توصلت واشنطن و "طالبان"، بعد محاولات دامت سنوات، إلى عقد صفقة بوساطة قطرية، جرى بموجبها مساء أمس، إطلاق سراح خمسة من قادة الحركة كانوا معتقلين في سجن غوانتنامو، مقابل الإفراج عن جندي أميركي كان أسيراً لدى "طالبان" منذ خمس سنوات.
وجرى تسليم السرجنت الأميركي، بوي بيرغدال، إلى فريق من القوات الأميركية الخاصة عند الساعة السابعة، مساء السبت، في إقليم خوست شرقي أفغانستان. وفي التوقيت نفسه، جرى تسليم سجناء "طالبان" الى وفد قطري، كان ينتظر منذ ثلاثة أيام في قاعدة غوانتنامو. وغادر الوفد القطري برفقة سجناء قاعدة غوانتنامو عند الساعة العاشرة مساء، متوجهاً نحو العاصمة القطرية، الدوحة، وفق ما ذكرت مصادر في حركة "طالبان"، لـ "العربي الجديد"، فضلت عدم ذكر هويتها.
وكشف المصدر نفسه أن مسؤولين سياسيين في حركة "طالبان"، يستقبلون تلك القيادات لدى وصولها إلى الدوحة اليوم، مضيفةً أن المفرج عنهم لا يمكنهم الخروج من قطر، بل سيعيشون هناك مع ذويهم، بحسب الصفقة المبرمة بين الطرفين.
وكانت حركة "طالبان" قد أصدرت بياناً هنّأت فيه الشعب الأفغاني وعائلات القياديين المفرج عنهم، مضيفة أنها تبذل جهوداً حثيثة لإطلاق سراح كافة المعتقلين في داخل أفغانستان وخارجها. وطالبت الأمم المتحدة بلعب دور فعال في الإفراج عن كل من هو وراء القضبان، كما يقول بيان طالبان.
بدورها، رحبت الحكومة الأفغانية بعقد الصفقة والإفراج عن المعتقلين، معتبرة إياها خطوة إيجابية مهمة لحلحلة الأزمة الأمنية في أفغانستان. وقال نائب رئيس مجلس السلام الأفغاني، عبد الحكيم مجاهد إن "هذه الخطوة بادرة طيبة لإطلاق عملية السلام بين الحكومة الأفغانية وحركة طالبان، وإننا نرحب بها". وأطلق مجلس السلام الأفغاني في عام 2011 برئاسة، أرسلا رحماني، جهوداً لإقناع الولايات المتحدة بالإفراج عن سبعة من قيادات الحركة من سجن غوانتنامو، كان من ضمنهم هؤلاء الخمسة المفرج عنهم، كي يساهموا في الوساطة بين الحكومة الأفغانية وحركة "طالبان". لكن تلك الجهود لم تأت أكلها وتوقفت لعدم توفر الرغبة الأميركية، وفق ما أعلن مجلس السلام الأفغاني آنذاك. وبعد فترة قصيرة استؤنفت تلك المفاوضات مرة أخرى بوساطة قطرية. لكن حركة "طالبان عادت وأعلنت توقفها في عام 2012، قائلة إن الولايات المتحدة لا ترغب في تبادل الأسرى. غير أن الأسابيع الأخيرة كانت حاسمة في إبرام الصفقة، التي نتج عنها إطلاق سراح المعتقلين. ويعتقد مراقبون أن السبب قد يكون التغيرات الجذرية، التي أجريت في الصفوف القيادية في حركة "طالبان".
وأكد الإعلامي وخبير الشؤون الأفغانية، محمد إسماعيل عندليب، لـ "العربي الجديد" أن الجهود القطرية قد أتت أكلها، وأن الصفقة أبرمت بين "طالبان" والولايات المتحدة نتيجة تلك الجهود، مستدلاً بشكر وامتنان الرئيس الأميركي بارك أوباما لدولة قطر والحكومة الأفغانية.
قيادات "طالبان" المفرج عنهم
أفرجت السلطات الأميركية عن خمسة عناصر من "طالبان"، وصفوا بأنهم رفيعو المستوى، وهم: الملا محمد فاضل أخند، من سكان مديرية شارشينو في إقليم أورزجان جنوب أفغانستان. كان قائد القوات المسلحة، ونائب وزير الدفاع في حكومة "طالبان". اعتقل في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2001 على يد قوات الجنرال، عبد الرشيد دوستم، في إقليم مزار الشريف، وسُلّم إلى القوات الأميركية. وفي يناير/كانون الثاني من عام 2002، تم نقله إلى سجن غوانتنامو، حيث أمضى أكثر من 12 عاماً وأربعة أشهر في سجن غوانتنامو.
والملا نور الله نوري، من سكان مديرية شاجوي في إقليم زابل جنوب أفغانستان. كان والي إقليم بلخ، ومسؤول الأقاليم الشمالية في حكومة "طالبان". اعتقل في نوفمبر/تشرين الثاني 2001 مع الملا فاضل أخند في إقليم مزار الشريف، وجرى نقله إلى غوانتنامو في يناير/ كانون الثاني 2002. أمضى أكثر من 12 عاماً وأربعة أشهر في غوانتنامو.
وأُفرج أيضاً عن الملا خير الله خيرخواه، من سكان مديرية أرغستان في إقليم قندهار. شغل منصب وزير الداخلية، وحاكم إقليم هرات في حكومة "طالبان". يعتبر من المقربين إلى زعيم الحركة الملا عمر. اعتقل في عام 2002 في مكان مجهول في باكستان، وتم تسلميه إلى الولايات المتحدة.
الملا عبد الحق واثق، من سكان إقليم غزنه، كان نائباً لمدير المخابرات الأفغانية في حكومة "طالبان". اعتقلته القوات الأميركية في نوفمبر/تشرين الثاني 2001 في إقليم غزنه، ونُقل إلى غوانتنامو في يناير/كانون الثاني من عام 2002 .
أما القيادي الخامس المفرج عنه، فهو الملا محمد نبي عمري من سكان إقليم خوست. كان من أبرز القيادات الميدانية في حركة "طالبان". اعتقلته القوات الأميركية في سبتمبر/أيلول من عام 2002، وجرى نقله إلى غوانتنامو في العام نفسه.