق، أوضح نائب الأمين العام لـ"الجبهة الديمقراطية" قيس عبد الكريم، في حديث لـ"العربي الجديد"، "أننا امتنعنا عن التصويت بسبب صيغة النقطة الخاصة بالاعتراف بإسرائيل، وكنا نقترح صيغة تقول إن المجلس المركزي يقرر سحب مصادقته على رسائل الاعتراف المتبادلة بين منظمة التحرير وإسرائيل في التاسع من سبتمبر/ أيلول 1993 ويكلف اللجنة التنفيذية بتعليق الاعتراف لحين اعتراف إسرائيل بدولة فلسطين، وتم شطب الفقرة الأولى بالتصويت، وبقي النص الثاني، وهو احتمالي مبهم وليس ملزماً".
وما يجعل المشهد السياسي الفلسطيني أكثر قتامة هو تأكيد أعضاء المجلس المركزي أنفسهم أن القرارات التي اتخذت لن تُنفذ بسبب التفرد بالقرار من قبل الرئيس الفلسطيني محمود عباس. وعن هذا الأمر، قال حسن خريشة لـ"العربي الجديد": "لا أعتقد أن هذه القرارات سوف تنفذ، بسبب الفردية المطلقة في السلطة من قبل الرئيس عباس"، معتبراً أن "السقف السياسي بصورة عامة لا يوازي الحدث الذي حصل، وهذا لا يقنع العالم الذي نطالبه بسحب الاعتراف بإسرائيل ووقف علاقته بها، بل والأسوأ أنه يُظهر عدم جدية لدى الفلسطينيين".
ووفق خريشة، فإن "النقاش الصريح والساخن في جلسة المركزي عكس مدى قتامة المشهد، إذ أكد أعضاء باللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير أن الرئيس لا يستشيرهم وهم غير قادرين على التغيير في ظل تفرد أبو مازن وتهميشه للجنة التنفيذية". وأضاف: "تم الحديث بصراحة أيضاً حول الوضع العربي وكيف أن اعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمة لإسرائيل كان يتطلب شرطين: موافقة سعودية وصمتاً مصرياً، وهذا ما حصل فعلاً، لذلك العرب شركاء بالقرار الأميركي".
وأكد أكثر من عضو في اللجنة المركزية أن عباس لم يحضر مداخلات الفصائل ونقاشهم في اليوم الثاني، واقتصر حضوره على إلقاء خطابه الطويل في اليوم الأول. وقال أحد الأعضاء مشترطاً عدم ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد": "هذا هو الحال دائماً، نسمع الرئيس وهو لا يريد إلا أن يسمع نفسه فقط".
وحسب قوانين المجلس الوطني، فإن اللجنة التنفيذية التي يترأسها عباس هي المسؤولة عن متابعة وتنفيذ قرارات المجلس المركزي. يذكر أن عدد الحاضرين في المجلس المركزي بلغ 87 عضواً من أصل 111، والباقي إما أسرى في سجون الاحتلال، أو مُنعوا من الحضور من غزة أو الخارج. فيما حضر نحو 60 عضواً مراقباً.
ولعل قرار المجلس المتعلق بالكنيسة الأرثوذكسية عكس الموقف الرسمي الفلسطيني فقط، وجاء مخالفاً للفصائل الفلسطينية وأيضاً للشارع، إذ جاء في القرار الذي حمل رقم 16 "إدانة عمليات تسريب ممتلكات الطائفة الأرثوذكسية للمؤسسات والشركات الإسرائيلية ويدعو إلى محاسبة المسؤولين عن ذلك، ويدعم نضال أبناء الشعب الفلسطيني من الطائفة الأرثوذكسية من أجل المحافظة على حقوقهم ودورهم في إدارة شؤون الكنيسة الأرثوذكسية، والحفاظ على ممتلكاتها". وفيما رأى المصوتون على القرار أنه قرار جريء لأنها المرة الأولى التي يقوم فيها المجلس المركزي بإصدار قرار حول البطريرك ثيوفيلوس، إلا أن الفصائل التي امتنعت عن التصويت تؤكد أن "القرار حول البطريرك غير واضح، وتهربٌ من القضية الأساسية ورفضٌ لسحب اعتراف السلطة الفلسطينية به كبطريرك غير مرحب به، لذلك جاء القرار رخواً يتماشى مع السياسة الرسمية الفلسطينية".
غير بعيد عن هذه القرارات، جاء قرار وقف التنسيق الأمني، الذي كان المجلس نفسه قد قرره في ربيع 2015 ولم تقم السلطة بتنفيذه إلا في صيف 2017 ولمدة شهرين فقط كنوع من الضغط على الاحتلال خلال هبة القدس، حسب ما أكد عضو في اللجنة التنفيذية لـ"العربي الجديد".
ومن أبرز القرارات التي تبنّاها المجلس هو "تبنّي حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها، ودعوة دول العالم إلى فرض العقوبات على إسرائيل، لردع انتهاكاتها الصارخة للقانون الدولي، ولجم عدوانها المتواصل على الشعب الفلسطيني ونظام الأبرتهايد الذي تفرضه عليه"، لكن الواقع يقول إن السلطة لم تدعم يوماً هذه الحركة بل على العكس قامت باعتقال ثلاثة من ناشطيها بسبب قيامهم بمنع عرض لفرقة هندية مطبّعة بشكل سلمي في رام الله، وتم اعتقالهم وتوجيه تهمة "التسول" لهم قبل نحو ثلاثة أعوام وخضعوا لمحاكمات مطولة.