استقبل الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، اليوم الخميس، رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني الليبية، فائز السراج، في العاصمة أنقرة، لتقييم آخر المستجدات الحاصلة على الساحة الليبية، في وقت وجهت فيه فرنسا وألمانيا انتقادات غير مباشرة إلى واشنطن لتأخير تعيين مبعوث أممي جديد لليبيا.
وخلال مؤتمر صحافي مع السراج، تعهد الرئيس التركي بعدم ترك "إخواننا الليبيين تحت رحمة الانقلابيين والمرتزقة أبدًا"، مشدداً على أن التاريخ سيحاسب كل من أغرق ليبيا بالدماء والدموع من خلال تقديم الدعم لحفتر.
وأكد أردوغان أنه تم التوصل مع السراج إلى توافق في الآراء بشأن توسيع مجالات التعاون، مشيراً إلى أنه "على الرغم من الهجمات الغادرة التي قام بها الانقلابي حفتر اتخذت الحكومة الليبية الاحتياطات اللازمة فيما يتعلق بوباء كورونا"، وفق ما أوردته وكالة "الأناضول".
وأوضح كذلك أن بلاده ستعمل مع السراج في جميع المحافل الدولية لحل المشكلة في ليبيا على أساس الشرعية والعدل، لافتاً إلى أن "السراج وحكومته اتخذا دائمًا موقفًا إيجابيًا حيال الحل السياسي، رغم جرائم الحرب التي ارتكبها الانقلابي حفتر ومليشياته".
من جانبه، توجه السراج بالشكر لتركيا على وقوفها إلى جانب حكومة الوفاق في صد عدوان حفتر على طرابلس، وخاطب الدول الداعمة لحفتر بالقول "للدول الداعمة للعدوان إن رهانكم قد خسر والتاريخ لن يرحم".
ولفت إلى أن معركة حكومة الوفاق "ما زالت مستمرة وعازمون على سيطرة الدولة على كافة أراضي الوطن"، معنا أنه لا تنازل عن تطبيق العدالة والقانون لمحاسبة كل من اقترف جرائم بحق الليبيين.
ويأتي لقاء السراج مع أردوغان في ظل تسارع الأحداث الميدانية في ليبيا، إذ أعلنت قوات حكومة الوفاق، اليوم الخميس، سيطرة قواتها على كامل الحدود الإدارية للعاصمة طرابلس، بعد اكتمال تحرير منطقتي عين زارة ووادي الربيع جنوباً من مليشيات اللواء المتقاعد، خليفة حفتر. ويأتي هذا التطور بعد ساعات من سيطرة قوات حكومية على مطار طرابلس الدولي.
وكانت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا قد أعلنت مطلع الأسبوع قبول حكومة الوفاق ومليشيات حفتر استئناف مباحثات وقف إطلاق النار والترتيبات الأمنية المرتبطة بها، مرحبة بذلك القرار.
وقالت البعثة في بيان إن تلك المباحثات والترتيبات تأتي بناءً على مسودة الاتفاق التي عرضتها البعثة على الطرفين خلال محادثات اللجنة العسكرية المشتركة (5+5) في 23 فبراير/ شباط الماضي.
وأشارت إلى أن عودة الطرفين للحوار تمثّل "استجابة لرغبة ونداءات الأغلبية الساحقة من الليبيين الذين يتوقون للعودة للحياة الآمنة والكريمة بأسرع وقت ممكن".
وفي سياق متصل، أوردت وكالة "فرانس برس" أن الولايات المتحدة الأميركية أكدت الأربعاء أنها تنتظر تشكيل بعثة "متمكنة" لليبيا تابعة للأمم المتحدة، ما أثار حفيظة فرنسا وألمانيا اللتين تقولان إن التأخّر في إقرار تعيين مبعوث يقوّض الجهود لإنهاء النزاع.
ومنصب مندوب الأمم المتحدة إلى ليبيا شاغر منذ ثلاثة أشهر، رغم الدعوات المتزايدة لاستئناف المفاوضات، وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس قد اقترح منذ أسابيع أن تتولى وزيرة خارجية غانا السابقة هانا سيروا تيتيه المنصب، لكن لم يجرِ تثبيتها، في وقت يشير فيه دبلوماسيون إلى معارضة الولايات المتحدة تسميتها.
ولم يُخفِ مندوبا فرنسا وألمانيا لدى الأمم المتحدة قلقهما الاثنين، وفق "فرانس برس". وقال مندوب فرنسا نيكولا دو ريفيير إن "الأمر عاجل حقاً في الوقت الحالي. الوضع في ليبيا سيئ للغاية".
بدوره، أشار المندوب الألماني كريستوف هويسغن إلى ضرورة العمل على الحل السياسي، لا العسكري. وقال: "يتحمّل أولئك الذين يقفون وراء تأخير الاتفاق على مقترح الأمين العام (للأمم المتحدة) في ما يتعلق بالمبعوث الخاص... مسؤولية ثقيلة جداً". لكن أي المندوبين لم يسمِّ الولايات المتحدة بشكل واضح.
يذكر أن المبعوث الأسبق اللبناني غسان سلامة، استقال مطلع مارس/ آذار لأسباب صحية، واقترح غوتيريس في البداية وزير الخارجية الجزائري السابق رمطان لعمامرة خليفة لسلامة. لكن الولايات المتحدة رفضته، ما دفع الأمين العام للأمم المتحدة إلى اختيار تيتيه، التي شغلت منصب ممثل الأمم المتحدة لدى الاتحاد الأفريقي منذ عام 2018.