وتوفي فكري إثر إلقائه بنفسه خلف أسماكه داخل شاحنة النفايات بسبب مصادرتها من السلطات المحلية في الحسيمة، ما تسبب في "طحنه" مع الأسماك بآلة الشاحنة.
وقد انتقلت الحادثة إلى المعترك السياسي بتبادل الاتهامات بين أحد أحزاب المعارضة وحكومة تصريف الأعمال، وهو ما اعتبره مراقبون تدشينا لعلاقة متشنّجة بين المعارضة والحكومة الجديدة المرتقبة في المملكة.
وتلخّصت الحادثة، التي تحولت إلى قضية رأي عام، في أربعة ردود فعل بارزة، كان أولها من وزارة الداخلية ومصالح الأمن، والثاني من حزب "الأصالة والمعاصرة" المعارض، والثالث من الأمين العام لحزب "العدالة والتنمية" ورئيس الحكومة المكلف بتشكيل التحالف الحكومي الجديد عقب انتخابات 7 أكتوبر/تشرين الأول، والرابع على صعيد الشارع.
وفي السياق، أكدت السلطات المحلية في مدينة الحسيمة أن الشاحنة التي تسببت في مقتل الشاب كانت بصدد إتلاف كمية من الأسماك التي يمنع صيدها خلال هذه الفترة من السنة، وذلك بعدما تم حجزها من طرف المصالح الأمنية بأمر من النيابة العامة المختصة.
وبدورها، أفادت مديرية الأمن الوطني، في بلاغ لها، بأنه يجري "بحث شامل ودقيق في الحادثة، تحت إشراف النيابة العامة المختصة، وذلك لتحديد جميع ظروف وملابسات هذه القضية"، نافية ما تم ترويجه بشأن تورط مسؤول أمني في إعطاء أوامره لسائق الشاحنة بتشغيل آلة الطحن لقتل الشاب.
أما من جهة المعارضة، فقد انبرى حزب "الأصالة والمعاصرة"، الذي رفض المشاركة في الحكومة التي يُجري بنكيران مشاورات تشكيلها، للرد بقوة على واقعة بائع السمك، وحمّل المسؤولية كاملة إلى الحكومة بسبب "طريقة تعاطيها وتعاملها التي تضرب في الصميم أبسط حقوق المواطن".
ودعا "الأصالة والمعاصرة"، من خلال تصريح صحافي لناطقه الرسمي، توصل إليه "العربي الجديد"، إلى فتح تحقيق معمّق في الواقعة مع جميع المسؤولين، وكشف نتائج هذا التحقيق ومعاقبة كل المتورطين بدون استثناء، مبديا عزمه "الانخراط التام في كل أشكال النضال المشروعة لرفع الظلم والحيف، والدفاع عن كرامة المواطن وحقه في العيش الكريم والحياة".
من جهته، دعا رئيس الحكومة المعين، عبد الإله بنكيران، بصفته أمينا عاما لحزب "العدالة والتنمية"، كافة أعضاء حزبه والمتعاطفين معه إلى "عدم الاستجابة، بأي شكل من الأشكال، لأي احتجاج بخصوص الحادث المأساوي لمقتل بائع السمك"، في إشارة إلى دعوات لتنظيم احتجاجات في عدة مدن، اليوم الأحد، تضامنا مع فكري.
وبادر "العدالة والتنمية"، الذي يقود الحكومة، من خلال مستشاره البرلماني نبيل الأندلوسي، إلى مساءلة وزيري الداخلية والعدل في حكومة تصريف الأعمال، محمد حصاد ومصطفى الرميد، بشأن فتح تحقيق حول ما وقع، داعيا إلى "متابعة كل مقصر في أداء مهامه، وكل متجاوز لحدود اختصاصاته، تفعيلا للمبدأ الدستوري الذي يربط المسؤولية بالمحاسبة، حيث أن جميع المواطنين يجب أن يكونوا سواسية تحت سقف القانون".
وعلى صعيد الشارع، فقد تم نشر دعوات، خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي، من أجل تنظيم وقفات احتجاجية متفرقة في بعض المدن، خاصة في الشمال، في الحسيمة وتطوان وطنجة، من أجل الاحتجاج على مقتل بائع السمك، والمطالبة باحترام كرامة المواطنين.