وتتصدّر صحيفة الغارديان التغطية الخاصة بسورية، فقد كتب محررها الدبلوماسي، باتريك وينتور، اليوم الثلاثاء، مقالاً يقرأ فيه ما وراء الضربة الإسرائيلية لمطار التيفور العسكري في ريف حمص، والرد الروسي.
ولا يرى الكاتب جديداً في الضربة الإسرائيلية، إذ إن سلاح طيران الاحتلال الإسرائيلي نفّذ ضربات عدة في الأراضي السورية سابقاً ومن دون أن تعترض روسيا على الأمر. ويطرح السؤال: ما الذي تغيّر الآن؟ ويعتقد وينتور أن دولة الاحتلال تشعر بالإحباط من تعزيز التحالف الروسي الإيراني في سورية، إضافة إلى قلقها من قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب سحب القوات الأميركية منها.
ويشير إلى أن إسرائيل قلقة من عدم التزام روسيا بتعهداتها بكبح جماح التمدد الإيراني في سورية، حيث تصل قواتها إلى نحو 80 ألف عنصر، وتسعى إلى تثبيت قدمها في سورية على المدى الطويل، مبيّناً أن التعهدات الروسية السابقة كانت تفيد بأنها ستعمل على الحفاظ على المصالح الإسرائيلية ولجم إيران، مقابل قبول إسرائيل بالتدخّل الروسي وإطلاعها إياها مسبقاً على الضربات الجوية في الأراضي السورية.
ويرى الكاتب أن إسرائيل أرسلت إشارات عدة في الأسابيع الماضية لتكشف عن عدم رضاها عن الحلف الروسي الإيراني؛ إجراؤها مناورات عسكرية تلعب فيها روسيا دوراً يمنعها من التدخل في سورية، وتبنيها رسمياً تدمير مشروع المفاعل النووي السوري في عام 2007، والضربة التي وجّهتها إلى دفاعات النظام السوري في فبراير/ شباط الماضي، التي وصفت بأنها الكبرى منذ حرب 1982.
كما أن قرار ترامب سحب قواته من الشرق السوري عزّز مخاوفها من تمدد النفوذ الإيراني في سورية. وهكذا كانت، حسب الكاتب، الرسالة من جانبها إلى الرئاسة الأميركية أنها لا تستطيع رؤية سورية باعتبارها ساحة لمحاربة تنظيم "داعش" الإرهابي فقط، بل يجب عليها أيضاً محاربة التوسع الإيراني.
كذلك يقرأ الكاتب الرسالة في ظل القمة الثلاثية التي جرت في أنقرة بداية الشهر الحالي، إذ أعلن فيها الرئيس الإيراني حسن روحاني أن مستقبل سورية في أيدي الدول الثلاث المجتمعة؛ إيران وروسيا وتركيا. وتأتي الضربة الإسرائيلية لتذكر روحاني بأنه مخطئ.
وكتب سايمون تيسدال مقال رأي في الصحيفة ذاتها يطالب الغرب بالتحرّك العسكري ضد نظام الأسد، في ضوء الاعتداء الكيميائي الذي نفّذه في دوما، مذكراً بتكرار هجمات الأسد ضد المدنيين وأن التحرك ضده ضرورة أخلاقية وفيه مصلحة غربية أيضاً.
ويرى تيسدال أن على الغرب التحرك، واصفاً الغوطة بأنها سربرينيتشا سورية، وأن الواجب الأخلاقي أمام الزعماء الغربيين لا يمكن الفرار منه. ودعاهم الكاتب إلى ألا يتبعوا أخطاء أسلافهم الذين تجنّبوا التحرك في عام 2013 عند الهجمة الكيميائية الأولى، أو كما فشل كلينتون في التحرك في رواندا.
ويرى الكاتب أن في مصلحة الدول الغربية أيضاً التحرك في سورية، لوضع حد لروسيا التي تبلور ضدها تحالف دبلوماسي غربي على خلفية محاولة اغتيال سيرغي سكريبال. ويجادل تيسدال بأن خرق روسيا القانون الدولي في أوروبا لا ينفصل عن تصرفاتها في سورية.
ويقول الكاتب بأن الدعوات إلى الانتظار لإتمام تحقيق أممي جديد حول الهجوم الأخير هي مضيعة للوقت، مذكراً بالدور الروسي منذ عام 2013 في تشتيت الجهود الدولية للحد من استخدام الأسلحة الكيميائية في سورية.
ويعتقد بأن التدخل ليس بالضرورة أن يتبع النموذج الأفغاني أو العراقي، بل يكفي أن توجه ضربات تدمر قدرات سلاح الجو التابع للأسد، وتحد من سيطرة روسيا على الأجواء السورية، وتقص أجنحة القوات الإيرانية على الأرض. فإيلام الأسد وحلفائه سيدفعهم إلى التفكير ملية قبل استهداف المدنيين مرة أخرى.
ويضيف بأن مثل هذا التدخل سيطمئن إسرائيل ويحد من تدخلها في سورية أيضاً، واصفاً ضربتها بعد الاعتداء على دوما بأنها انتهازية. وأنهى مقاله بإدانة الدعوات إلى تسليم سورية إلى الأسد، متسائلاً، هل فقدنا الإدراك بالصواب؟
من جانبه، نشر وزير الخارجية الأسبق وليام هاغ مقالاً في صحيفة التلغراف، يطالب فيه بريطانيا وفرنسا بالانضمام إلى الولايات المتحدة في عمل عسكري "أكثر شمولاً" من الضربات الجوية المحدودة التي قام بها ترامب العام الماضي.
وحذّر هاغ، الذي كان وزير الخارجية البريطاني عام 2013، من الاعتياد على استخدام الأسلحة الكيميائية في الحروب "حالما قبلنا بأنها وجه من أوجه الحرب، ستشهد الصراعات في العقود المقبلة استخدامها وسنشهد سباق تسلح لتوسيع استخدامها وتشريعه".
ونفى هاغ ادعاءات زعيم المعارضة جيريمي كوربن، الذي طالب بأن يكون أي عمل دولياً وبدعم من مجلس الأمن، مذكراً بأن روسيا ستعمل على عرقلة أي خطوة في هذا المجال. وأضاف "يجب أن نتعلم من مهزلة عام 2013 أن التخلّي عن المسؤولية وحق التصرف لا يؤدي إلى نهاية الحرب".
أما صحيفة التايمز فقد نشرت مقالاً لمحررتها ديبورا هاينز، توضح فيه الخيارات العسكرية المتاحة أمام بريطانيا في حال قررت التدخل. "فالأسطول الملكي البريطاني يمتلك غواصات مزودة بصواريخ توماهوك يمكن نشرها ضمن اتفاق على هجوم منسق بين الدول الحليفة".
وتضيف هاينز أن "طائرات تورنادو القتالية تمتلك قدرات تستطيع من خلالها تدمير التحصينات الدفاعية لنظام الأسد، ويمكن لها أن تنطلق من القواعد البريطانية في قبرص، ولكن من خارج المجال الجوي السوري. كذلك تمتلك بريطانيا قوات ضمن التحالف الدولي ضد تنظيم داعش موجودة في سورية، ويمكن لها المساعدة استخباراتياً".
وترى الكاتبة أن هذا التدخل سيأتي ضمن الرد الأميركي الذي تعتقد أنه سيكون حتماً أكبر من الرد على الاعتداء على خان شيخون العام الماضي. وتعتقد أن ترامب سيسعى إلى ضم جهود بريطانيا وفرنسا وغيرها من الدول الغربية لتدمير القواعد الجوية لنظام الأسد والحد من قدرته على شن الغارات الجوية.