بيّن تقرير أعدته ''الجمعية التونسية للحوكمة'' أنّ الولاءات السياسية والحزبية، والاضطرابات السياسية في تونس؛ أعاقت إصلاح المؤسسة الأمنية، وأحدثت انقاسامات في صلب وزارة الداخلية. وأشار التقرير إلى الصعوبات التي تواجهها المؤسسة الأمنية في التعاطي مع أشكال جديدة للجريمة، كتبييض الأموال، والإرهاب، وتجارة السلاح، والتعامل مع التنظيمات الإرهابية، وشبكات التسفير إلى بؤر التوتر.
ودعا التقرير إلى ضرورة التعجيل بالإصلاحات الضرورية، وإشراك الأمنيين في المسار الديمقراطي.
وفي هذا السياق، قال رئيس الجمعية التونسية للحوكمة، معز الجودي، لـ"العربي الجديد" إنّ التقرير الذي أعدته الجمعية، ركّز على المنظومة الأمنية في تونس، وسبل تطويرها للقيام بالإصلاحات الضرورية، مبيّنا أن الحوكمة تعني الرقابة وتوزيع الأدوار لتحقيق نتائج أفضل.
وأوضح أن التقرير كشف عن تشعب المنظومة الأمنية، وأن هناك العديد من الأطراف المتدخلة، وتضاربا بالمصالح، معتبراً أن غياب استراتيجية واضحة حول المنظومة الأمنية، من شأنه أن يعطل الإصلاحات الضرورية.
وأفاد بأن تسييس المنظومة الأمنية والولاءات الحزبية والسياسية والتي برزت بصفة واضحة بعد الثورة، عمقت الحسابات السياسية، وكرست التفرقة بين الأطراف الفاعلة، ما يجعل المنظومة لا تعمل كما ينبغي.
وحذّر التقرير، الذي أعده عدد من الخبراء والمختصين، من تواصل وجود الفساد في المنظومة الأمنية، ومن بعض الممارسات السلبية رغم المجهودات المبذولة للإصلاح.
ودعا إلى ضرورة إدخال إصلاحات جذرية على التنظيم الهيكلي للأجهزة الأمنية بتونس، وتلافي النقائص المسجلة، على غرار ضعف الإمكانات البشرية والمادية، والتداخل في المصالح والمشمولات، مبيّناً أن فرقتي مكافحة الإرهاب موجودة لدى الشرطة والحرس الوطني (الدرك)، وقطب مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، وبالتالي فإن هذا التداخل من شأنه أن يعيق الأداء.
واعتبر التقرير أيضاً، أن تشتت النقابات وانقسامها ووقوعها في لعبة المصالح والحسابات الضيقة؛ أدى إلى انحرافها عن أهدافها، الأمر الذي أفقد العمل النقابي مصداقيته، فقد أصبح رجل الأمن أداة في يد الأحزاب الحاكمة.
وقال الكاتب العام لقوات الأمن الداخلي، رياض الرزقي، لـ"العربي الجديد" إنه طالما أن أغلب الهياكل مشتتة؛ فإنه لا يمكن الحديث عن تنسيق في العمل الأمني، وسيغيب الوضوح في تناقل المعلومات، داعيا إلى وحدة القيادة.
ورأى أنّ من أبرز مطالبهم تحييد المؤسسة الأمنية، وإبعادها عن التجاذبات السياسية، معتبرا أن السياسيين ينظرون إلى وزارة الداخلية بمعيار انتخابي، مشيراً إلى أن هذا التدخل يبرز في التعيينات، فلا توجد إرادة واضحة لتحييد وزارة الداخلية، ومراجعة المنظومة ككل.
وأضاف الكاتب العام لقوات الأمن الداخلي، أنه لا بد من مراجعة شاملة لطريقة العمل، والانتشار الأمني، لأن العمل وفق الطريقة القديمة والتي تتم مراجعتها منذ عدة أعوام لن يغير من واقع المنظومة الأمنية في تونس. كما لفت إلى أنه لا بد من استراتيجية جديدة، خاصة وأن نوعية الجريمة تغيرت وتطورت، ولا بد من مواكبة عديد المستجدات بعيداً عن العناوين الفضفاضة التي تدّعي الإصلاح والتطوير.
وشدد على أنّه ينبغي العمل على العقيدة الأمنية، وعلى وضع القانون الأساسي، وعندها يمكن الحديث عن إصلاحات جذرية، مبيّنا أن الفساد كالرشوة والمحسوبية نقاط سلبية أخرى، تنخر القطاع، لكنها تبقى حالات معزولة وفردية، لأن التقارير أثبتت النجاحات المحققة في المجال الأمني، ورفض رشاوى بالمليارات.
وأشار إلى أنّه سبق أن تمت الدعوة إلى توحيد النقابات الأمنية، مبيّناً أن هناك العديد من الأطراف السياسية التي تستفيد من هذا التشتت، من أجل التفاوض مع الجهات التي تناسبها، وخاصة أن توحيد النقابات لن يخدم مصالح البعض.