أدى الكشف عن موقف جيش الاحتلال الإسرائيلي المعارض في المرحلة الحالية لشن عدوان جديد على قطاع غزة، كما أوردت الصحف الإسرائيلية الليلة الماضية، إلى خفض منسوب التوتر على الحدود بين إسرائيل والقطاع، مع ما صاحب الإعلان المذكور لمواقف الجيش من تصريحات وتقارير صحافية تحدثت عن ميل حركة "حماس"، في ظل الضغوط الدولية التي مورست عليها في اليومين الأخيرين، إلى مباشرة خفض وتيرة وأعداد البالونات والطائرات الورقية الحارقة من قطاع غزة باتجاه الحدود الإسرائيلية.
وكشفت صحيفة "هآرتس" عن أن قيادة الجيش الإسرائيلي، بالرغم من التدريبات الواسعة التي قامت بها الفرقة 162 لمحاكاة عملية اجتياح بري لقطاع غزة، والحديث عن خطط جاهزة لإعادة احتلال قطاع غزة، في حال صدرت أوامر بذلك، لا تزال ترى أن إطلاق الطائرات الورقية الحارقة لا يشكل سببا يبرر شن هجوم عسكري واسع، وعليه طالبت قيادة الجيش المستوى السياسي باستنفاد "الخطوات المدنية"، بحسب تعبير جيش الاحتلال، التي اتخذتها إسرائيل مؤخرا لزيادة الضغوط على الشعب الفلسطيني في القطاع، من خلال مواصلة إغلاق معبر كرم أبو سالم أمام البضائع، ووقف تزويد قطاع غزة بالوقود والغاز، وتقليص مجال الصيد لصيادي غزة إلى ثلاثة أميال، قبل الاتجاه لشن عملية عسكرية.
ويبدو أن الكشف الرسمي عن هذا الموقف لقيادة الجيش ساهم اليوم في خفض مستوى التوتر، ووقف سيل التهديدات الإسرائيلية لحركة "حماس" في غزة، بعد أن كان كل من رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن أفيغدور ليبرمان، توعدا أمس بأن المواجهة مع "حماس" قادمة، وأن "الجيش يملك القدرة على إخضاع كل عدو"، بحسب تعبير ليبرمان أمس.
واعتبرت "هآرتس" في هذا السياق أن اقتراح قيادة الجيش بتكثيف الضغط عبر الوسائل المدنية جاء في ظل ما وصفته بـ"الضغوط الشعبية" على القيادة السياسية لاتخاذ خطوات ضد "حماس". وساهم في هذا الأمر تسريب المشادة الكلامية التي وقعت الأحد خلال جلسة المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية، بين رئيس أركان الجيش، غادي أيزنكوط، وبين زعيم حزب البيت اليهودي، الوزير نفتالي بينت، الذي طالب بالسماح للجنود بإطلاق النار على الفتية الذين يطلقون الطائرات الورقية، فيما رفض أيزنكوط هذا الاقتراح.
من جهتها، قالت "يديعوت أحرونوت" إن المهلة التي وضعتها مصر أمام حركة "حماس"، لعدة أيام محدودة، لوقف إطلاق الطائرات الورقية الحارقة كانت وراء القرار التكتيكي للحركة لوقف إطلاق هذه الطائرات والبالونات الحارقة، وبشكل تدريجي.
وأشارت الصحيفة إلى أن المهلة المصرية، والإعلان الإسرائيلي باستمرار عدم تزويد قطاع غزة بالوقود والغاز حتى الأحد، رغم معرفة إسرائيل بأن احتياطي الوقود والغاز في القطاع ينتهي اليوم، يشكل دليلا إضافيا على حجم التعاون والتنسيق المكثف بين مصر وإسرائيل.
وبالرغم من جهود التهدئة والمساعي الدولية والضغوط التي مورست على "حماس" في الأيام الأخيرة، إلا أن التقديرات العسكرية في إسرائيل، بحسب "يديعوت أحرونوت"، تشير إلى أن احتمالات المواجهة العسكرية باتت الآن 50/ 50.
ونقلت الصحيفة عن مصادر أمنية إسرائيلية قولها إنه "على الرغم من أن الطرفين غير معنيين حاليا بمواجهة عسكرية، إلا أنه من شأن ديناميكية العلاقة بين الطرفين والأحداث الميدانية أن تفضي بالرغم من كل ذلك إلى مواجهة عسكرية، خاصة في حال تواصل إطلاق الطائرات الورقية الحارقة".
في المقابل، أبرز جيش الاحتلال، رغم موقفه المذكور، حقيقة كونه "جاهزاً بشكل كلي لمواجهة سيناريوهات مختلفة للمواجهة العسكرية، بدءا من عملية محدودة لعدة أيام يتم خلالها استهداف المواقع الاستراتيجية لـ"حماس"، وحتى أكثر السيناريوهات تطرفا، وهو إعادة احتلال قطاع غزة"، علما بأن التقديرات تشير إلى أن حكومة الاحتلال بقيادة نتنياهو لا ترى مثل هذا الخيار واقعيا، رغم التهديدات بأن المواجهة القادمة ستشمل أيضا، استهداف سلطة "حماس".
وفي هذا السياق جاء التصريح الواضح لوزير المواصلات، يسرائيل كاتس، قبل أيام عندما أعلن أن وزير الأمن الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، لم يبلور للآن خطة عملية لإسقاط سلطة "حماس".