الميثاق الأممي للهجرة يؤجج معركة المتنافسين على خلافة ميركل داخل "المسيحي الديمقراطي"
رغم انسجام المرشحين الثلاثة لخلافة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في زعامة الحزب "المسيحي الديمقراطي"، حول العديد من النقاط الأساسية، وأهمها ملف التقاعد والديزل، إلا أن ميثاق الأمم المتحدة للهجرة، والمفترض أن يقرّ في مدينة مراكش المغربية في أوائل شهر ديسمبر/كانون الأول المقبل، يعتبر إحدى أبرز النقاط الخلافية بين المرشحين، حيث طالب أصغرهم سنّاً، وزير الصحة ينس شبان، بأن تناقش الإيجابيات والسلبيات، ليتبنى حزبه التصويت عليه خلال المؤتمر الحزبي المقرر انعقاده في السابع والثامن من الشهر ذاته في هامبورغ، على أن يؤجل التوقيع إذا لزم الأمر.
من جهته، أيّد المرشح فريدريش ميرز الميثاق، هو الذي يعتبر من المناوئين لسياسة اللجوء التي اعتمدتها ميركل منذ العام 2015، معتبراً أنها تشكل انتهاكاً للقانون، وطالب الحكومة الاتحادية بالتوضيح للرأي العام، في ظلّ القلق المتنامي بين المواطنين والخوف من أن تتضاعف أعداد اللاجئين، أن الاتفاقية لن تكون ملزمة قانوناً، على أن تؤخذ مخاوفهم على محمل الجد.
أما المرشحة انغريت كرامب كارينباور، فقالت إنها تقف مع الميثاق الأممي، لافتة إلى أنه للمرة الأولى "يوجد اتفاق يجمع بين البلدان الأصلية للمهاجرين وبلدان الهجرة ـ كما أن الاتفاقية تهدف إلى وضع معايير عالمية في التعامل مع المهاجرين".
وجاءت تصريحات المرشحين الثلاثة خلال انعقاد المؤتمر الإقليمي الثاني لـ"المسيحي الديمقراطي" في ولاية راينلاند بفالس، حيث يعمد المرشحون في مشاركاتهم إلى توضيح تطلعاتهم وطموحاتهم في حال الوصول إلى زعامة الحزب.
وحول تسويق شبان لنفسه من خلال التصويب على الميثاق الأممي، يرى المراقبون أن الأخير ينطلق في مسار سياسي يريد التمايز فيه عن زملائه المرشحين، كما يهدف للتقارب مع الحزبيين المعارضين سياسة الهجرة، بعدما اعتبر أن الاتفاق يؤذي حزبه، في ظلّ المخاوف والانتقادات التي تطاول الميثاق في صفوف الأحزاب الشعبوية، والزعم من قبلها أن الميثاق يمسّ السيادة الوطنية.
ورأى منتقدو شبان أنه ليس من الضروري أن يسعى لتوظيف الميثاق في حملته لزعامة الحزب، وهو الأمر الذي أشار إليه نائب رئيس الحزب أرمين لاشيت في حديث مع صحيفة "هاندلسبلات"، معتبراً أن "تركيز شبان المفرط على سياسة الهجرة هو اعتقاد خاطئ".
أما حزب "الخضر"، فسأل عبر زعيمته أنالينا باربوك، ما إذا كان شبان يريد لألمانيا أن تمضي قدماً مع الدول الأخرى لحلّ المشكلات معاً، أم أنه يريد عزل ألمانيا دولياً ومعارضة المجتمع الدولي؟"، علماً أن شبان لم يتحدث عن التنازل عن الميثاق، وموقفه لا يتناقض بشكل أساسي مع موقف الحكومة الاتحادية التي تؤيد الميثاق بوضوح، إنما طالب بالمزيد من المشاورات والنقاشات مع تزايد الحجج ضد الاتفاق، من أنه سيؤدي إلى مزيد من الهجرة غير الخاضعة للرقابة في ألمانيا.
من جهة ثانية، خرجت بعض الآراء التي تحدثت عن أن شبان يسعى لعدم إظهار الحقيقة الكاملة لموقفه بدعم أو رفض الميثاق بالفعل. وهو أراد إثارة الموضوع، لاعتقاده بأن الافتقار إلى الشفافية يخلق الشكوك في أنه يخفي شيئاً ما.
ويبيّن سياسيون يعارضون موقف شبان أن تصريحات الأخير تتماهى مع الحملة السياسية التي أطلقها حزب "البديل" اليميني الشعبوي ضد الميثاق العالمي حول الهجرة، بعدما وصل الأمر بأحد أعضاء الحزب، مارتن هبنر، لاعتبار أن الموافقة على الميثاق تشكل تهديداً للحوار بين الثقافات، وأن الميثاق هو أداة للقضاء بشكل تدريجي على الهوية. أما زميلته، زعيمة كتلة الحزب أليس فايدل، فصوبت في كلمتها أمام زملائها في البوندستاغ، اليوم الأربعاء، على الحكومة واتهمت الشركاء في الائتلاف بأنهم ينفقون المال كل عام من أجل محاربة القانون ورعاية المواطنين الآخرين، فيما لم يعد بإمكان النساء والفتيات الخروج بمفردهن في المساء خوفاً من هجمات من يسمون أنفسهم "الباحثين عن الحماية".
ووسط هذا الجدل الدائر في البلاد، شدد وزير الداخلية الاتحادي هورست زيهوفر على أهمية الموافقة على الاتفاق، لأنه يحتوي على نقاط مهمة عدة، وعلى التزامات عدة، منها مكافحة تهريب المهاجرين وإعادتهم إلى بلدانهم الأصلية. أما المستشارة الألمانية، فأعلنت نهاية الأسبوع الماضي من كيمنتس، أن لألمانيا مصلحة في الاتفاقية، والميثاق سيسمح بالطلب من الدول الأفريقية كبح الهجرة غير الشرعية، بالإضافة إلى الضغط على دول أخرى لتحسين ظروف المهاجرين.