دعا زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، اليوم السبت، أنصاره، للانسحاب "التكتيكي" من ساحة التحرير وسط بغداد حتى إشعار آخر، متهماً جهات مجهولة باستخدام القوة المفرطة ضد المتظاهرين، فيما أكد مسؤولون محليون وقيادات أمنية "مقتل وإصابة العشرات في الاشتباكات التي وقعت اليوم بين القوى الأمنية والمتظاهرين".
وطالب الصدر الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بالتدخل الفوري لإنقاذ المتظاهرين، متوعداً في بيانٍ بـ"الرد القوي" في المرة المقبلة، مشيراً إلى أن "الثوار لن يتركوا دماء "الشهداء" تذهب سدى".
وأضاف "بعض الجهات المجهولة استعملت القوة المفرطة ضد المتظاهرين العزل، فعلى الأمم المتحدة والمؤسسات الحقوقية التدخل فوراً لإنقاذ المتظاهرين"، محمّلاً رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، والذي يقول إنه يناصر الإصلاح مسؤولية ما يجري.
ولفت إلى أن "الانسحاب جاء حفاظاً على دماء الأبرياء، وإنقاذها من أيدي الإرهاب الحكومي".
بدوره، قال محافظ بغداد، علي التميمي، في تصريحٍ صحافي، اليوم السبت، إن أربعة متظاهرين قتلوا وأصيب أكثر من 300 آخرين خلال اشتباكات مع قوات الأمن العراقية.
ودعا التميمي، وهو قيادي في "التيار الصدري"، رئيس الوزراء إلى محاسبة المتورطين بالاعتداء على المتظاهرين.
في المقابل، أكدت قيادة عمليات الجيش في بغداد، اليوم السبت، مقتل وإصابة ثمانية من عناصرها خلال اشتباكات مع متظاهرين، موضحةً في بيان أنها "عثرت على أسلحة وسكاكين لدى بعض المحتجين".
وأضافت "نعلن للشعب العراقي عن قيامنا بواجبنا الدستوري والقانوني، بتأمين حماية التظاهرات، ومنها تظاهرة اليوم السبت"، مشيرةً إلى أنها "تقوم بمهامها التي تمثلت في حفظ الأمن والنظام وحماية المواطنين والأموال العامة والخاصة".
كذلك لفتت في بيانها إلى أن تحرك المتظاهرين خارج المناطق المسموح بها تسبب باحتكاك مع القوات الأمنية، ما أدى إلى مقتل عنصر أمن وإصابة سبعة آخرين، داعية المتظاهرين إلى الالتزام بالنظام والقانون والحذر من المندسين والمشبوهين.
وفي سياق متصل، اعتقلت قوات عراقية صحافيين كانوا يغطون التظاهرات التي حاولت الوصول إلى المنطقة الخضراء الحكومية.
وذكرت فضائية "دجلة" العراقية أن قوة أمنية اعتقلت كادرها الذي كان ينقل صوراً حية للتظاهرات والاشتباكات التي حدثت مع القوات الأمنية، مؤكدة أن عناصر الأمن حطموا أجهزة البث المباشر التابعة للقناة.
وكان قد زحف آلاف المتظاهرين، من أتباع التيار الصدري، اليوم السبت، نحو المنطقة الخضراء وسط بغداد، رافعين شعارات للمطالبة بحل مفوضية الانتخابات، في حين ردّت عليهم قوات مكافحة الشغب بالغاز المسيل للدموع محاولة تفريقهم واشتبكت معهم بالأيدي.
وأصدر زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، بياناً، ظهر اليوم، ألقي بالنيابة عنه بمكبرات الصوت في ساحة التحرير، خاطب فيه المتظاهرين الذين احتشدوا في الساحة، قائلاً "إذا شئتم الاقتراب من المنطقة الخضراء لإثبات مطالبكم وإسماعها لمن هو داخل المنطقة الأسوار بتغيير المفوضية وقانونها حتى غروب شمس اليوم، وخيارنا سلمي حتى تحقيق المطالب، وإياكم دخول المنطقة الخضراء هذا اليوم".
ورأى الصدر أن "على العبادي تنفيذ مطالب المتظاهرين وتحقيق الإصلاح الفوري والاستماع لصوت الشعب، وإلّا فإنّ الانتخابات القادمة لن تبقي لهم من باقية".
وعقب بيان الصدر، اندفعت جموع المتظاهرين نحو المنطقة الخضراء من ساحة التحرير، واصطدموا بقوات مكافحة الشغب على جسر الجمهورية، والتي كانت تشكل حاجزاً بشرياً بوجههم، الأمر الذي دفع القوات إلى مواجهتهم بالغاز المسيل للدموع لأجل تفريقهم، كما ضربت العديد منهم بالعصي والهراوات.
وعلى الرغم من ذلك ما زال الآلاف من المتظاهرين يندفعون باتجاه المنطقة الخضراء، على الرغم من وجود الحواجز الكونكريتية والقوات الأمنية التي تحاول منعهم.
وهدّد مكتب الصدر، بـ"خطوات تصعيدية في حال عدم الاستجابة لمطالب المتظاهرين"، وقال مدير المكتب إبراهيم الجابري في تصريح صحافي، إنّ "التظاهرات التي خرجت صباح اليوم من قبل أهالي بغداد والمحافظات في ساحة التحرير ستبقى سلمية".
وأكد أنّ "هناك خطوات تصعيدية سنتخذها تباعاً في حال عدم الاستجابة لمطالبنا في تغيير مفوضية الانتخابات"، مبيناً أنّ "تلك الخطوات لا ترقى إلى الاعتصام".
وكان رئيس الحكومة حيدر العبادي قد أكد "حق التظاهر السلمي والحرص على حياة المتظاهرين وسلامة وأمن المواطنين والأملاك العامة والخاصة"، ودعا العبادي في بيان أصدره قبل ظهر اليوم، المتظاهرين إلى "الالتزام بالقانون والنظام العام، في وقت تخوض فيه قواتنا معارك الشرف والفداء لتحرير مدننا من بطش "داعش"".
إلى ذلك، اتخذت القوات الأمنية إجراءات مشدّدة، منذ أمس الجمعة، وقطعت أغلب الطرق ونشرت الآلاف من عناصرها في محيط المنطقة الخضراء وبواباتها، وفي ساحة التحرير، بينما تحلق المروحيات فوق المنطقة الخضراء لتأمينها.