واليوم، وفيما يشدد قادة طرابلس وعلى رأسهم فائز السراج، أمام وزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو، على ضرورة "دعوة كل الدول المعنية بالشأن الليبي إلى لقاء برلين من دون أي إقصاء"، يردّ حلفاء خليفة حفتر في شرق ليبيا بأن الحل لن يكون إلا باستبدال حكومة الوفاق بحكومة تمثل الأقاليم الثلاثة وتوزيع الثروة فيما بينها، وفقاً لما قاله رئيس برلمان الشرق عقيلة صالح لدي مايو. مع العلم أن حفتر يطلب زيارة روما سراً وبصورة عاجلة من دون الحديث عن أجندات هذه الزيارة، لكن دي مايو وعد الليبيين بالعودة للسراج لإطلاعه على نتائج زيارة حفتر.
استضافت برلين حتى الآن 4 جلسات للتشاور بين المؤثرين الدوليين في ملف ليبيا، ولا تزال ترفض وجود التمثيل الليبي، من دون أن تتمكن من تحديد موعد انعقاد القمة التي تحدثت عنها المستشارة أنجيلا ميركل، في سبتمبر/أيلول الماضي، في وقت تخوض فيه دول أخرى كتركيا وروسيا صراعاً من أجل دعوتها للمشاركة في جلسات التشاور التحضيرية للقمة.
قد يُفهم أن كل الأطراف أسرى مواقف وقرارات حلفائها الإقليميين والدوليين الذين يتوقون لحماية مصالحهم، الاقتصادية أو الأمنية أو الاستراتيجية، من بينهم دول لا ماضيَ استعماريا لها، وقد يكون دافع بعضهم أنهم أعضاء في حلف دولي لمكافحة الإرهاب، ما دامت ليبيا مسرحاً لعمليات إرهابية ينفذها "داعش" أو "القاعدة"، لكن الذي لا يمكن فهمه هو كيفية تعامل الأطراف مع دول مثل إيطاليا وفرنسا اللتين لم تخفيا رغبتهما في إحياء الأطماع الاستعمارية، فليس لروما نفوذ خارج طرابلس، وليس لفرنسا وجود أكثر من وجودها في فزان، وكأنهما يستدعيان تاريخاً فتكا فيه بآلاف الليبيين وحولتاهم إلى أسرى أو عبيد وجنود للقتال حتى خارج حدود بلادهم.
يذكرنا دي مايو بكارلو سفورزا، بفعل قيادته حراكاً أوروبياً لإعادة ملف ليبيا إلى كواليس برلين من دون تمثيل ليبي، خصوصاً أن تصريحات أعضاء اليمين الإيطالي تكشف السعي لتكريس ما يعتبرونه "حقوقاً إيطالية تاريخية" في مصادر الطاقة على الشاطئ الليبي.