تتفاعل قضية قبول مؤسسة الأزهر طلب رئيسة حزب "الجبهة الوطنية" اليميني المتطرف النائبة الفرنسية مارين لوبان، لقاء شيخ الأزهر أحمد الطيب، وهو القبول الذي سبّب حالة من الجدل والغضب في صفوف علماء الأزهر والمتابعين للمشهد السياسي في مصر. وكانت لوبان، المعروفة بعنصريتها وعدائها للعرب والمسلمين، قد وصلت إلى القاهرة، مساء الأربعاء، للقاء عدد من الشخصيات السياسية والدينية المصرية في إطار جولة خارجية لها. وفي وقت سابق أعلنت مشيخة الأزهر في بيان رسمي أن الأمام الأكبر وافق على طلب لوبان، "في إطار انفتاح الأزهر الشريف على الآخر والحوار الإيجابي مع جميع التيارات والاتجاهات الفكرية، وابتغاء مصلحة المسلمين العليا في بقاع الأرض"، بحسب البيان. وأوضح الأزهر في البيان أن اللقاء سيتطرق إلى "بحث الأمور المتعلقة بالمفاهيم الخاطئة والمغلوطة عن الإسلام من جهة، والتطرف الفكري والعنصرية التي يشكو منها بعض مسلمي أوروبا من جهة أخرى". واعتبر أن اللقاء يأتي "في وقت تتنامى فيه مظاهر الكره والخوف من الإسلام والمسلمين في بعض المجتمعات الغربية، مستندين في ذلك، ظلماً، إلى الخلط بين تعاليم الإسلام السمحة وسلوكيات بعض من ينتسبون إليه".
ووصف أحد أساتذة جامعة الأزهر موقف الطيب بالتناقض، قائلاً إنه "في الوقت الذي يرفض فيها الطيب دعوات العلماء بمراجعة مواقفه الأخيرة وصمته على الدماء التي تسيل في مصر، يستجيب بكل بساطة لدعوة النائب المتطرفة ولا يفكر في رفض الدعوة كنوع من إبداء موقف غاضب من مواقفها تجاه المسلمين في بلادها". وتابع العالم الأزهري "ليس من العجيب ما يقوم به الطيب؛ فهو من وقف إلى جانب قائد عسكري حنث بقسمه في مخالفة للشرع الإسلامي، وهو الذي يجلس على الكرسي الذي يدير أكبر هيئة إسلامية في العالم الإسلامي، كما يقف صامتاً من الاعتداء اليومي على الحرمات، والهجوم المتواصل على الشرع الإسلامي".
اقرأ أيضاً: فرنسا: فصل جديد من حرب جان ماري لوبان وابنته
ويتبنّى حزب "الجبهة الوطنية" ورئيسته موقفاً عدائياً من المسلمين، للدرجة التي دفعتها إلى الإساءة للدين الإسلامي، حينما وصفت في تصريحات سابقة لها صلاة المسلمين في الشوارع بأنها تشبه الاحتلال النازي، ودفعت مواقفها العنصرية عدداً من نواب البرلمان الفرنسي إلى التصويت على رفع الحصانة عنها.
فيما يملك حزب "الجبهة الوطنية" الذي تتولى رئاسته رصيداً كبيراً من الكراهية والعداء للمسلمين في أوروبا بشكل عام وفرنسا بشكل خاص، إذ انتقد نائب رئيس الحزب فلوريان فيليبو في تصريحات إعلامية له الشهر الماضي رغبة المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية في مضاعفة عدد المساجد في فرنسا خلال العامين المقبلين، معتبراً "أن عمليات التطرّف في بلاده تتم بنسبة مائة في المائة في المساجد".
وحذّر فيليبو في تصريحاته مما زعمه بـ"التمويل الخارجي للمساجد"، وجدد دعوة حزبه لوقف بناء دور العبادة الإسلامية، معترفاً بأن "كل المساجد ليست بالضرورة أماكن للتطرف إلا أن كل عمليات التطرّف تُجرى فيها"، على حد زعمه.
وكان رئيس المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية دليل بوبكر، قد دعا إلى مضاعفة عدد المساجد في فرنسا لحل مشكلة نقص دور العبادة لملايين المسلمين الفرنسيين، إذ يبلغ عدد المساجد في فرنسا 2200 مسجد، وهو الرقم الذي قال عنه بوبكر إنه يحتاج للمضاعفة لاستيعاب أعداد المسلمين هناك.
وتأتي تحركات لوبان في إطار سعيها للمنافسة على منصب رئيس فرنسا خلال الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في عام 2017، خصوصاً أن استطلاعات الرأي تُظهر أن زعيمة "الجبهة الوطنية" هي منافسة جدية للرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند.
اقرأ أيضاً: مارين لوبان تضحّي بوالدها لمصلحة الحزب