تنطلق مساء اليوم الخميس، الجلسات العلنية لهيئة الحقيقة والكرامة، تزامناً مع إحياء أحداث 26 يناير 1978 في تونس، أو ما يعرف بـ"الخميس الأسود".
وتعتبر مرحلة "الخميس الأسود" مفصلية في تاريخ البلاد، حيث عرف فيها اتحاد العام التونسي للشغل صدامات مع السلطة، بعد أن أعلنت قيادة "المنظمة الشغيلة" رفضها للسياسة التي تتبعها الحكومة، مما أدى إلى اندلاع مواجهات واعتقالات ووفاة تونسيين تحت التعذيب.
وتأتي هذه الجلسات كتتويج لأعمال مؤتمر الاتحاد العام التونسي للشغل، والذي انطلق يوم الأحد الماضي. وقال عضو هيئة الحقيقة والكرامة، عادل المعيزي، لـ"العربي الجديد" إنّ "26 يناير هو علامة تاريخية ومفصلية في تاريخ تونس، وفي طبيعة احتجاجات المنظمة الشغلية والنقابية في تونس"، مشيراً إلى أن "الاتحاد تأسس في العام 1947 وعرف بداية القطيعة مع الحزب الدستوري الحاكم في فترة الزعيم الحبيب بورقيبة".
وأوضح المعيزي، أن "أسباباً عديدة أدت الى حصول القطيعة بين الاتحاد والسلطة، أهمها تردي الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في تونس"، مبيّناً أن "تلك الفترة عرفت عدة صراعات سياسية بين زعامات تاريخية، ومن ضمنهم الزعيم الحبيب بورقيبة، والزعيم النقابي فرحات حشاد والوزير الأول الهادي نويرة".
وقال المعيزي إن "هذه الصراعات أدت إلى الاضطرابات الاجتماعية، وتم استهداف مقرات الاتحاد العام التونسي للشغل، واضطهاد قياداته والزج بهم في السجون دون محاكمات عادلة، ما تسبب في وفاة البعض منهم تحت التعذيب، ومقتل آخرين بعد خروجهم من السجن".
وأشار عضو هيئة الحقيقة والكرامة، إلى أن "الجلسات العلنية ستخصص الخميس، للاستماع إلى قيادات من الاتحاد، ونقابيين عاشوا تلك الفترة الصعبة من تاريخ تونس، وتعرضوا إلى انتهاكات حقوق الإنسان".
وبيّن المتحدث أن "اختيار هذا التاريخ من قبل الهيئة ليس اعتباطيا، وهي فرصة لكي يطلع الشعب التونسي على حقيقة ما حصل ولاستخلاص العبر".
وأفاد عضو الهيئة بأن "انطلاق الجلسات مع اختتام مؤتمر الاتحاد العام التونسي للشغل كان صدفة، لأن الهيئة ركزت أكثر على الأحداث التي عاشها الاتحاد في تلك الفترة"، معتبراً أنّ "الهيئة اختارت هذا التاريخ لرمزيته الكبيرة، والهدف هو رد الاعتبار لضحايا انتهاكات حقوق الإنسان وكشف الحقائق".
وشدّد المعيزي على أن "الهيئة ارتأت أن تكون الشهادات العلنية المقدمة خاصة بالمنظمة الشغلية، ولن يتم تقديم شهادات أي ضحايا آخرين".
وحول استعداد بعض رموز النظام السابق للاعتذار من الشعب التونسي، قال إنّ "المجال يبقى دائما مفتوحا أمام الشهود والفاعلين السياسيين في فترة النظام السابق وغيرها من الفترات للاعتذار"، مؤكداً أن "هذا الاعتذار مفتوح وغير مرتبط بتاريخ، بل سيمتد إلى حدود نهاية أعمال الهيئة، وبإمكان أي طرف تقديم اعتذاراته للتونسيين وللضحايا في أي وقت".
كما أشار إلى أن "الجلسات العلنية للجلادين، لم تقرر بعد لأن الأولوية في هذه المرحلة هي للاستماع للضحايا وتقديم شهاداتهم"، معتبراً أن "حضور الجلادين في الجلسات العمومية سيكون وجوبيا لطلب الصلح".
وأضاف "لا يمكن الكشف عن معطيات بخصوص اعتذارات رموز النظام السابق إلا حينما تكون المعلومات جاهزة"، مبينا أن "الجلسات الخاصة بالجلادين ستكون مختلفة وهناك قواعد أخرى من حيث طريقة حماية الضحايا وحضور الجلادين، وتواجد ممثلي أجهزة الدولة الرسمية وآليات كشف الحقيقة".
يشار الى أنه تردد في الأوساط التونسية أن رجل الأعمال سليم شيبوب أبدى استعداده للظهور في جلسات علنية للاعتذار إلى الشعب التونسي، إلى جانب أمين عام التجمع الدستوري الديمقراطي، محمد الغرياني، ووزير البيئة، مهدي مليكة.