اليمن: "القاعدة" يتهيأ لمرحلة ما بعد الإنزال الأميركي

03 فبراير 2017
طائرات أميركية تشارك بتشييع الجندي القتيل باليمن (فرانس برس)
+ الخط -
بعد عملية الإنزال الأميركية، الأضخم في تاريخ عمليات الولايات المتحدة في اليمن، يوم الأحد الماضي، يبدو تنظيم "القاعدة" أمام مرحلة جديدة، مع توقعات بتصاعد وتيرة العمليات العسكرية الأميركية التي تستهدف التنظيم، بينما يتخذ الأخير حالياً من محافظة البيضاء، وسط اليمن، مركزاً لأبرز تحركاته، في ظلّ ظهور مؤشرات بتوجهه نحو إعادة السيطرة على بعض مدن محافظة أبين الجنوبية، الأمر الذي يضع المحافظتين المتجاورتين وسط وجنوب البلاد، محوراً لأي تصعيد مرتقب.

في هذا السياق، أكدت مصادر محلية في محافظة أبين، أمس الخميس، لـ"العربي الجديد"، أن "القوات الحكومية، التي تُعرف بقوات الحزام الأمني، انسحبت من مديرية لودر، باتجاه عدن. وجاء الانسحاب عقب تعرض هذه القوات التي كانت تسيطر بصورة هشة على المدينة، لهجمات متفرقة في الفترة الماضية". وقد تعرّضت القوة المنسحبة أثناء الانسحاب لتفجير بعبوة ناسفة استهدف إحدى المركبات، ما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى من الجنود، وسط توقعات بأن يؤدي هذا التطور، إلى إعادة مسلحي تنظيم "القاعدة"، في لودر، وهي منطقة محاذية لمحافظة البيضاء، المعقل الرئيسي لـ"القاعدة" في هذه المرحلة.

وذكرت مصادر محلية عدة لـ"العربي الجديد"، أن "تنظيم القاعدة المعروف محلياً بأنصار الشرعية، صعّد أخيراً من أنشطته المسلحة في أبين، على هامش الوجود الهش للقوات الحكومية". ولفتت إلى أن "مسلحي التنظيم لا يزالون يسيطرون على مناطق في أبين، وأبرزها منطقة خبر المراقشة، وهي من أواخر معاقل القاعدة، في مديرية شقرة الساحلية". وتحدثت مصادر محلية، أمس الخميس، عن "تعرض مواقع للتنظيم فيها لقصف من بارجة حربية أميركية، في بحر العرب، نتج عنها انفجارات بأحد المواقع".

وفي الوقت الذي، لم يصدر فيه تأكيد رسمي من مصادر قريبة من التنظيم، أو الجهات الرسمية اليمنية أو الأميركية، حول حقيقة القصف، كانت منطقة خبر المراقشة قد شهدت، مطلع يناير/كانون الثاني الماضي، اشتباكات بين قوات أمنية حاولت دخول المنطقة التي تُوصف بأنها "من آخر معاقل التنظيم" في أبين، وبين المسلحين الذين نصبوا كمائن للقوة الأمنية.

وتعد أبين، أحد أبرز المعاقل التقليدية لانتشار مسلحي فرع "القاعدة" في اليمن، المعروف بـ"تنظيم القاعدة في جزيرة العرب"، منذ سنوات طويلة، وهي البوابة الشرقية إلى مدينة عدن التي تصفها الحكومة الشرعية بـ"العاصمة المؤقتة". وسيطر التنظيم على أبين لأشهر مطلع العام الماضي، قبل أن ينسحب باتفاق مع وجاهات محلية في مايو/أيار الماضي. وفي أغسطس/آب الماضي، انتشرت قوات حكومية. وأكدت مصادر حكومية وأخرى محلية أن عناصر "القاعدة" توجهوا شمالاً إلى محافظة البيضاء.



من أبين ينحدر زعيم فرع "القاعدة" السابق، ناصر الوحيشي، الذي قتل بغارة أميركية عام 2015، كما ينحدر منها القيادي، جلال بلعيدي المرقشي، الذي قُتل بدوره بغارة أميركية في فبراير/شباط 2016. وفي البيضاء، استطاع التنظيم السيطرة على مناطق عديدة على هامش محاربته مسلحي جماعة أنصار الله (الحوثيين) والقوات المولية للرئيس المخلوع، علي عبدالله صالح، التي تتنازع السيطرة على مناطق البيضاء، مع قوات الشرعية وتنظيم "القاعدة".

واستفاد تنظيم "القاعدة"، على هامش الحرب التي تشهدها اليمن، من الانتشار على نطاق واسع جنوب ووسط البلاد، واستقطاب الشباب، لكنه انتهج سياسة عدم الاصطدام مع قوات الشرعية في أغلب المناطق، على الأقل حتى مطلع عام 2016، وعلى الرغم من هذا التوسع، فقد التنظيم الصف الأول من قياداته وعشرات إلى مئات من عناصره بضربات طائرات أميركية بدون طيار، أو قوات التحالف الذي تقوده السعودية.

من جهتها، أفادت مجموعة الأزمات الدولية في تقرير لها، أمس، أن "غارة للقوات الخاصة صدّق عليها الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، هذا الأسبوع، ربما منحت تنظيم القاعدة دفعة دعائية". وكتبت كبيرة محللي شؤون شبه الجزيرة العربية في مجموعة الأزمات الدولية، أبريل آلي، أن "الغارة مثال جيد على ما لا ينبغي فعله، فاستخدام القوات الأميركية والعدد الكبير من الضحايا المدنيين يلهب المشاعر ويولد استياء من الولايات المتحدة في أنحاء الساحة السياسية اليمنية. وهو ما يصب في مصلحة تنظيم القاعدة في جزيرة العرب". وذكرت المجموعة أن "الرئيس الأميركي السابق، باراك أوباما، أعلن مرارا عن قتل زعماء للتنظيم في هجمات لطائرات بدون طيار لكن هذه الاستراتيجية قد لا تنجح في النهاية في القضاء عليه. وأضافت "من السابق لأوانه تحديد الاستراتيجية الأوسع التي ستتبعها إدارة ترامب في اليمن، إن كانت هناك استراتيجية أوسع، لكن ضربات الطائرات بدون طيار، لم تنجح في وقف نمو القاعدة السريع".