يحبس أهالي جنوب دمشق أنفاسهم، في وقت يضغط النظام السوري والمليشيات الإيرانية والعراقية و"حزب الله" اللبناني، لإقرار تسوية شبيهة بالتي فرضوها على قدسيا والهامة وخان الشيح والتل وغيرها بريف دمشق، إذ وُضعوا أمام خياري "الباصات الخضراء،" أو الرضوخ، في وقت يذهب تفاؤلهم بالهدنة الروسية التركية أدراج الريح.
ويقول أبو رائد الشامي، وهو ناشط في جنوب دمشق، خلال حديث مع "العربي الجديد"، إن "النظام يضغط على اللجنة السياسية في جنوب دمشق، والمسؤولة عن التفاوض معه، لفرض تسوية كالتي سبق أن فرضها على غيرنا من المناطق المحاصرة في ريف دمشق، حيث لن يترك أمامنا سوى خيارين إما الرضوخ والعودة إلى حضن النظام أو التهجير عبر الباصات الخضراء".
وأوضح الشامي أن "النظام أعطى اللجنة فرصة للتوقيع على التسوية تنتهي يوم الخميس المقبل، وإلا سيعيد فرض الحصار، ويبدأ عملية عسكرية للسيطرة على المنطقة بالقوة".
وبيّن المصدر نفسه أن "الناس في جنوب دمشق تتخبط في ظل اتخاذ النظام قراراً بالسيطرة على المنطقة، والمهل القصيرة التي تعطى للجنة السياسية، ملوحين ببدء عمليات عسكرية في حال عدم التوقيع على التسوية وتسجيل أسماء الرافضين لها ليتم تهجيرهم".
وأضاف أن "ردود فعل الناس متفاوتة فهناك من يقول إنه مستعد للحرب، وهناك المتسائل عن تمرد النظام على الروس، ويحمل المسؤولية للإيرانيين، ويترقب أن يقوم الروس بضبطه من جديد، وآخرون يطلبون من الله اللطف بمواجهة نظام لم يحترم عهوده أبداً".
ورأى أنه من الصعب توقّع خيارات الأهالي في حال فُرضت التسوية، قائلاً إن "الأساس في الأمر أن الشرخ كبير بين النظام والسوريين، فالثقة معدومة، وهو من حاصرهم وأمعن في قتلهم وتجويعهم والإساءة إليهم، فلن يبقى سوى المضطر والمغلوب على أمره، خاصة بعد انتشار ما فعله في مدينة حلب".
وتشمل التسوية المقترحة من النظام مناطق ببيلا ويلدا وبيت سحم فقط، وهي تمثل تقريباً المنطقة الشرقية من جنوب دمشق، الخاضعة لسيطرة فصائل معارضة، إضافة إلى تنظيمي "الدولة الاسلامية" (داعش) و"جبهة النصرة" (فتح الشام حالياً)، اللذين يسيطران على الحجر الأسود ومخيم اليرموك وأجزاء من حي التضامن.
من جانبه، تحدث أبو أحمد راتب، من أهالي جنوب دمشق، لـ "العربي الجديد"، عن الوضع المزري للأهالي والنازحين في مناطق ببيلا ويلدا وبين سحم. وقال: "نحن في سجن كبير، رغم كذبة الهدنة الموقعة مع النظام منذ 2014، فالغالبية الساحقة من الشباب لا يجرؤون على الخروج إلى مناطق النظام، وكل البضائع من مواد غذائية وغيرها يتقاضى النظام مبالغ مالية كبيرة ليسمح بدخولها، في وقت نعاني فيه من الفقر المدقع مع انتشار البطالة، فلا عمل في المنطقة المحاصرة، والتي يعيش بداخلها عشرات آلاف المدنيين".
وأضاف: "كما نعاني من عدم توفر محروقات التدفئة والغاز المنزلي، حتى الحطب إن وجد يباع بأسعار مرتفعة جداً، ما يدفع الناس لإشعال أثاث منازلهم وثيابهم".