تتفاقم محنة المدنيين في محافظة إدلب وعموم الشمال السوري، نتيجة التراجع الكبير في المساعدات الإنسانية المقدّمة للأهالي في الآونة الأخيرة، بسبب قطع الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية التمويل عن العديد من المنظمات العاملة في الحقلين الإغاثي والطبي، بحجة وقوع بعض تلك المناطق تحت سيطرة "منظمات إرهابية متشددة"، مثل "هيئة تحرير الشام" و"حراس الدين" و"الحزب التركستاني"، في وقت تتصاعد فيه حدّة القصف والأعمال العسكرية في المنطقة، مهددة اتفاق سوتشي الأخير.
وعبّر كثير من العاملين في الحقل الإنساني عن قلقهم من النتائج التي ستترتّب على انقطاع المساعدات على كل الأصعدة، لا سيما في الحقل الطبي. وفي هذا الإطار، قال وزير الصحة في الحكومة السورية المؤقتة، التابعة للمعارضة، فراس الجندي، لـ"العربي الجديد"، إن "المنظمة الرئيسية التي تقدّم المعونات لتشغيل المستشفيات في الشمال السوري ستوقف خدماتها في الشهر الحالي، ما يضعنا أمام كارثة إنسانية، في ظل الأعداد الكبيرة من المهجرين في المنطقة وحالة الفقر التي يعيشونها".
من جهته، أكّد مدير الأمن الغذائي في منظمة "بنفسج"، عبد الرزاق عوض، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "ثمة معطيات كثيرة تفيد بأن الدعم في طريقه للتوقف عن العديد من القطاعات الصحية والإنسانية في الشمال السوري، ما يعني أننا أمام وضع كارثي بكل معنى الكلمة". أما أحمد الشيخو، من المكتب الإعلامي للدفاع المدني في محافظة إدلب، فقد أشار في حديث لـ"العربي الجديد" إلى أن "الوضع الإنساني سيئ أصلاً، والمدنيين في إدلب بحاجة للمزيد من الدعم، وإذا تم قطع الدعم الإنساني، أو تخفيفه، فإن الأوضاع سوف تتجه إلى كارثة"، موضحاً أن "التعليم يعاني من مشاكل كثيرة في معظم مدارس محافظة إدلب، وثمة نقص كبير في الكتب والقرطاسية، بينما معظم المدارس تعرضت للقصف في وقت سابق من قبل الطيران الحربي، وهي بحاجة لإعادة التأهيل والصيانة، إضافة إلى انخفاض رواتب المدرّسين". وأضاف الشيخو: "في القطاع الصحي أيضاً نشكو قلة الدعم، فخلال الأسابيع الماضية وردتنا معلومات بإغلاق أربعة مستشفيات في مناطق المعارضة، منها مستشفى الزراعة في مدينة إدلب، وهو مستشفى مهم يقدّم خدمات طبية وإسعافية لآلاف المدنيين في المحافظة"، محذراً من أنه "في حال تم توقيف الدعم، فقد تتوقّف كل القطاعات الصحية والتعليمية في المحافظة وهو ما ينبئ بكارثة كبيرة".
وفي السياق أيضاً، قال عضو مجلس أمناء منظمة "بنفسج" للمساعدات، فؤاد سيد عيسى، لـ"العربي الجديد"، إنه "منذ أسابيع تصلنا أخبار بأن الإدارة الأميركية تدرس توقيف المساعدات عن الشمال السوري، ونسمع أخيراً عن توقف العديد من الأعمال بشكل رسمي، كما وصلتنا إشعارات بإنهاء عدد من المشاريع القائمة". واعتبر عيسى أن "هذا ينذر بكارثة إنسانية، باعتبار أن التمويل الأميركي هو الأكبر في تلك المناطق، ويشمل تمويل المنظمات الإغاثية والطبية، حتى إن أكبر 15 مستشفى في شمال سورية مدعومة أميركياً، وكذلك العديد من مشاريع التنمية".
اقــرأ أيضاً
الأوضاع الصعبة أكّدها مدير مكتب التعليم في معارة النعسان بريف إدلب، ياسر الحاج أحمد، مؤكداً لـ"العربي الجديد" وجود ضغوط كبيرة على المنظمات كي توقف برامجها في الشمال السوري، لافتاً إلى أن "عدداً كبيراً من مدارس إدلب باتت بلا دعم، وهي تعتمد على متطوعين لتعليم الطلاب، وإذا توقفت المنظمات عن العمل سيكون الوضع كارثياً، خصوصاً في قطاعي الصحة والتعليم".
أما المحلل الاستراتيجي العميد أحمد رحال، فأوضح لـ"العربي الجديد" أنه التقى أخيراً رئيس الحكومة المؤقتة، جواد أبو حطب، وتحدّثا حول توقف منظمة "أكتيد" عن تقديم خدماتها الإنسانية والإغاثية لأكثر من 30 ألف نازح في المخيمات، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة أبلغت أخيراً المنظمات الإغاثية والصحية والتعليمية أن "إدلب ومعظم مناطق ريفها تقع تحت سيطرة تنظيمات إرهابية، وأن تقديم أي مساعدات مالية أو عينية يُعتبر تمويلاً للإرهاب، وأنذرتها بإنهاء عملها بتلك المناطق". ونقل رحال عن أبو حطب قوله: "كنا نتلقّى نحو مليوني دولار شهرياً كمنح تعليمية نوزعها بمعدل 100 دولار للمعلم في المناطق المحررة على نحو 20 ألف معلم ومدرس، وتم حرماننا منها. لدينا أيضاً خمسة مستشفيات سيتم إغلاقها قريباً، وحتى القمح والطحين قد لن يتوفرا خلال الأشهر المقبلة".
ويعيش في مناطق الشمال السوري الواقعة تحت سيطرة المعارضة، والتي يسعى النظام للسيطرة عليها، نحو 4 ملايين مواطن سوري من السكان المقيمين والوافدين والذين هجّرهم النظام من بلداتهم، بعد حملات عسكرية متوالية في الفترات الماضية. وتشير إحصائيات "منسقو الاستجابة في الشمال السوري" إلى وجود ما يقارب 800 ألف شخص يقطنون في المخيمات، بينما بلغ عدد الوافدين والمهجرين إلى تلك المناطق 830 ألفاً، فيما يقيم مليونان ومئتا ألف من السكان الأصليين، مع وجود بضعة آلاف من النازحين الفلسطينيين والعراقيين.
ويعمل العديد من منظمات المجتمع المدني والجمعيات الخيرية في الشمال السوري، وتعتمد في خدماتها على ما تتلقّاه من دعم خارجي، بعضها يتبع لمنظمات الأمم المتحدة المختلفة، وأخرى تتلقى دعماً من بعض الدول، وفي مقدمتها الولايات المتحدة. وتقدّم المنظمات مساعدات أساسية للحياة، كالوجبات الغذائية، وتساهم بعض المنظمات في تأمين الوقود أو ما يساعد في التدفئة في فصل الشتاء، بالإضافة إلى الخدمات الصحية والطبية، ومشاريع ضخّ المياه الصالحة للشرب إلى المدن والبلدات والقرى. وكانت الحكومة البريطانية قد أعلنت في نهاية أغسطس/ آب الماضي وقف تمويل بعض برامج المساعدات في مناطق يسيطر عليها مقاتلو المعارضة في سورية.
اقــرأ أيضاً
وعبّر كثير من العاملين في الحقل الإنساني عن قلقهم من النتائج التي ستترتّب على انقطاع المساعدات على كل الأصعدة، لا سيما في الحقل الطبي. وفي هذا الإطار، قال وزير الصحة في الحكومة السورية المؤقتة، التابعة للمعارضة، فراس الجندي، لـ"العربي الجديد"، إن "المنظمة الرئيسية التي تقدّم المعونات لتشغيل المستشفيات في الشمال السوري ستوقف خدماتها في الشهر الحالي، ما يضعنا أمام كارثة إنسانية، في ظل الأعداد الكبيرة من المهجرين في المنطقة وحالة الفقر التي يعيشونها".
وفي السياق أيضاً، قال عضو مجلس أمناء منظمة "بنفسج" للمساعدات، فؤاد سيد عيسى، لـ"العربي الجديد"، إنه "منذ أسابيع تصلنا أخبار بأن الإدارة الأميركية تدرس توقيف المساعدات عن الشمال السوري، ونسمع أخيراً عن توقف العديد من الأعمال بشكل رسمي، كما وصلتنا إشعارات بإنهاء عدد من المشاريع القائمة". واعتبر عيسى أن "هذا ينذر بكارثة إنسانية، باعتبار أن التمويل الأميركي هو الأكبر في تلك المناطق، ويشمل تمويل المنظمات الإغاثية والطبية، حتى إن أكبر 15 مستشفى في شمال سورية مدعومة أميركياً، وكذلك العديد من مشاريع التنمية".
الأوضاع الصعبة أكّدها مدير مكتب التعليم في معارة النعسان بريف إدلب، ياسر الحاج أحمد، مؤكداً لـ"العربي الجديد" وجود ضغوط كبيرة على المنظمات كي توقف برامجها في الشمال السوري، لافتاً إلى أن "عدداً كبيراً من مدارس إدلب باتت بلا دعم، وهي تعتمد على متطوعين لتعليم الطلاب، وإذا توقفت المنظمات عن العمل سيكون الوضع كارثياً، خصوصاً في قطاعي الصحة والتعليم".
ويعيش في مناطق الشمال السوري الواقعة تحت سيطرة المعارضة، والتي يسعى النظام للسيطرة عليها، نحو 4 ملايين مواطن سوري من السكان المقيمين والوافدين والذين هجّرهم النظام من بلداتهم، بعد حملات عسكرية متوالية في الفترات الماضية. وتشير إحصائيات "منسقو الاستجابة في الشمال السوري" إلى وجود ما يقارب 800 ألف شخص يقطنون في المخيمات، بينما بلغ عدد الوافدين والمهجرين إلى تلك المناطق 830 ألفاً، فيما يقيم مليونان ومئتا ألف من السكان الأصليين، مع وجود بضعة آلاف من النازحين الفلسطينيين والعراقيين.
ويعمل العديد من منظمات المجتمع المدني والجمعيات الخيرية في الشمال السوري، وتعتمد في خدماتها على ما تتلقّاه من دعم خارجي، بعضها يتبع لمنظمات الأمم المتحدة المختلفة، وأخرى تتلقى دعماً من بعض الدول، وفي مقدمتها الولايات المتحدة. وتقدّم المنظمات مساعدات أساسية للحياة، كالوجبات الغذائية، وتساهم بعض المنظمات في تأمين الوقود أو ما يساعد في التدفئة في فصل الشتاء، بالإضافة إلى الخدمات الصحية والطبية، ومشاريع ضخّ المياه الصالحة للشرب إلى المدن والبلدات والقرى. وكانت الحكومة البريطانية قد أعلنت في نهاية أغسطس/ آب الماضي وقف تمويل بعض برامج المساعدات في مناطق يسيطر عليها مقاتلو المعارضة في سورية.