وبيّن الكاتب في مقاله أن السعودية تريد قيادة الخليج، والإمارات العربية المتحدة تريد أن تتحكم في الرياض، "بشكل غير مباشر، على الأقل". وترغب الدولتان في فرض إرادتهما على دولة قطر، "ولكن جهود البلدين حتى الآن لم تفعل أكثر من تعزيز استقلال قطر، يجب على واشنطن أن تواصل التوسط، مع توضيح أن الخطأ غالبا ما يكمن في المحور السعودي الإماراتي العدواني والقمعي".
وأشار باندو إلى أن المحور السعودي القطري، عندما يتحدث عن دعم الدوحة للإرهاب فهو يعني تحديداً جماعة "الإخوان المسلمين" التي تعد أكبر تنظيم للإسلام السياسي وأعضاؤها مندمجون في مجتمعاتهم، إضافة إلى حركتي "طالبان" و"حماس"، لكنه يؤكد أن "الواقع أن واشنطن لم تطلب قط من قطر طرد ضيوفها". على العكس من ذلك، ذكر مدير عام وكالة المخابرات المركزية السابق ديفيد بيترايوس أنه "يجب على شركائنا أن يتذكروا أن قطر -بناء على طلبنا -رحبت بالوفود من طالبان وحماس".
وأشار إلى أن الاتهامات الموجهة إلى قطر بدعم الإرهاب تطاول من أطلقها أيضاً، مبيناً أنه كان 15 من بين 19 منفذاً لـهجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 من السعودية واثنان من الإمارات، ناهيك عن أن الدولتين اكتسبتا سمعة مشكوكا فيها في الولايات المتحدة، كمصادر لتمويل تنظيم "القاعدة" والجماعات الأخرى التي تستهدف واشنطن.
وذكّر الكاتب بوثيقة للخارجية الأميركية عام 2009 جاء فيها أن "الجهات المانحة في المملكة العربية السعودية تشكل أهم مصدر لتمويل الجماعات الإرهابية (السنية) في جميع أنحاء العالم".
وأوضحت الوثيقة أن المواطنين الإماراتيين "قدموا دعما ماليا لمجموعة متنوعة من الجماعات الإرهابية"، بالإضافة إلى أن ممولي التنظيمات الإرهابية استغلوا ضعف الرقابة في الإمارات التي تعد مركزا ماليا هاما من أجل نقل أموال للمنظمات الإرهابية وشبكات دعمها.
ونوه إلى أن أكثر ما يزعج الحكام السعوديين والإماراتيين هو وجود قناة "الجزيرة" التي تنتقدهم. وقد جرمت الحكومتان أي تعبير عن التعاطف مع قطر على وسائل التواصل الاجتماعي. ويقول الصحافيون السعوديون إنهم يتلقون نقاطا وأوامر محددة للهجوم على الدوحة.
وتحدث الكاتب أن الرياض وأبوظبي انتقدتا سجل الدوحة في مجال حقوق الإنسان والحرية الدينية، غير أن القمع أوسع وأعمق بكثير في الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية. وأضاف "كما أن حقوق الإنسان تعاني بشدة في البحرين ومصر، ولكنها من اللاعبين الأقل تأثيرا في الأزمة الجارية".
ولفت دوغ باوندو إلى مشاكل للرياض وأبوظبي تتعلق بحقوق الإنسان من خلال القيود المفروضة على الحريات المدنية "(بما في ذلك حرية التعبير والصحافة والتجمع وتكوين الجمعيات)، والاعتقالات دون تهمة، والاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي، والاحتجاز المطول قبل المحاكمة، وإساءة المعاملة أثناء الاحتجاز".
وتعمق الكاتب في الدور القمعي للسعودية، وضرب مثالاً على ذلك إنشاء المملكة وتمويل "الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان"، مشيراً إلى أن الجمعية أصدرت مؤخرا بيانا صحافيا، حول شكوى من سوء معاملة الدوحة لمواطن قطري عائد من الحج، متسائلاً عن الانتهاكات الأخرى كقضية المدون رائف بدوي، الذي حكم عليه في عام 2014 بالسجن عشر سنوات وألف جلدة. وأصيب محاميه فيما بعد بعقوبة بالسجن لمدة 15 عاما.
كما قال إنه يمكن للجمعية أن تتحدث عن 14 شيعيا سعوديا محكوما عليهم بالإعدام لمجرد احتجاجهم على أفراد العائلة المالكة، الذي اعتبر جريمة إرهابية. "ولعل من الممكن أن تصدر الجمعية تقريرا صحافيا. وعلاوة على ذلك، قد تتطرق المجموعة إلى اختطاف النظام الملكي لثلاثة من الأمراء السعوديين المنشقين، سلطان بن تركي بن عبد العزيز، تركي بن بندر، وسعود بن سيف النصر، الذي كشفته هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) الشهر الماضي".
وحول العلاقات الإيرانية القطرية، والتي استهدفها المحور السعودي الإماراتي أيضاً، قال الكاتب إن نائب رئيس الوزراء القطري السابق عبد الله بن حمد العطية قال إن تجارة الإمارات مع إيران أكبر بكثير من تجارة قطر. ووافق الأخير على قطع التجارة مع طهران إذا فعلت أبوظبي والرياض أيضا، ولكن الإمارات رفضت ذلك. وعلاوة على ذلك، انتقلت المملكة العربية السعودية في أغسطس/آب إلى تحسين علاقاتها المتوترة مع إيران، ووافقت على تبادل الزيارات الدبلوماسية.
ونوه إلى أن الخليج الذي تسيطر عليه السعودية والإمارات لن يكون بطبيعة الحال أقل خطورة من الذي تهيمن عليه طهران.
ولفت الكاتب الأميركي إلى أنه وعلى الرغم من أن السعودية والإمارات انتقلتا جنبا إلى جنب، إلا أنهما يبدوان شركاء غير مريحين، مشيراً إلى أن سفير الإمارات في واشنطن يوسف العتيبة أعرب عن رغبة حكومته في التلاعب بالمملكة العربية السعودية من خلال علاقة أمراء ولي العهد. وأضاف "بل إنه ادعى أن إنشاء دولة علمانية كان هدفا مشتركا للملكيتين. وكانت الاستجابة السعودية أقل من المواتية".
وعلاوة على ذلك، يرى الكاتب أن توصل المخابرات الأميركية إلى أن أبوظبي اخترقت موقع الحكومة القطرية على شبكة الإنترنت، وخلقت اقتباسات وهمية من خطاب أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني عزز موقف الدوحة.
وأوضح أنه في الشهر الماضي استضافت العائلة المالكة السعودية شابا قطريا من الجانب الخاسر من المعارك الداخلية لعائلة آل ثاني، ربما على أمل استخدامه في محاولة لتغيير النظام. ومع ذلك، يبدو أن القطريين اتحدوا حول الأمير الحالي تميم بن حمد آل ثاني.
وقال إن أبوظبي والرياض تنفقان بشكل كبير على مراكز الأبحاث وشركات العلاقات العامة، لكن ذلك لم يسهل مهمة الدولتين في بناء دعم دولي بشأن موقفهما من قطر.
وبيّن أن "الحصار مكلف لكلا الجانبين. ومما لا شك فيه أن قطر في وضع مالي أفضل من وضع المملكة العربية السعودية، التي عانت بشكل كبير من انخفاض أسعار النفط. وقد قام ولي العهد السعودي مؤخرا بتراجع داخلي مهين، متراجعا عن بعض إصلاحاته الاقتصادية التي فرضت قبل عام".
ويختتم الكاتب مقاله بأنه في هذه المرحلة، لا ترى معظم الحكومات نهاية سريعة للمواجهة الخليجية، مشيراً إلى أن على الرياض وأبو ظبي أن تتراجعا، وبما أن الولايات المتحدة جعلت نفسها ضامنة لأمن الخليج، فإنه لا يمكنها أن تتجاهل المعركة الجارية، ولا سيما مع ولي العهد السعودي "المتهور بشكل غير عادي، محمد بن سلمان، الذي يتصرف مثل الثور في متجر صيني.
وأكد أنه يجب على الرئيس ترامب أن يؤكد القيادة الإيجابية لفطر في شؤون الشرق الأوسط وأن يواجه الدور السلبي الكبير للرياض، كما يجب على المسؤولين الأميركيين أن يشيروا إلى أنهم "يتوقعون من السعوديين والإماراتيين أن ينظفوا الفوضى التي خلقوها والإسراع أفضل".