فالسكون الذي عاشه، وتوهمه، بعض حكام هذه المنطقة وقوى الانتهازية والمصالح، ما كان له أن يصبح ضجيجاً لولا أن الشعوب، وفي المقدمة شباب هذه الأمة، حركوا البرك الساكنة منذ عقود.
من فرض ويفرض الخروج من الثابت إلى المتحول عربياً، وإن تراكم وأخذ وقته للوصول إلى المدى الذي تتوق إليه مدن وقرى العرب، ليس عسكر هذه ولا تلك من العواصم ممن ركبوا موجات الحراك والثورات.
الحراك العربي الجديد من الجزائر إلى السودان، وحتى التحولات الليبية والمصرية التي تفرضها الظروف، يستدعي التوقف عند "دروس" مستفادة في مسار طويل منذ أواخر 2010.
أولها وأهمها عدم الركون إلى "البيانات"، وهي قناعة تترسخ أكثر فأكثر لدى قوى الثورات. فالشارع، مهما كانت الفخاخ والتهويلات والمقاربات في إعلام القوى المضادة للتطلعات المشروعة بالتغيير، لن يفرغ من ناسه إذا لم يحققوا ما خرجوا لأجله.
والصبر والإصرار والواقعية درس آخر يقدمه الشارع السوداني، ومثله الجزائري، في الوصول، ولو بتدرج، إلى الهدف النهائي في تأسيس دولة لا تحكم بأركان عسكر وأمن، إنما بعدالة وحرية.
والمخاوف من أن العسكر، هنا وهناك، بفعل تمنيات ودعم خارجي ومراكز قوى داخلية، لديهم القدرة على سرقة الثورات أمر مشروع، لكنه رهان فاشل بالتأكيد أمام الدروس المستفادة من التجارب... وربما لم يحسب حسابها الانقلابيون العرب.
وعلى هامش هذه المتغيرات، السودانية تحديداً، لا بد من طرح سؤال ماذا استفاد ديكتاتور سورية، بشار الأسد، من قمع تطلعات شعبه وتدمير بلده ورهن سيادته؟
يمعن كثر في العيش على أوهام بشأن سكون الحالة العربية... قد يبدو طريق الحرية طويلاً وموحشاً ومكلفاً ومتعثراً، لكنه الطريق الذي يسلكه الجميع واختبرته الأمم الأخرى، القريبة والبعيدة.