نظم مركز الدراسات الاستراتيجية (وحدة الشأن الليبي) مساء أمس الجمعة في تونس ندوة سياسية حوارية حول الأزمة الليبية والصراع الدولي، حيث تناول الباحثون الليبيون والتونسيون وعدد من الناشطين السياسيين ملف الأزمة الليبية والصراعات الدولية التي ساهمت في تعقيد الحلول، إلى جانب الصراعات والتجاذبات السياسية في ليبيا، والتي أجلت الوصول إلى حلول عملية تنهي الصراع القائم هناك.
وقال الباحث الليبي محمد عمران أبو القاسم، والذي قدم مداخلة حول دول الجوار العربي والأفريقي في الأزمة الليبية، إنّ دول الجوار "تتفاعل مع محيطها ولكن مواقفها مختلفة، فالتعامل المصري تجاه الأزمة الليبية كان سلبيا ولم يكن بالكيفية المطلوبة في حلحلة الأزمة، إذ تدعم مصر المشروع العسكري في ليبيا، بينما الدور التونسي والجزائري كان إيجابيا وداعما لليبيا والحل السلمي، والدفع نحو الحوار وتوحيد المؤسسات والآراء".
وأوضح أبو القاسم في تصريح لـ"العربي الجديد" أن تونس "بالنسبة لليبيا جزء من الأمن القومي، وتربطهما عوامل تاريخية وجغرافية، ويتقاسم الشعبان عديد الثقافات والتقاليد، كما أن تونس احتضنت في مناسبات عديدة الحوارات الليبية ودفعت نحو الحل السلمي، ولكن لا يزال ينتظر الشعب الليبي من تونس الكثير من الدفع".
وبين الباحث أن هناك "تنافسا دوليا وصراعا من قبل الدول الغربية المتنافسة على ليبيا، وخاصة بين فرنسا وإيطاليا، وحتى مؤتمر باليرمو لم يقدم جديدا للأزمة الليبية بل كان مجرد محاولة من إيطاليا لفرض الأمر الواقع على الأرض ولجمع أكثر ما يمكن من المؤيدين وللتواجد في الميدان، ولمنح إيطاليا الشرعية للتواجد في ليبيا ومواجهة الأطماع الفرنسية".
وحول دور المؤتمرات الخارجية في تقديم حل للأزمة الليبية، أكد أبو القاسم، أن الحل يجب أن يكون بيد الليبيين أنفسهم، مضيفا أنه "يصعب التكهن حاليا إن كانت الأزمة يمكن حلها أو أنها ستستمر لسنوات في ظل الواقع الميداني الصعب على الأرض وتعثر العملية السياسية وغياب الثقة بين الأطراف السياسية والتنافس الدولي، وبالتالي كل هذه المؤشرات تشير إلى أن الأزمة معقدة جدا وللأسف فإن الشعب الليبي لن يتحمل أن تطول الأزمة أكثر".
بدوره، أكد الباحث التونسي، علي اللافي لـ"العربي الجديد"، أن الأزمة الليبية "متواصلة وأن هناك صراعا بين الدول الإقليمية تغذيه الأطماع في الثروات الليبية التي يزخر بها هذا البلد، وهي نادرة وهامة، وبالتالي فالصراع هو صراع على مصالح"، مضيفا أن "التجاذب الأيديولوجي في ليبيا يغذي أيضا الأزمة ويعقدها".
وقال إن الحل يكمن في الذهاب إلى الحل السياسي ونجاح المؤتمر الوطني الجامع في ليبيا وهو الحل الوحيد القادر على تقريب وجهات النظر وإنهاء الصراع السياسي.
أما الباحث الليبي نعيم الغرياني، والذي قدّم مداخلة حول "دور البعثة الأممية للدعم والانخراط الأميركي المتأخر" فأوضح أن "الإشكاليات التي فرضها الواقع الميداني عقد مهمة الأمم المتحدة، وتحديداً مهمة المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة".
ولفت إلى أن تدخل الإدارة الاميركية "لم يكن كبيرا في ليبيا أو على الأقل كان غير بارز للعيان، باعتبار التخوف من النتائج التي فرضتها الأزمات السابقة وانشغال أميركا في تلك الفترة بالانتخابات الرئاسية، كما أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب لم يركز على الملف الليبي، فظل الملف ثانويا بالنسبة إليه ولربما كان هذا الغياب أفضل للشعب الليبي وللأزمة التي تعيشها ليبيا لأن مواقف ترامب لا يمكن التكهن بها".
وقال الغرياني لـ"العربي الجديد" إنه من الناحية النظرية فإن الحل "ممكن في ليبيا، ولكن هناك عدة إشكاليات ومنها الانقسام السياسي الحاد والانقسام الدولي بخصوص الأزمة الليبية والصراع بالوكالة، مشيرا إلى أنّ كل هذه الأسباب ستؤخر أي حل حقيقي لحل الأزمة.
وأضاف الباحث أن المحاولات والمبادرات لحلحلة الأزمة لم تقد إلى حل حقيقي ينهيها ويقود إلى انتخابات، مشيراً إلى أن المؤتمر الليبي الجامع هو "لقاء للحوار ولتقريب وجهات النظر ولكنه قد لا يمثل الحل المثمر، إذ قد يخرج دون حل حقيقي".
وبين أن الحل في الأزمة الليبية ربما قد يحتاج إلى وقت أطول وإلى حوار تشارك فيه جميع الأطراف التي لا تتناقض توجهاتها مع مصلحة الشعب الليبي، وهو ما يحتاج إلى عمل منهجي ونفس طويل.