وقدّم الملك في خطابه عناوين رئيسية حول ثوابت السياسة الأردنية وتوجهات المملكة خلال الفترة المقبلة والتحديات التي تواجهها، دون الخوض في التفاصيل، كما درجت عليه العادة، محيلاً التفاصيل إلى بيان الثقة المنتظر أن تقدمه حكومة رئيس وزرائه هاني الملقي إلى مجلس النواب (الغرفة التشريعية الأولى)، خلال شهر من تاريخ افتتاح المجلس.
وقطع الملك بذلك عرفاً مستقراً اعتَبر خطاب العرش بمثابة بيان ثقة بالحكومة، درجت الحكومات المتعاقبة على تضمينه في بيانها الوزاري الذي تقدمه لمجالس النواب المتعاقبة لنيل الثقة على أساسه، ما عرف طويلاً بسياسة "الاختباء خلف الملك".
وعلّق الملك النجاح طيلة السنوات الماضية "في صون مجتمعنا ووحدتنا الوطنية من قوى الظلام وخوارج العصر والإرهاب"، على وعي الأردنيين والأردنيات وشجاعة القوات المسلحة- الجيش العربي والأجهزة الأمنية، التي أكد حرصه على دعمها وتعزيز قدراتها.
لكنه لفت إلى أن التحديات والتداعيات ما تزال ماثلة، محملاً الجميع "مسؤولية مواجهتها بمنتهى العزم والإرادة والتصميم"، مؤكداً أنه "لن نسمح بالمساس بحقوق أو كرامة أي مواطن في أردننا".
وغابت الملفات الخارجية عن خطاب العرش، خاصة الملف السوري الذي كان حاضراً في جميع خطابات العرش التي ألقاها الملك منذ اندلاع الأزمة السورية مطلع مارس/آذار 2011، ولم يتعرض الملك إلا لقضية القدس التي تعد في صميم السياسية الداخلية الأردنية كونها مشمولة بالوصاية الأردنية المنصوص عليها في معاهدة السلام الأردنية - الإسرائيلية.
وتعهّد الملك بأنه "رغم كل التحديات والتداعيات، سنستمر في دورنا التاريخي في الدفاع عن قضايا أمتنا العربية والإسلامية، والقيام بواجبنا في حماية الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف".
وعبّر عبدالله الثاني عن أمله بأن تستمر حكومة الملقي طيلة فترة مجلس الأمة الثامن عشر المحددة دستورياً أربع سنوات، وهو الاستمرار الذي رهنه الملك بقدرتها على أن تحظى بثقة مجلس النواب، وبيّن أنه "وجّه الحكومة لتوخي الموضوعية والواقعية في بيانها الوزاري الذي ستقدمه إلى مجلس النواب لنيل الثقة على أساسه".
وغابت عن خطاب العرش أي إشارة للحكومة البرلمانية، التي أكد عليها الملك في جميع خطابات العرش التي ألقاها أمام مجلس الأمة السابع عشر، والتي كان يرهنها بإقرار جملة من قوانين الإصلاح السياسي المتمثلة بقوانين الانتخاب والأحزاب والبلديات واللامركزية، وجميعها قوانين أقرها مجلس الأمة السابع عشر.
وأكد الملك التزامه بالسير قدماً نحو الإصلاح، وقال: "نحن مستمرون في الإصلاح الشامل، الذي يستجيب للمتغيّرات والمستجدات وضرورة التحديث والتطوير".
ومن المقرر أن تتقدّم حكومة رئيس الوزراء ببيانها الوزاري لمجلس النواب الذي انتخب في 20 سبتمبر/أيلول الماضي خلال شهر من افتتاح مجلس الأمة لنيل الثقة على أساسه، وسط ملفات شائكة تلقي بظلالها على علاقة الحكومة بمجلس النواب، أولها صفقة استيراد الغاز الإسرائيلي والتي تقابل برفض شعبي كبير تبناه العديد من النواب.