وتلقى ممثلو الدول الأوروبية في بروكسل تفاصيل القمة الأوروبية غير الرسمية المنتظرة في سالزبرغ النمساوية خلال شهر سبتمبر/أيلول الحالي، حيث ستتم مناقشة النقاط العالقة مع بريطانيا، مثل الحدود الأيرلندية، إضافة إلى الجدول الزمني الخاص بالـ"بريكست"، ومنح رئيس الوفد الأوروبي المفاوض، ميشيل بارنييه، المزيد من التوجيهات حول الهدف النهائي من المفاوضات.
وينتظر أن تدفع هذه الخطوة المفاوضات إلى الأمام، حيث ستمنح بارنييه السلطة لإتمام الصفقة، خاصة أن الوفد البريطاني لطالما اشتكى من تفسير بارنييه المتشدد للتعليمات التي يمتلكها من قادة الاتحاد، ويعيدون إليه السبب في انسداد طريق المفاوضات.
وتأتي التلميحات الأوروبية الإيجابية بعدما سنّ وزير الخارجية البريطاني السابق بوريس جونسون رماحه، وبدأ برميها باتجاه مقاربة ماي للـ"بريكست"، في مسعى منه لمنافستها على زعامة الحزب، مع اقتراب موعد مؤتمره السنوي. بينما يعزو البعض هجوم جونسون على ماي، إلى محاولته تشتيت الانتباه عن طلاقه من زوجته التي اتهمته بالخيانة.
وهاجم وزير الخارجية السابق في مقال نشرته صحيفة "تليغراف" اليوم الإثنين سياسة رئيسة الوزراء البريطانية، مطالباً إياها بتخفيض الضرائب بعد "بريكست" بهدف ضخّ الطاقة المطلوبة في الاقتصاد البريطاني، بينما كال الانتقاد لوزير المالية فيليب هاموند، الذي يعتبره "من مخربي جهود بريكست"، لرغبة الأخير برفع الضرائب لتوفير المزيد من التمويل للخدمات الصحية الوطنية البريطانية.
وكان جونسون وصف خطة "تشيكرز" في مقال نشرته صحيفة "ميل أون صنداي" يوم أمس بأنها "ذل"، وأن القبول بخطة المساندة التي اقترحها الاتحاد الأوروبي حول الحدود الأيرلندية يعادل "سترة انتحارية" دستورية. وكتب وزير الخارجية البريطاني السابق: "لقد وضعنا أنفسنا في موقف سنتعرض فيه للابتزاز السياسي مستقبلاً. لقد لففنا الدستور البريطاني بسترة ناسفة وسلمنا المفجر لميشيل بارنييه. لقد سلمناه مفتاحاً تستطيع بروكسل من خلاله في أي وقت ضرب وشقّ الاتحاد بين بريطانيا وأيرلندا الشمالية".
إلا أن تصريحات جونسون جلبت إدانات من قبل العديد من زعامات حزب المحافظين. فقد دان زعيم الحزب السابق ووزير العمل والتقاعد الحالي، إيان دنكان سميث، التشبيه الذي استخدمه جونسون، قائلاً "إنها من أكثر اللحظات المثيرة للاشمئزاز في السياسة البريطانية المعاصرة... اعذروني، ولكن هذه هي نهاية بوريس جونسون السياسية. إن لم تكن الآن، فإني سأضمن أنها آتية لاحقاً".
أما زميله، وزير الدولة لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أليستر بيرت، فعلّق على أقوال جونسون بقوله "لا يوجد تبرير لمثل هذا التشبيه المؤذي، غير الملائم، والمثير للغضب. إذا لم نضع حداً لمثل هذه اللغة الاستثنائية حول البريكست، فإن بلدنا قد لا يتعافى أبداً".
أما وزير الداخلية ساجد جاويد، فقال في تصريحات يوم أمس للقناة الأولى لهيئة الإذاعة البريطانية، إن "السياسيين يجب أن يلتزموا دائماً بلغة منضبطة"، معرباً عن اعتقاده بأن "هناك الكثير من الطرق الأخرى التي نستطيع من خلالها التعبير عن اختلافاتنا".
إلا أن زملاء جونسون ومؤيديه اتهموا رئاسة الوزراء بترتيب وتوجيه هذه الحملة ضده، بهدف تحميل تصريحاته أكثر مما تحتمل، إضافة إلى توجيه الأنظار إلى سلوكه الشخصي الذي كان وراء طلاقه، بهدف تقويض سمعته وإزاحته عن الساحة السياسية.
وبينما تستعر حرب التصريحات بين قيادات "المحافظين"، يواجه هذا الحزب خطر الانقسام بعدما أعلن نحو ثمانين من نواب الحزب معارضتهم لـ"خطة تشيكرز"، واستعدادهم للتصويت ضدّها، ما قد يدفع ماي للاعتماد على أصوات المعارضة البرلمانية لتمرير أيّ صفقة تصل إليها مع الاتحاد الأوروبي.
ومع بقاء مئتي يوم على "بريكست"، قال ستيف بيكر، وهو أحد الوزراء المستقيلين على خلفية طرح "خطة تشيكرز" في يوليو/تموز الماضي، إن 80 نائباً عن الحزب يعارضونها، ويجادل مؤيدو "بريكست" بأنها تبقي على بريطانيا قريبة من الاتحاد الأوروبي وتعيق من قدرة بلدهم على شق مستقبله الخاص.
وبينما ينتظر أن تهيمن هذه القضايا على مؤتمر الحزب نهاية الشهر الحالي، حذر بيكر رئيسة الوزراء من اللجوء إلى أصوات المعارضة العمالية لتمرير "خطة تشيكرز"، ما سيقود بحسب رأيه إلى "انقسام كارثي في صفوف الحزب، وهو ما حاولنا جاهدين تجنبه حتى الآن".
وأضاف بيكر: "لقد وصلنا إلى نقطة لا يمكننا معها تخيل كيف باستطاعتنا إنقاذ حزب المحافظين من الانقسام الكارثي، في حال الدفع بخطة تشيكرز إلى الأمام".