كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" أن المحقق الأميركي الخاص بملف التدخل الروسي المحتمل في الانتخابات الأميركية، روبرت مولر، فتح ملف التأثير الإماراتي في عمل الإدارة، خلال عهد الرئيس دونالد ترامب، وأن اسم كل من جورج نادر، رجل الأعمال اللبناني الأميركي، مستشار ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، ومسؤول جمع التبرعات لحملة ترامب، الجمهوري إليوت برويدي، وهو صاحب شركة أمنية تملك عقوداً أمنية كبيرة في دولة الإمارات، قد يتصدران في المرحلة المقبلة عمل المحقق ومكتبه.
ونادر (58 عاماً)، كان المفاوض من قبل إدارة الرئيس بيل كلينتون مع النظام السوري، ووسيطاً بين إسرائيل ونظام الأسد، لمحاولة إبرام اتفاق سلام بين الطرفين، قبل أن يصبح مستشاراً خاصاً لولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، و"زائراً دائماً منذ العام الماضي للبيت الأبيض"، أي منذ انتخاب دونالد ترامب.
الجديد في الموضوع كشف "نيويورك تايمز" أنه، في الأسابيع الماضية، بدأ مساعدو مولر يوسّعون أبحاثهم وتحقيقاتهم المتعلقة بجورج نادر، ويكثّفون جهودهم للحصول من شهود على معلومات حول محاولات محتملة من قبل السلطات الإماراتية لـ"شراء" نفوذ سياسي، من خلال توظيف استثمارات مالية دعماً لترامب خلال حملته الانتخابية.
كما يهتم محققو مولر حالياً بمعرفة تفاصيل الدور الذي أداه ويؤديه نادر في صناعة القرار السياسي للرئاسة الأميركية. مع كشف الصحيفة الأميركية أن مكتب المحقق الأميركي تجاوز في تحقيقاته الدور الروسي المحتمل في التأثير على الانتخابات، لتصل أبحاثه إلى كشف التأثير الإماراتي على إدارة ترامب، من خلال التركيز على كيفية تأثير الأموال التي وصلت من عدد من الدول إلى أركان من الإدارة الأميركية، على سياسات واشنطن الخارجية.
وبحسب الصحيفة الأميركية، فإن توسيع دائرة اهتمام مكتب مولر من التدخل الروسي المحتمل في الانتخابات الأميركية إلى الدور الإماراتي، فرضته معطيات اكتشفها محققو مولر خلال عملهم. أحدث تلك المعطيات التي تتصل بقنوات تأثير جورج نادر، وبالتالي الإماراتيين، أن رجل الأعمال اللبناني ــ الأميركي حصل، في الخريف الماضي، على تقرير مفصل من مسؤول جمع التبرعات لحملة ترامب، وهو الجمهوري الصهيوني إليوت برويدي، حول أحد الاجتماعات الخاصة التي عقدها مع الرئيس الأميركي في المكتب البيضاوي.
وتشير "نيويورك تايمز" إلى أن برويدي يملك شركة أمن خاصة لديها عقود بمئات ملايين الدولارات مع دولة الإمارات، وقد شرح برويدي لترامب، خلال الاجتماع المذكور، كيف أن شركته تطوّر مليشيا مسلحة لمصلحة الإمارات كـ"وحدة لمكافحة الإرهاب".
وبحسب مصادر "نيويورك تايمز"، فإن برويدي أرسل محضر اجتماعه مع ترامب لجورج نادر، لأن محمد بن زايد أراد معرفة رأي ترامب حيال فكرة تأسيس هذه الوحدة الأمنية غير النظامية، ولأن "برويدي كان يظن أن تأسيس مثل هذه الوحدة العسكرية من شأنه خدمة المصالح الأمنية الأميركية".
كما أن برويدي، خلال ذلك الاجتماع، حاول بإصرار، إقناع ترامب بالاجتماع بشكل غير رسمي وخارج البيت الأبيض مع ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، بهدف دعم "السياسات المتشددة" لدولة الإمارات في المنطقة، وإقالة وزير الخارجية الأميركية، ريكس تيلرسون، على خلفية موقفه الرافض لحصار دولة قطر، بحسب مضمون التقرير الذي قدّمه برويدي لنادر عن اجتماعه مع ترامب. وتقول "نيويورك تايمز" إنها حصلت على نسخة منه من "شخص رافض للتأثير الإماراتي على الإدارة الأميركية".
وورد في التقرير الحرفي الذي أرسله برويدي لنادر، أنه، أي برويدي، عرض أن يزور بن زايد الولايات المتحدة قريباً جداً للقاء ترامب، وأن برويدي يفضل اجتماعاً بعيداً عن الأضواء في نيويورك أو نيوجيرسي، لافتاً إلى أن "الرئيس ترامب رأى أن مثل هذا الاجتماع مع بن زايد فكرة جيدة".
ويكتب برويدي في تقريره أنه عرض مرتين على مستشار الأمن القومي، هربرت مكماستر، فكرة اللقاء بين ترامب وبن زايد خارج البيت الأبيض، لكن مكماستر "ابتسم وأجاب بأن رؤساء أميركا لا يجرون عادة اجتماعات إلا في البيت الأبيض بحسب البروتوكول".
وفي هذا السياق، تعتبر الصحيفة الأميركية أن الموقف الذي اتخذه ترامب تأييداً لحصار قطر من قبل السعودية والإمارات "وضعه على خلاف حاد مع وزير خارجيته، وفي تناقض مع أعراف السياسات الأميركية المتبعة منذ سنوات".
وتذكر الصحيفة الأميركية أن الآراء حول هوية الشخص الذي عزز نفوذ جورج نادر في أوساط الإدارة الأميركية لا تزال منقسمة، بين المخطط الاستراتيجي للبيت الأبيض (المقال)، ستيفن بانون، وبين صهر الرئيس، كبير مستشاريه، جاريد كوشنر، مع إشارتها إلى أن زيارات نادر إلى البيت الأبيض تكثفت قبل القمة الأميركية ــ الإسلامية، التي عُقدت في مايو/أيار 2017 في الرياض، وفيها تقرر فرض الحصار على دولة قطر.
وقد حاولت "نيويورك تايمز" الحصول على تعقيب من مكتب برويدي حول التقرير المسرب لمحضر اجتماعه مع ترامب، والذي أرسله برويدي إلى جورج نادر، بصفته مستشاراً لمحمد بن زايد. واعترف مكتب برويدي بصحة التقرير، لكنه اتهم من سماهم "عملاء قطر" بسرقة التقرير من خلال القرصنة الإلكترونية، عازياً ذلك إلى رغبة قطر في معاقبة برويدي نتيجة موقفه الرافض بشدة لـ"إرهاب الدولة".
وتربط الصحيفة الأميركية ضمنياً بين تاريخ تحوّل جورج نادر إلى مستشار لبن زايد في 2016 وبين رغبة أبوظبي في التأثير على فريق المرشح ترامب في حينه وفريق عمله. وتكشف أنه بعد تنصيب ترامب رئيساً، أصبحت علاقة نادر وبرويدي وطيدة، وقام نادر بتقديم برويدي لمحمد بن زايد، وعلى الفور وقّعت الشركة الأمنية التابعة لبرويدي (اسمها Circinus) عقوداً مع دولة الإمارات بمئات ملايين الدولارات.