وقال بيكلي، في مؤتمر صحافي في مقرّ وزارته في أديس أبابا، "نحتاج إلى أن نتفهّم بحكمة عملية الملء التي لا تعني وقف تدفق المياه لدول المصب؛ فعندما قمنا بتحويل مجرى النهر أثيرت ضجة كبيرة، وتصور البعض أن هذا سيوقف تدفق المياه، وهو ما لم يحدث، بل إنها كانت خطوة مرتبطة بإجراءات البناء، ولم تتأثر خلالها تدفقات المياه لدولتي المصب".
وأضاف أن "البنية الأساسية لجسم السد بها عدة تقنيات لتنظيم تدفق المياه"، موضحا أن التدفق سيتم من مخارج المياه، وكذلك من منطقة أخرى في جسم السد يصل ارتفاعها إلى 30 مترا، مهمتها تنظيم تدفق المياه لدولتي المصب. ولفت إلى أن "تدفق المياه سيتم قياسه بشكل لا يؤثر على دولتي المصب".
وشدد بيكلي على أن بلاده لم تكن لديها أي نية لعرقلة انعقاد الاجتماع الذي كان مقررا عقده في العاصمة السودانية الخرطوم يومي 24 و25 من الشهر الجاري، لكن طلب التأجيل كان بسبب استقالة رئيس الوزراء الإثيوبي، هايله مريام ديسالين، موضحا أن "تأجيل الاجتماع تم بالتشاور والموافقة بين وزراء الخارجية، وهناك تعامل جاد بشفافية لإزالة العقبات وحواجز عدم الثقة، للتوصل إلى صيغة من التفاهم بشكل لا يشكل أي أضرار على دول المنابع". وتابع بيكلي "فنياً توجد عدة طرق لإدارة القضايا المعقدة المتعلقة بالسد، حيث إن ملء السد هو عملية طبيعية".
وقال الوزير الإثيوبي، في المؤتمر الذي جاء بمناسبة احتفال بلاده بعيد يوم النيل، "نحن متفائلون باستراتيجية وخطة الملء التي وضعتها إثيوبيا، وكذلك منفتحون للتفاوض ومناقشة كافة السيناريوهات التي سيضعها الاستشاريون وتقترحها دول المصب"، مجددا تأكيده أن عملية البناء لن تتوقف. وأوضح أن هناك آلية للتعاون الفني بين الدول الثلاث للتفاهم حول جميع القضايا التي تتعلق بسد النهضة، وأن هذه الآلية تحظى باهتمام قادة الدول الثلاث، مؤكدا أن بلاده حريصة على توضيح الحقائق للرأي العام، لإزالة سوء الفهم لمنع تدمير العلاقة بين البلدان الثلاثة.
وأوضح وزير المياه والطاقة الإثيوبي، أن الإنشاءات في جسم السد عملية متكاملة، حيث إن الإنشاءات الخرسانية والأعمال الميكانيكية في جسم السد تتم خطوة بخطوة مع الملء، مضيفا أن مستوى البناء في جسم السد تقابله مستويات محددة للمياه في البحيرة، لكنه لا توجد أي تأثيرات تذكر حتى الآن على دولتي المصب، لذلك نحن بحاجة إلى التفاوض والجلوس سويّا لدراسة مدى التأثر بخطة التخزين.
من جهته، علق مصدر فني مصري في وزارة الري معنيّ بملف سد النهضة على تصريحات الوزير الإثيوبي، قائلا "إذا كانت أديس أبابا ترى أن موقفها الفني في الأزمة سليم، فلماذا لا ننتظر التقرير الفني للمكاتب الاستشارية المعنية بتحديد ما إذا كان السد سيتسبب في تأثيرات على دولتي المصب أم لا؟".
وكان المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، أحمد أبو زيد، أكد تلقّي بلاده طلبا إثيوبيا رسميا لتأجيل اجتماع كان مزمعا يومي 24 و25 الجاري في العاصمة السودانية الخرطوم، بين وزراء خارجية ومياه ورؤساء المخابرات في مصر وإثيوبيا والسودان، مؤكدا أنه مع إدراك مصر للظروف التي ربما قد دفعت إثيوبيا إلى طلب تأجيل الاجتماع، إلا أننا نأمل أن تزول في أقرب فرصة.
وتابع أبو زيد أن بلاده تتطلع لأن يتم الالتزام بالإطار الزمني الذي حدده القادة لحسم الخلافات الفنية القائمة، لا سيما وأن قضية سد النهضة تمس مصالح شعوب الدول الثلاث، وأن التنفيذ الدقيق لتكليفات القادة يقضي باعتبار مصالح شعوب الدول الثلاث مصلحة لدولة واحدة وشعب واحد، الأمر الذي يقتضي التحرك العاجل للتوصل إلى حلول تحفظ مصالح الجميع.
وكانت مصادر دبلوماسية مصرية ذكرت، في وقت سابق لـ"العربي الجديد"، أن وزير الخارجية المصري، سامح شكري، أجرى اتصالا بنظيره الإثيوبي وركنه جيبيو، عبّر خلاله عن القلق المصري من تأخر مسار المفاوضات الفنية، داعيا إياه إلى سرعة عقد الاجتماع في أقرب فرصة ممكنة.
وأوضحت المصادر أن شكري أكد لنظيره الإثيوبي أن مصر وإن كانت تتفهّم الظرف السياسي الراهن في أديس أبابا، إلا أنها لا تتفهم استمرار عمليات البناء في سد النهضة من دون مراعاة لجلسات النقاش المرتقبة، والتي من المقرر أن يتم خلالها حسم النقاط العالقة والأمور الفنية محل الخلاف. وبحسب المصادر، فإن النظام المصري يعوّل على انتزاع مكسب إعلامي خلال الاجتماعات المرتقبة، بمشاركة رؤساء المخابرات، في ضوء التحسن الملحوظ في العلاقة مع السودان، خاصة مع قرب انتخابات الرئاسة.