يُشكّل الضجيج المتصاعد في تل أبيب بين رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، ومنافسيه على قيادة معسكر اليمين ورعاية الاستيطان، في ملف تسوية مستوطنة عامونا، ستاراً مثالياً لمحاولات حكومة الاحتلال التحايل على القانون الدولي، من خلال عرض تسوية لا تنطوي على "انتهاك" للقانون الدولي، أو انتهاك لحرمة واستقلالية محكمة العدل العليا الإسرائيلية التي قضت قبل عامين بإزالة البيوت المتنقلة من المستوطنة بعد أن أثبت فلسطينيون ملكيتهم للأراضي.
وتخلل هذا الضجيج محاولات إسرائيلية للخروج بحل "قانوني"، بما في ذلك، كما يبدو حالياً "ألم" التخلي عن مستوطنة عامونا، أو للدقة عن "قطع الأرض الفلسطينية التي استولى عليها المستوطنون عام 1996" والقبول بنقل بيوت المستوطنة، المتنقلة أصلاً لمسافة مائة متر، بغرض التأكيد على بقاء وجود يهودي على "التلة".
وتخلل هذا الضجيج محاولات إسرائيلية للخروج بحل "قانوني"، بما في ذلك، كما يبدو حالياً "ألم" التخلي عن مستوطنة عامونا، أو للدقة عن "قطع الأرض الفلسطينية التي استولى عليها المستوطنون عام 1996" والقبول بنقل بيوت المستوطنة، المتنقلة أصلاً لمسافة مائة متر، بغرض التأكيد على بقاء وجود يهودي على "التلة".
وقبلت مختلف أقطاب الحكومة الإسرائيلية بهذه التسوية، إذ أجمعت كتل الائتلاف الحكومي الإسرائيلي في ختام جلسة لها أمس، على عرض قانون تسوية المستوطنات على الكنيست للتصويت عليه بالقراءة التمهيدية مساء أمس، مع حذف البند الخاص بتطبيقه بأثر رجعي على مستوطنة عامونا.
وبالفعل، أقر الكنيسة مساء الإثنين مشروع القانون المعدل. وجاء الاتفاق بين الكتل الائتلافية الحكومية، بعد موافقة المستشار القضائي للحكومة، أفيحاي مندلبليت، على جواز نقل بيوت المستوطنة المذكورة، وهي 40 بيتاً متنقلاً إلى قطعتي أرض مجاورة تبعد 100 متر تقريباً عن الموقع الحالي للمستوطنة، تدعي حكومة الاحتلال أنها "أراض متروكة"، نزح أهلها إبان حرب حزيران عام 67.
ويأتي هذا التوافق في ظل ما يبدو للوهلة الأولى بأنه استجابة لشرط وزير المالية وزعيم حزب "كولانو" موشيه كحلون بعدم تطبيق القانون بأثر رجعي على عامونا، لكنه في الواقع يخدم أيضاً، المستوطنين أنفسهم، بدليل قبول حزب نفتالي بينت بهذه التسوية، كما يخدم أيضاً نتنياهو وينزع فتيل أزمة ائتلافية مع تيار المستوطنين.
لكن العبرة عملياً في ما سيتم بعد تمرير القانون بصيغته المعدلة من دون عامونا، خصوصاً مع إعلان الحكومة الإسرائيلية عزمها طلب تمديد مهلة إخلاء منازل عامونا المتنقلة لشهر إضافي، بما يعكس الهدف الحقيقي من وراء التسوية المرتقبة وهو كسب الوقت لشهر إضافي، لضمان عدم إغضاب إدارة باراك أوباما واستفزازها، خوفاً من امتناعها عن استخدام حق النقض (الفيتو) ضد قرارات في مجلس الأمن الدولي ضد إسرائيل. ولكن في الوقت الذي يبدو فيه أن نتنياهو في طريقه إلى التوصل لحل أزمته الداخلية، فإن عينه بالأساس لضمان تمرير قانون يحمي أكثر من 3 آلاف بيت أقيمت في مختلف المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية على أراضٍ خاصة، وبالتالي ينتظرها مصير مشابه لبيوت عامونا، ما لم يتم إدخال تعديل على القانون الإسرائيلي، وعلى الأنظمة العسكرية المعمول بها في الضفة الغربية، باعتبارها أرضاً محتلة لا يسري عليها القانون الإسرائيلي.
وفي هذا السياق، أكد أستاذ القانون الدولي الإسرائيلي، البروفسور عميحاي كوهن، في حديث مع الإذاعة الإسرائيلية، أن الكنيست الإسرائيلي لا يملك أي صلاحيات لسنّ قوانين تتعلق بالأراضي في الضفة الغربية، وأي قانون كهذا يعني في الواقع ضم الضفة الغربية وإخضاعها للقانون الإسرائيلي بما يناقض القانون الدولي، مما يعني أنه سيكون على الحكومة الإسرائيلية تحمّل تبعات سنّ قانون كهذا.
في غضون ذلك، تبيّن أن المصير الذي يخشاه المستوطنون قد دخل مرحلة جديدة بفعل تقديم المواطن الفلسطيني عبد الرحمن قاسم، التماساً للمحكمة الإسرائيلية ضد إعادة بناء 24 وحدة استيطانية، في مستوطنة بيت إيل، أقر الاحتلال إعادة بنائها على قطعة أرض مساحتها ثمانية دونمات ونصف الدونم، كانت الحكومة الإسرائيلية صادرتها قبل 30 عاماً بأمر من القائد العسكري، بحجة الحاجة لها لأغراض عسكرية، وهو ما تتيحه القوانين الدولية. لكن صاحب الأراضي الفلسطينية، قدّم التماسه عبر المحامي شلومو زخاريا من منظمة "ييش دين"، انطلاقاً من انتفاء الحاجة العسكرية لهذه الأرض وبالتالي لا يحق للاحتلال استغلالها لبناء استيطاني مدني. وكانت حكومة الاحتلال قد اضطرت العام الماضي إلى هدم 24 وحدة سكنية أقيمت في قلب بيت إيل وحملت اسم بيوت دراينوف، بعد أن تبيّن أنها أقيمت على أراضٍ خاصة، وتعهّدت الحكومة بإعادة بنائها على أراضٍ شكّلت في الماضي ثكنة عسكرية لجيش الاحتلال، إلى أن قدّم صاحبها، عبد الرحمن قاسم التماسه أمس.