في ندوة صحافية هي الأولى من نوعها للرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، أمس الخميس، أشار في معرض حديث طويل وبين الأسطر إلى أن "شعرة معاوية" بينه وبين زعيم حركة "النهضة" راشد الغنوشي، لم تنقطع بالكامل، ولكنها تضعف يوماً بعد يوم. تختزل هذه الكلمات عمق الأزمة السياسية التي تعيشها تونس هذه الأيام، والتي يستبسل فيها السبسي وحزبه "نداء تونس" لإسقاط رئيس الحكومة يوسف الشاهد، بينما تحاول "النهضة" وأحزاب أخرى في المقابل إبقاءه، ولكن مراقبين يسألون إلى متى ستتواصل عملية ليّ الذراع المتبادلة ومن سيسلّم بالأمر الواقع أخيراً.
يدرك معسكر الرئيس التونسي أن لا أدوات فعلية لديه، فالأغلبية مريحة لصالح الشاهد في البرلمان حتى الآن، بعد انضمام "مشروع تونس" إلى كتلتي "الائتلاف الوطني" و"النهضة"، ولم يعد يعيق الحكومة شيء قانونياً لنيل الثقة. ولكن فريق السبسي وحزبه يعرف في المقابل أن الطريقة الوحيدة لضرب التحالف الجديد لن تكون إلا سياسية، ولن تحقق أكثر من تعطيل الأمور نسبياً بسبب أخطاء إجرائية أو قانونية، ولذلك قرر أن يزيد الضغط بشكل غير مسبوق أمس الخميس، فتزامن مع الندوة الصحافية للرئيس التونسي، صدور بيان لـ"نداء تونس" دعا فيه وزراءه (تسعة) في الحكومة إلى الانسحاب. وقال الحزب في بيانه إنه دعا أعضاء الحكومة المنتمين إليه للانسحاب فوراً من هذه الحكومة باعتبارها حكومة "النهضة" المنقلبة على شرعية نتائج انتخابات 2014، معتبراً عدم الالتزام بهذا القرار "خروجاً نهائياً من الحزب واستقالة من كل هياكله". وأكد البيان "أن الحكومة المقترحة في مشروع التعديل الحكومي الأخير تُعتبر خروجاً نهائياً عن اتفاق قرطاج وخيانة للأطراف السياسية والاجتماعية التي أعطتها ثقتها، وهو ما يفقدها نهائياً كل شرعية قانونية أو سياسية أو أخلاقية".
اقــرأ أيضاً
وليس هناك أثر دستوري على هذا الانسحاب حتى إذا حصل، فالوزراء الذين أبقاهم الشاهد في الحكومة يعلمون مسبقاً بالخلاف، ومع ذلك لم يستقل أي واحد منهم، وربما يبادر بعضهم إلى الاستجابة لهذه الدعوة، ولكن سيتم استبدالهم بسرعة، خصوصاً أن التشكيل الجديد لم يُعرض بعد على البرلمان للتصويت على الثقة. ولكن السبسي و"نداء تونس" بهذا الإجراء سيتحوّلان مباشرة إلى المعارضة، وهو ما أشارت إليه "العربي الجديد" منذ أسابيع. غير أن السبسي يعرف أن خروجه من الحكومة وإحداث فراغ لن يكون في مصلحته بتاتاً، قبل عام من الانتخابات الرئاسية المقبلة، لذلك فهو يسعى باستمرار إلى استنزاف خصومه والضغط عليهم بكل الطرق السياسية، محاولاً إحراجهم أمام الرأي العام بعدم احترام مؤسسة الرئاسة، ولكنها تبقى ضغوط محدودة جداً، إلا إذا تزايدت الأصوات داخل "النهضة" المعارضة للتحالف مع الشاهد.
وقال الأمين العام الجديد لـ"النداء"، سليم الرياحي، في تدوينة له "مخطئ من يعتقد أن التعديل الوزاري الأخير الذي اقترحه يوسف الشاهد (12 وزيراً)، هو مجرد تركيبة حكومية، أو محاولة لعزل النداء وتدعيم نفوذ النهضة فقط، بل هو خطوة انقلابية خطرة تم التخطيط لها مسبقاً عبر الإعداد لخطة إعلامية كاملة المعالم للتشريع لها وإلباسها غطاء دستورياً". وما رشح من بعض مواقف قياديّي "النداء" ومستشاري الرئيس أخيراً، يؤكد اعتراضهم على فرض "الأمر الواقع" الذي يسعى إليه خصومهم، ومحاولة عزل السبسي. وأشار الرئيس التونسي في ندوته أمس إلى أنه قد يكون في مخطط البعض سحب الثقة منه، مشيراً إلى أنها قد تكون مجرد ظنون لا غير. أما "النهضة" فحاولت أن تحافظ على شعرة معاوية، إذ أكد المكتب التنفيذي للحركة، الذي اجتمع أمس الأول الأربعاء، "أهمية القيام بتعديل وزاري جزئي يحقق الاستقرار الحكومي والانكباب على معالجة التحديات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية التي تواجهها البلاد".
في محصلة الأمر، يؤكد السبسي أنه لن يعترض على الحكومة إذا أجازها البرلمان، ولكنه يلوّح بكل الأسلحة التي لا تزال بين يديه، فيما تتواصل حرب المراسلات والندوات الصحافية والتصريحات لكلا المعسكرين، ويبقى السؤال عمّن سيضعف أولاً، وإن كانت هناك ضرورة لحوار وطني جديد يبدو أن مبرراته بدأت تجتمع بالفعل تماماً كما حصل في 2013.
وليس هناك أثر دستوري على هذا الانسحاب حتى إذا حصل، فالوزراء الذين أبقاهم الشاهد في الحكومة يعلمون مسبقاً بالخلاف، ومع ذلك لم يستقل أي واحد منهم، وربما يبادر بعضهم إلى الاستجابة لهذه الدعوة، ولكن سيتم استبدالهم بسرعة، خصوصاً أن التشكيل الجديد لم يُعرض بعد على البرلمان للتصويت على الثقة. ولكن السبسي و"نداء تونس" بهذا الإجراء سيتحوّلان مباشرة إلى المعارضة، وهو ما أشارت إليه "العربي الجديد" منذ أسابيع. غير أن السبسي يعرف أن خروجه من الحكومة وإحداث فراغ لن يكون في مصلحته بتاتاً، قبل عام من الانتخابات الرئاسية المقبلة، لذلك فهو يسعى باستمرار إلى استنزاف خصومه والضغط عليهم بكل الطرق السياسية، محاولاً إحراجهم أمام الرأي العام بعدم احترام مؤسسة الرئاسة، ولكنها تبقى ضغوط محدودة جداً، إلا إذا تزايدت الأصوات داخل "النهضة" المعارضة للتحالف مع الشاهد.
في محصلة الأمر، يؤكد السبسي أنه لن يعترض على الحكومة إذا أجازها البرلمان، ولكنه يلوّح بكل الأسلحة التي لا تزال بين يديه، فيما تتواصل حرب المراسلات والندوات الصحافية والتصريحات لكلا المعسكرين، ويبقى السؤال عمّن سيضعف أولاً، وإن كانت هناك ضرورة لحوار وطني جديد يبدو أن مبرراته بدأت تجتمع بالفعل تماماً كما حصل في 2013.