وبلغت الحصيلة النهائية لضحايا الاحتجاجات في الجنوب العراقي 18 قتيلاً، بينهم ثلاثة فتيان، عدا عن إصابة ما لا يقل عن 650 آخرين، نصفهم من قوات الأمن، فيما بلغ عدد المعتقلين قرابة الألف ناشط، أُطلق سراح أغلبهم، وقدموا شكاوى بتعرضهم للتعذيب والضرب من قبل قوات الأمن في مراكز احتجاز جنوب البلاد.
وأعرب المرجع الديني علي السيستاني عن تأييده للتظاهرات، مطالباً الحكومة بتنفيذ مطالب المتظاهرين، محذراً في الوقت نفسه من خروج الأمور عن السيطرة.
وإلى غاية أمس الإثنين، بلغ مجموع ما خصصته الحكومة العراقية لمحافظات جنوب العراق الـ 9 نحو 5 مليارات دولار، قالت إنها لإكمال مشاريع متوقفة وإطلاق أخرى جديدة، تتعلق بالخدمات، فضلاً عن توفير نحو 40 ألف فرصة عمل يؤكد مسؤولون محليون في تلك المحافظات أنها وعود لم تتحقق حتى الآن على أرض الواقع، وأنها فقط "بيانات معلنة"، ولا يوجد أي تقدم في ملف الكهرباء أو الماء أو البطالة التي رفعت بدورها مستوى الفقر في جنوب العراق إلى مستويات قياسية لم يعرفها العراقيون منذ مطلع القرن الماضي إبان الاحتلال البريطاني.
وفي هذا الإطار، قال مسؤول بالأمانة العامة لمجلس الوزراء العراقي، لـ"العربي الجديد"، إنه "من المستحيل أن تتمكن الحكومة من توفير الكهرباء والماء بشكل مستمر واعتيادي خلال عامين من الآن، هذا في حال بدأت مشاريع حقيقية في بنى الطاقة التحتية"، مضيفاً أن "نحو 40 ألف درجة وظيفة وعقد دائم ومؤقت لا تحل المشكلة، كون عدد العاطلين المسجلين بالجنوب وحده أكثر من نصف مليون شخص، غالبيتهم حملة شهادات".
وأكد المسؤول ذاته أن "الحكومة تحاول تهدئة الشارع الآن بفتح ملفات فساد بعد عجز توفير الحد الأدنى من الخدمات"، مضيفاً أن إعلان رئيس الحكومة، حيدر العبادي، عن إحالة وزراء ومسؤولين للقضاء يأتي ضمن مساعي امتصاص غضب الشارع الجنوبي.
في غضون ذلك، صوت مجلس محافظة المثنى، اليوم الثلاثاء، على إقالة مدير الكهرباء في المحافظة غالب الياسري، على خلفية الاحتجاجات المتواصلة بسبب تردي خدمة تزويد الطاقة الكهربائية.
وقال نائب رئيس مجلس محافظة المثنى، حارث لهمود، إن قرار إقالة المسؤول عن الكهرباء في المحافظة اتخذ بالأغلبية المطلقة، مبيناً، خلال تصريح صحفي، أن 15 عضواً بالمجلس صوتوا على الإقالة.
ووفقاً لعضو في تنسيقيات الاحتجاجات بالمحافظة، فإن هذا الإجراء لا يمكن أن يكون كافياً للحد من استمرار التظاهرات والاعتصامات في المثنى، مضيفاً، لـ "العربي الجديد"، أن مشكلة المحتجين ليست مع الأشخاص أو الموظفين، ولا حتى وزراء الدولة العراقية، مبيناً أن الأزمة تكمن في غياب التيار الكهربائي عن المثنى.
وأضاف الناشط في احتجاجات المثنى: "تعد الكهرباء واحدة من مشاكل عدة تعاني منها المثنى"، مشيراً إلى وجود نقص كبير في جميع سبل الحياة هناك، فضلاً عن تدني المستوى المعاشي، وغياب فرص التعيين".
وتابع: "اليوم دخل اعتصام المثنى يومه العاشر"، موضحاً أن اللجان التنسيقية قررت البقاء في الشوارع والساحات حتى تحقيق جميع المطالب، موضحاً أن "التنسيق أصبح كبيراً من متظاهري ومعتصمي المحافظات الجنوبية"، مؤكداً أن "الاستمرار في الاحتجاجات السلمية سيجبر الحكومات، سواء الحالية أم المقبلة، على الاستجابة للحاجات الشعبية المشروعة".
وفي البصرة، واصل عشرات العراقيين اعتصامهم أمام حقل القرنة (1) شمال المحافظة.
وقال أحد منسقي الاحتجاجات، ويدعى فاضل المنصوري، إن استمرار تجاهل السلطات العراقية لمطالب المحتجين سيدفع المعتصمين إلى تصعيد طبيعة احتجاجاتهم، مشيراً، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى وجود آراء داخل أوساط المتظاهرين تدعو إلى قطع طرق حقول وشركات النفط بشكل نهائي إلى حين الاستجابة الكاملة للمطالب.
وتابع أن "الحركة الاحتجاجية كانت وما زالت وستبقى ملتزمة بالسلمية"، مبيناً أن التظاهرات والاعتصامات وصلت إلى "مرحلة اللا عودة"، مضيفاً "لن نتراجع قبل أن نحصل على جميع حقوقنا".
وألقى محافظ ميسان (جنوباً) علي دواي باللائمة على الحكومة الاتحادية في بغداد في مسألة تأخر الاستجابة لمطالب المتظاهرين، مؤكداً، خلال مقابلة متلفزة، أن محافظته تحتاج 500 مليار دينار عراقي (ما يعادل 400 مليون دولار أميركي) لإنجاز جميع المشاريع المتوقفة والمتعثرة في محافظة ميسان.