يقول بعض اليمنيين إن الحوثيين غير ناضجين سياسيًا وإنهم فشلوا سياسياً، بسبب اندفاع سيد التمرد عبد الملك الحوثي بالقفز خارج الواقع السياسي في اليمن، وتسخيره لجماعته لتنفيذ مخطط طهران الذي يتضمن اليمن، خارج إرادة أبناءها، عبر مشروع طائفي في روحه ومنبته، غير قابل لأن يندمج في المجتمع اليمني، والانصهار في القضية الوطنية.
ومنذ انقلاب الحوثيين، بالتحالف مع المخلوع علي عبد الله صالح في سبتمبر/أيلول 2014، وهم يفرطون في معاداة معظم اللاعبين الدوليين والإقليميين المرتبطين في الملف اليمني، باستثناء "إيران"، التي أبرموا معها ما سمي بـ "الاتفاقية الاقتصادية"، التي كثفت بعدها بحسب مراقبين رحلتها الجوية إلى مطار صنعاء، والبحرية إلى ميناء الحديدة، ونقلت الكثير من العتاد العسكري للحوثيين، عقب سيطرتهم مع حليفهم المخلوع صالح على صنعاء.
وقبل شن عاصفة الحزم بقيادة المملكة العربية السعودية التي جاءت لدعم شرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي، كانت السعودية تطرح عرضاً على الأطراف السياسية بمن فيهم الحوثيون للتفاوض بالعاصمة الرياض، إلا أن الحوثيين رفضوا تلبية الدعوة للمفاوضات، كما رفضوا الكثير من محاولات التفاوض والحوار، بما في ذلك مبادرات الأمم المتحدة لمحادثات السلام في العاصمة القطرية الدوحة.
قبل ذلك تجاهل تحالف الانقلاب كل بيانات مجلس الأمن التي دعت لإيقاف التمرد، والالتزام بالعملية السياسية الانتقالية في اليمن. لكن الفشل السياسي للحوثيين، قادهم الى الانتقام من بعض القوى السياسية، وفرض لون طائفي على مؤسسات الدولة، ومعاداة كل الأطراف السياسية اليمنية، باستثناء تحالفهم مع المخلوع علي عبد الله صالح، الذي قاتلوا ضده في ست حروب سابقة خلال العقد الماضي.
عملية عاصفة الحزم
وصلت الجهود الدولية والإقليمية إلى طريق مسدود في وضع تسوية سياسية عن طريق المفاوضات، وبدأت القوات العسكرية لتحالف الانقلاب تصعد العمليات العسكرية، وتسيطر على معظم المحافظات اليمنية في الشمال، حتى وصلت إلى اجتياح بري لجنوب اليمن، الأمر الذي استدعى من الرئيس عبد ربه هادي طلب التدخل من الخليج لحماية الشرعية السياسية.
وهو ما حدث في صباح يوم الخميس، السادس والعشرين من شهر مارس/آذار الماضي، حيث استجابت دول الخليج على الفور لطلب هادي، واستطاعت السعودية بناء تحالف متماسك من 10 دول عربية اشتركت بالحرب ضد تمرد الحوثيين وحليفه المخلوع صالح، بتأييد منظمتين دوليتين هما جامعة الدول العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي، اللتين عبرتا عن دعمهما الواضح لـ"عاصفة الحزم" السعودية في اليمن، فضلا عن دعم دولي كبير.
تغيرات متوقعة بعد العاصفة
يرى مراقبون أن العملية العسكرية لـ "عاصفة الحزم" ستحدث تغييرا في موازين القوى المحلية في اليمن. عبد الله الذيفاني محلل وناشط سياسي قال إن أفول قوة المخلوع علي عبد الله صالح، وربما خروجه نهائياً من المشهد السياسي اليمني، نتيجة متوقعه وحتمية بعد أن استهدفت عاصفة التحالف العربي عدداً كبيراً من معسكرات الحرس الجمهوري الموالية له، والتي كانت لاتزال تحت إمرة نجله أحمد.
إلى ذلك قال المحامي محمد جار الله إن عملية العاصفة استطاعت إضعاف قوة الحوثي التي كانت قد شهدت تنامياً كبيراً أخيراً، وبات أمام الحوثيين الاختيار بين التخلي عن عتادهم العسكري الذي سيطروا عليه أخيراً، وتسليمه دون شروط إلى السلطات الشرعية ممثلة بالرئيس هادي، والتحول إلى صيغة الحزب السياسي، والدخول بأي مفاوضات مستقبلية.
وأوضح أن مقامرة الحوثيين ستقود التحالف العربي إلى دك كافة معاقلهم، وفرض حصار دائم عليهم بواسطة القبائل اليمنية. وإعادة الرئيس عبد ربه إلى السلطة، وتوسيع سلطاته الشرعية بعيدا عن التوافق السياسي الذي كان عائقا أمامه قبل الانقلاب، وتوسيع دائرة نفوذ الدولة على كافة الأراضي اليمنية ستكون نتيجة حتمية لعاصفة التحالف العربي، هكذا طرح الصحفي محمد أمين الشرعبي رأيه لـ "العربي الجديد".
أما محمد الحربي، أحد قيادات أحزاب اللقاء المشترك في تعز، فقال إن شروط المفاوضات بعد عاصفة الحزم تغيرت، وإن الأحزاب اليمنية السياسية لا يتوقع منها أن تفاوض تحت ظل حكم الحوثيين في صنعاء. مضيفاً أن التفاوض بين الأحزاب اليمنية سيكون تفاوضا على موطئ قدم متساو، بعيدا عن قوة السلاح.
اقرأ أيضا: عاصفة الحزم: ارتباك مليشيا الحوثي واستهداف مخازن الأسلحة