ويأتي هذا النداء في ظل تصاعد خطاب الكراهية والتحريض ضد الأقليات أو "الآخر"، كما لاحظت الأمم المتحدة أن عدداً من الحكومات، حتى الديمقراطية، تستغل الجائحة لتمرير قوانين تمييزية أو بسط سيطرتها بشكل أوسع متعللة بإجراءات الطوارئ التي تفرضها لمكافحة كورونا.
وتستغل حكومات وأحزاب يمينية الجائحة لتمرير أجندتها، كما تستغل تيارات يمينية الجائحة للتحريض على مجموعات بعينها ولصق الوباء فيها. ولا يقتصر ذلك على التحريض بل تصبح حرية الصحافة والتعبير مقيدة، وهذا ما يظهره عدد من التقارير الدولية.
وفي الوقت الذي قد لا يبدو الأمر مستغرباً، عندما يحدث ذلك في دول تعاني أصلاً من تقييد على الحريات أو تعيش شعوبها تحت الاحتلال أو تحت أنظمة دكتاتورية، فإن الأمثلة تصبح أكثر فجاجة في دول ديمقراطية.
ولعل أبرز مثال على ذلك المجر والولايات المتحدة، ففي الأولى أصبح رئيس الوزراء، فيكتور أوربان، يحكم بالمراسيم إلى أجل غير مسمى حيث أعطاه البرلمان، الذي يسيطر حزبه عليه، منذ نهاية مارس/آذار ذلك الحق دون ربط تلك الصلاحيات بحد زمني.
وفي الولايات المتحدة، يستمر الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بالتحريض ضد الصين ومحاولة تسمية الفيروس الذي ظهر لأول مرة على أراضيها باسمها، كما استمر ترامب بمهاجمة الصحافيين وكل من يشكك بسياساته لمكافحة كورونا.
ولاحظ عدد من المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان بما فيها "هيومان رايتس واتش" أن انتشار الفيروس شهد ارتفاعاً في نسبة المعلومات الخاطئة، إضافة إلى الأخبار المتحيزة سياسياً أو تجارياً، مما يزيد من التهديد على حرية الصحافة التي سارع عدد من الدول لتقييدها.
وفي هذا السياق، يأتي النداء الذي وجهه غوتيريس، وأكد فيه على ضرورة التضامن بين الشعوب لمواجهة فيروس لا يعبأ بمن هو الشخص وطريقة عيشه أو إيمانه أو بشرته.
وقال غوتيريس، إنه وعلى الرغم من ذلك، فإن "الجائحة ما فتئت تطلق العنان لطوفان من مشاعر الحقد وكراهية الأجانب وإلقاء اللوم على الغير وبث الرعب في الناس. وقد تفاقمت معاداة الأجانب على شبكة الإنترنت وفي الشوارع".
وأشار غوتيريس إلى تفشي نظريات المؤامرة المعادية للسامية، وكذلك إلى تعرض المسلمين "لاعتداءات ذات صلة بالجائحة". ونبه إلى أن هناك اتهامات في عدد من الدول ضد المهاجرين واللاجئين بكونهم منبعَ الفيروس ومنعهم من الحصول على العلاج، مشيراً إلى بعض التصريحات الصادرة عن ساسة أميركيين مفادها أنه يمكن "الاستغناء عن الكبار بالعمر" من أجل "إنقاذ الاقتصاد"، دون أن يسمي الولايات المتحدة بالاسم أو أيا من الساسة الأميركيين.
وتابع: "راجت أفكار شنيعة توحي بأن كبار السن، الذين هم من أشد الناس تأثراً بالمرض، هم أيضا أوَّلُ من يمكن الاستغناء عنهم. وتُشير الأصابع إلى الصحافيين والمبلغين عن المخالفات والأخصائيين الصحيين وعمال الإغاثة والمدافعين عن حقوق الإنسان لا لشيء إلا لأنهم يؤدون واجبهم".
كما وجه عدداً من الرسائل للمؤسسات التعليمية ووسائل الإعلام والمجتمع المدني قائلا "أناشد المؤسسات التعليمية أن تركز على محو الأمية الرقمية في وقت يرتاد فيه الإنترنت بلايينُ الشباب ويسعى فيه المتطرفون إلى كسب الأتباع بالترويج لأفكارهم في أوساط المحتجزين والأشخاص الذين قد تستحوذ عليهم مشاعر اليأس".
وناشد الأمين العام للأمم المتحدة وسائل الإعلام والشركات المسؤولة عن وسائل التواصل الاجتماعي أن تبذل المزيد من أجل التحذير من المواد المحرضة على العنصرية أو كراهية النساء وغيرها من المواد الضارة التي تُنشر على منابرها.
وقال إنه من الضروري أن تُسحب تلك الخطابات بما يتماشى مع أحكام القانون الدولي لحقوق الإنسان، مؤكداً على ضرورة أن يعزز المجتمع المدني من تواصله مع الفئات الضعيفة والقيادات الدينية لتكون قدوة يحتذى بها في الاحترام المتبادل.
وذكّر غوتيريس بالخطة التي كان قد أطلقها العام الماضي ووضع بموجبها استراتيجية وخطة عمل من أجل مكافحة خطاب الكراهية وتعزيز جهود الأمم المتحدة في مكافحتها، مشدداً على ضرورة أن تتماشى خطط مكافحة فيروس كورونا يداً بيد مع حماية الناس وحقوقهم ومنع العنف.