قال مسؤول عراقي رفيع المستوى في بغداد، لـ"العربي الجديد"، إن السلطات الإيرانية باشرت فعلاً بعملية إدخال المواطنين العراقيين إلى إيران من دون الختم على جوازات سفرهم، والاكتفاء بمنحهم ورقة تصريح مختومة تشير إلى أنهم دخلوا البلاد بشكل قانوني، كاشفاً عن مساع إيرانية للتوصل إلى تفاهم يهدف لتسهيل وصول جنسيات أخرى، لا تمتلك طهران علاقات مع دولهم، إلى إيران عبر العراق.
وأشار المسؤول إلى أن السبب وراء الخطوة الإيرانية نحو دخول أراضيها من دون ختم جواز السفر للداخل، يأتي بعد فرض دول، عربية وأجنبية مختلفة، أبرزها الولايات المتحدة وبريطانيا والإمارات والأردن والسعودية والبحرين ومصر ودول أخرى، إجراءات مشددة على الذين يملكون أختاماً إيرانية على جوازاتهم، في ما يتعلق بمنحهم تأشيرات سفر إليها. المعلومات التي أكدتها مصادر في وزارة الخارجية العراقية ومطار بغداد الدولي، اعتبر مسؤول عراقي في الحكومة، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنها مناورة إيرانية ضد إجراءات لدول أجنبية وعربية وضعت قيوداً على منح العراقيين الذين يملكون أختام زيارة لطهران تأشيرات دخول لدولهم. وأكد أنه "بات بإمكان العراقيين دخول إيران من دون ختم جوازات سفرهم، حيث يتم منحهم ورقة تصريح مختومة يمكنهم التجوال من خلالها في عموم المحافظات والإقامة في الفنادق ومراجعة المستشفيات والمناطق السياحية، مع تدوين كافة المعلومات عن السائح عند دخوله على نظام إلكتروني موحد لدى أجهزة الأمن وسلطات المنافذ الإيرانية"، مشيراً إلى أن "الإجراء ساعد في تشجيع المترددين على الذهاب لإيران، خوفاً من أن يحرموا من دخول دول أخرى، خصوصاً التجار ورجال الأعمال العراقيين الذين يملكون قنوات تواصل تجارية مع عدة دول، بالإضافة إلى سياسيين عراقيين".
لكن المسؤول أوضح أن "ختم سلطة المنافذ العراقية بمغادرة المواطن يستوجب وجود ختم آخر باليوم نفسه أو اليوم الذي يليه من دولة أخرى، وهو ما قد يشكل حلقة مفقودة. وقد تعتبر الدول المُستهدفة من الخطوة الإيرانية هذه كل مغادرة من العراق بلا دخول مقابل لدولة ثانية أن صاحب الجواز كان في إيران، في حال أرادت التدقيق بجوازات السفر". ورجح "زيارة وفد إيراني لبغداد بعد عطلة العيد، لمناقشة إجراءات السفر، ومنها مقترح، منذ العام الماضي، لم تتم إثارته مرة أخرى بين البلدين، يتضمن اعتماد استمارة سفر خاصة بين العراق وإيران إلى جانب جواز السفر الحالي، خصوصاً خلال مواسم الزيارات الدينية، من دون وضع أي إشارة في الجواز الذي ستكون مهمته إثبات هوية لا أكثر عند التنقل، وهو إجراء جديد يتطلب مباحثات لبحث تفاصيل وضوابط ذلك". وأوضح أن "الإيرانيين يريدون أن يتم تطوير الإجراء الحالي ليشمل ذلك مواطني دول عربية وأجنبية يكون بإمكانهم التوجه للعراق ومن هناك إلى إيران من دون أن تقوم السلطات الإيرانية بختم جوازاتهم، كما أن دولهم لن يكون بإمكانها معرفة سفرهم لطهران، إذ إن بغداد ستكون آخر محطة مسجلة لهم"، معتبراً أن "جهات دينية إيرانية، خصوصاً تلك المرتبطة بالمراقد في قم، يعنيها الأمر، إذ انخفض عدد الزوار من الخليج ودول إسلامية أخرى، وقد يكون الأمر متعلقاً بالعقوبات أو التضييق على الختم الإيراني في جوازات السفر الذي بات يمثل مشكلة لكثير من الدول".
وحول ذلك، قال الخبير بالشؤون العراقية أحمد الحمداني إنه "يمكن اعتبار موافقة العراق على مسألة تنسيق إجراءات السفر مع إيران طبيعية، وهي مسبوقة من دول أخرى كما بين دول الاتحاد الأوروبي، لكن الخطر بالموضوع هو أن تتحول بغداد إلى حديقة خلفية أو منطقة عبور لإيران، تستخدم من قبل أذرعها في المنطقة أو شخصيات تتعامل معها بشكل غير معلن". وأضاف "بالنهاية لا أعتقد أن إيران تحتاج إلى اتفاق، أو الإعلان عن اتفاق في أمور مماثلة، إذ يمكن أن يتم تنسيق عملية من تريد أن يزورها مع العراقيين، إن كان يمر من خلالهم أو بشكل مباشر، وخصوصاً أن السائح أو الراغب بزيارة إيران لسبب طبيعي لن يمر بهذه الحلقة المعقدة، لذا فإن الموضوع قد يكون متعلقاً بالدرجة الأولى بشريحة معينة ذات صبغة سياسية، وهم قلة في النهاية ولا يشكلون عبئاً ولا يحتاجون لاتفاق حتى يتم تمريرهم، إذ يمكن بطلب هاتفي أو برقية أن يحل موضوع أي زيارة مرتبطة بإيران تجري عبر العراق".
واكتفى رئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي شيركو محمد بالقول، لـ"العربي الجديد"، تعليقاً على هذه المعلومات، إن "العلاقات السياسية والأمنية والاجتماعية والحدود الكبيرة مع إيران، تدفع العراق إلى تعميق علاقته مع إيران، وهي دولة جارة، ولا نتعامل معها بمزاجية، إنما بناءً على المصالح المشتركة". إلا أن عضو التيار المدني علي الطالقاني شدد على ضرورة دراسة الخطوة من ناحية مصلحة العراق، أمنياً واقتصادياً أيضاً. وقال، لـ"العربي الجديد"، إن "الآلاف من العراقيين يغادرون يومياً لإيران، للسياحة أو للعلاج أو للتجارة، ويحملون معهم عملة صعبة باتت تمثل فارقاً لدى الإيرانيين، خصوصاً بالقطاع الخاص وتنشيط السوق، لذا فإن الإيرانيين مستعدون لأي إجراء يضمن عدم تراجع معدل العراقيين الداخلين إلى بلدهم. لكن بالنسبة للعراق، فإن عليه أن يقيس الأمور من ناحية أمنية، فكثير من المخاطر قد ترد من طهران، ولا ننسى أن إيران كانت معبراً لإرهابيين إلى العراق من أفغانستان وباكستان، بالإضافة إلى المخدرات التي أغرقت العراق، عدا عن ملف المجرمين الذين سيكون فرارهم أسهل إلى إيران". واعتبر أن "موافقة العراق على أن يكون محطة ترانزيت لإيران يرسخ قناعة الرأي العام الدولي بأن العراق بات تحت الانتداب الإيراني بشكل أو آخر".